تسارع الأحداث الأمنية مؤخرا في تونس وفي محيطها الإقليمي سيكون له بالغ الأثر على القطاع السياحي الذي مازال يتحسس طريقه لتجاوز أزمته منذ ما بعد الثورة وإلى اليوم. وقد تحول دون نجاح الموسم السياحي الحالي في العودة إلى مؤشرات2010 كما كان يأمل القائمون على القطاع. وتؤكد آخر المعطيات الإحصائية أن بداية السنة الجارية لم تحمل في طياتها بوادر تحسن للمؤشرات السياحية حيث سجلت أغلب الأسواق تراجعا في عدد السياح الوافدين من الأسواق الأوربية وبلغت نسب التراجع خلال العشرة أيام الأولى من جانفي الجاري حوالي12 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة وحدد التراجع بأكثر من36 بالمائة مقارنة بنتائج الفترة ذاتها من سنة2010. وبلغت نسب تراجع توافد السياح الفرنسيين مع بداية السنة الجارية أكثر من22 بالمائة في حين تراجعت السوق الألمانية بأكثر من24 بالمائة والسوقين الأنقليزية والإيطالية بحوالي2 بالمائة. من جهة أخرى عرفت أيضا السوق المغاربية تراجعا هاما كان في حدود20 بالمائة إلى حدود10 جانفي الجاري ورغم تزايد عدد السياح الجزائريين بحوالي29 بالمائة إلا أن ما يلاحظ أن نسب توافد السياح الليبيين تراجعت بأكثر من 33 بالمائة مع بداية السنة الحالية. مخاوف أمنية وتزداد مخاوف المهنيين في القطاع السياحي من تفاقم نسب تراجع توافد السياح من الأسواق الإستراتيجية للسياحة التونسية على غرار السوق الفرنسية والليبية بسبب الأحداث الأمنية الأخيرة داخليا وعلى الحدود الغربية والشرقية وفي ظل ما يخيم على المنطقة برمتها بعد انطلاق العمليات العسكرية في مالي والتي بدأت آثارها تهدد تونس وستكون لها دون شك انعكاسات سلبية على السياحة التونسية. وتجدر الإشارة إلى أن حادثة حجز الرهائن الأجانب في الجزائر أثرت على الوضع في تونس بعد أن دعت سفارة فرنسابتونس رعاياها إلى "اليقظة" بسبب التدخل ضدّ المسلحين الإسلاميين في مالي، ونصحت بعدم التوجه إلى المناطق الصحراوية الجنوبية. ومع اتساع دائرة المشاركين في التدخل العسكري في مالي ستتجه الكثير من الدول المشاركة إلى اتخاذ الإحتياطات اللازمة لحماية مواطنيها من الاستهداف من قبل المجموعات الإرهابية وقد تتسع دائرة المحذرين من السفر إلى تونس وإلى مناطق سياحية معينة في الوجهة التونسية. من جهة أخرى ستلقي حادثة حجز كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة في جنوب البلاد بظلالها على القطاع السياحي. وأكدت "للصباح" بعض المصادر السياحية من الجنوبالتونسي أنه تم الترفيع من درجة اليقظة في الوحدات السياحية وتحسيس المشرفين عليها تحسبا لأي طارئ من جهتها أيضا رفعت الداخلية التونسية من يقظتها في حماية المنشآت الأجنبية في تونس. مستجدات خطيرة وكل هذه المستجدات على أهميتها قد لا تنجح في بعث رسائل طمأنة إلى الأسواق السياحية لتشجيعهم على القدوم إلى تونس أو برمجة الوجهة السياحية التونسية في حجوزات الموسم الصيفي والكل يعلم أن التحضيرات لموسم الذروة تتم في هذه الفترة من السنة. وبالإضافة إلى تداعيات الحرب في مالي فإن بعض الأحداث الأمنية الأخيرة في تونس ساهمت بشكل كبير في تدني صورة تونس في الخارج وسيكون لذلك أثر عميق على المستوى السياحي من ذلك حادثة حرق مقام سيدي بوسعيد الباجي الذي دفع المديرة العامة لليونسكو في بيان لها إلى إدانة الحادثة واعتبرها لا تمس فقط من التراث الروحي والتاريخي لتونس بل كذلك تمس من قيم التسامح ومن احترام المجتمع التونسي لكل المعتقدات والاختلاف الثقافي. ويؤكد المهنيون في القطاع السياحي أن مثل هذه الحوادث لا تخدم صورة الوجهة السياحية التونسية التي اعتمدت دائما على تسويق صورة بلد التسامح وتعاقب الحضارات والانفتاح وهو عامل أساسي إلى جانب بقية المؤهلات التي جعلت من تونس مقصدا للسياح. ويقدر المهنيون أن تواصل الوضع على ما هو عليه سيخدم وجهات سياحية منافسة على غرار تركيا والمغرب.