الوقفة الاحتجاجية التي شهدها شارع باب بنات بالعاصمة صباح أمس الخميس كانت في ظاهرها- وحسب بعض الشعارات التي كادت تبح بها حناجر الشباب المستنكر والغاضب - تحمل دعوة لإطلاق سراح سامي الفهري الذي اصدر في شانه وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب إذنا لمدير السجن المدني بالمرناقية مفاده انه يأذن له بإطلاق سراح السجين سامي بن محمد علي الفهري وذلك بناء على صدور القرار التعقيبي عدد 7212 بتاريخ 28 نوفمبر 2012 القاضي بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة ما لم يكن موقوفا في قضية أخرى. ولكن الحقيقة ان الدافع الأساسي لأغلب الذين قدموا أفرادا وجماعات ووقفوا أمام وزارة العدل بباب بنات من رموز المجتمع المدني وإعلاميين وفنانين ونواب في المجلس الوطني التأسيسي وقضاة ومحامين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والتيارات الفكرية التي يروجون لها هو الوقوف بحزم للمطالبة باستقلالية القضاء وتنفيذ القانون وخاصة الإذن الصادر بالبرقية التي وقعها وكيل الدولة العام. صحيح أن سامي الفهري من المتهمين في قضية فساد وصحيح ان البعض من أعضاء الترويكا الذين ورد ذكرهم في"القلابس" التي بثتها قناة التونسية في شهر رمضان قد يكونوا غضبوا منه ويريدون المحاسبة ولكن العدالة تأخذ مجراها بالنسبة للتهمة الأولى حيث يتم التحقيق فيها مع سامي الفهري أولا بأول ولا احد يعترض بما في ذلك هو اذ لم نسمع انه تخلف في يوم عن استدعاء او رفض التحقيق معه وبالنسبة للغاضبين من "القلابس" في برنامج "اللوجيك السياسي" فالمحاسبة ممكنة حسب ما يسمح به القانون إذا سلمنا بأنها تهمة طبعا. ولكن وحسب ما شاهدناه صباح أمس وحسب ما صرح بعض من توافدوا وشاركوا في الوقفة الاحتجاجية لم يبق من قضية سامي الفهري في ذهن الناس بما في ذلك المواطن العادي إلا إشكالية عدم تنفيذ القانون ومحالات الهيمنة على القضاء والتأثير على استقلالية قراره ورفض النيابة العمومية تنفيذ القرار التعقيبي والتراجع عن تنفيذه وهو ما جعل سامي الفهري مظلوما في نظر الكل كيف لا وقد بقي سجينا رغم قرار إطلاق السراح. وبقطع النظر عن قضية سامي الفهري نقول ان اغلب من شاركوا في الوقفة الاحتجاجية على الأقل الذين قد تعرّضهم ممارستهم لمهنتهم لمثل ما تعرض له سامي عبروا عن خوفهم من مصير مماثل ومن ان يعجز القضاء مستقبلا على على إنصافهم إن تعرضوا لمظالم مهما كان نوعها. لذا فإننا لا نرى مخرجا من هذا المأزق إلا بتطبيق القانون وإنقاذ سمعة ثورة قامت ضد الظلم والاستبداد واستغلال النفوذ من محاولات المساس من هيبة القضاء واستقلاليته.