بقلوب كثيرة الخشوع وعيون دامعة وارت أول أمس الساحة الرياضية مصابها الجلل لسعد الورتاني التراب ..رحم الله الفقيد الذي استعرنا كل انغام الناي الحزين فلم نكد نعبّر عن حجم حزن عشاقه واصدقائه وعائلته والساحة الرياضية ككل.. رحل «الزقو» وترك لوعة كبيرة للجميع وللتوأم زهرة وشاذلية (على اسمي جدتيهما) توأمان لا يتجاوز عمرهما 4 اشهر ومالك المولود في 27 جوان 2010 الذي لا يكاد تفارقه الوان النادي الافريقي فحتى غرفته كلها شعارات وألوان القلعة الحمراء. رحل لسعد عن سن تناهز 32 عاما و8 أشهر وترك وراءه مسؤولية جسيمة لزوجته مريم ورصيدا كبيرا من حبّ الناس كوّنه بدماثة أخلاقه وسيرته النقية. لسعد صديق الجميع.. كبيرا وصغيرا..شيبا وشبابا ومحبوب الجماهير الرياضية فقد مرّ على عدة أندية.. شبيبة القيروان.. فالملعب التونسي ثم النادي الافريقي وترجّي جرجيس.. وكان حيثما مرّ الا وحظي بحب الناس واحترام الجميع.. كان التحق بعالم التدريب مع صهره جلال القادري في السعودية اين يدرّبان فريق «النهضة» وأمله الاوحد العودة يوما ما للتدريب في النادي الافريقي حتى في أكادميته أو أحد أصناف الشبان.. لكن الموت كان أسرع ولم يمهل الورتاني بطل منتخب 2001 جنازته حضرها الآلاف.. شيّعته أعداد ضاقت بها طرقات وأنهج العاصمة.. هذا يكبّر وذاك يطلب له رحمة ومغفرة وجماهير الافريقي تنادي «بالروح بالدم نفديك يا ورتاني».. كيف لا وهو أحد صانعي الربيع وقائد جنود الجنرال عبد الحق بن شيخة . ولمن لا يعرف الورتاني نقول، لسعد من فرط حبه للنادي الافريقي تنازل عن اموال هامّة من مستحقاته المتخلدة بذمّة النادي يوم انتهت رحلته معه.. برمج منذ أسبوعين العودة الى تونس لتقضية بضعة أيام قرب العائلة بعد أن مل الغربة واشتاق كثيرا لابنه «مالك» وحلّ بتونس يوم الخميس الماضي على الساعة منتصف النهار و35 دقيقة أين وجد في انتظاره زوجته وشقيقتها (حرم كمال زعيم) وصديقه «مختار» عادوا الى البيت ثم خرج لملاقاة الأحباب والأصدقاء.. الورتاني جاب يومها كامل أرجاء حي النصر أين تبادل التحية مع كل من يعرفهم وكانت عبارة واحدة لا تفارق لسانه «توحشتكم برشة».. هاتف كل من لم يستطع رؤيتهم سأل عن الأهل والأقارب وكان يحاول استغلال كل لحظة للتجول وملاقاة الناس وكأن ساعة المنية تناديه.. تجوّل في عديد الأماكن ثم توجّه على السّاعة الواحدة ليلا الى مركب النادي الافريقي تبادل التحية مع الحارس ثم التقط صورة اخيرة.. في الصباح الباكر من يوم الجمعة رافق صديقين له للمطار احدهما كان مسافرا ثم عاد أدراجه نحو البيت لكن لقي حتفه في حي النصر بعد ان فقد القدرة على التحكم في السيارة واصطدم بحافلة نقل اشخاص ولم يحقق شيئا ممّا برمجه للاشهر المقبلة. لسعد أصرّ على العودة لتونس للاطمئنان على عائلته وحصل على رخصة ب6 أيام من فريقه.. وكان برمج ان يؤدّي فريضة الحج ّمع زوجته كما كان يفكر في الاستقرار بالسعودية بعد صعود فريقه «النهضة» للدّوري الممتاز حيث قال لكل المقرّبين منه انه لم يعد يقدر على الابتعاد عن العائلة ولا ايضا ترك زوجته تشرف على تربية ثلاثة أبناء لوحدها رغم إدراكه بأن عائلته تقف الى جانبها وتحيط بها اثناء غيابه.. رحم الله الفقيد وألهم عائلته جميل الصّبر والسّلوان...