الخارجية الألمانية.. هجمات المستوطنين على مساعدات غزة وصمة عار    اكتشاف جديد قد يحل لغز بناء الأهرامات المصرية    رسميا.. سلوت يعلن توليه تدريب ليفربول خلفا لكلوب    قيس سعيد يُعجّل بتنقيح الفصل 411 المتعلق بأحكام الشيك دون رصيد.    سعيّد يأذن بتنقيح فصولا من المجلة التجارية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    تأجيل قضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي    أب يرمي أولاده الأربعة في الشارع والأم ترفضهم    خلال لقائها ببودربالة...رئيسة مكتب مجلس أوروبا تقدّم برنامج تعاون لمكافحة الفساد    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    عاجل/ احتجاجات ليلية وحرق للعجلات في هذه الولاية..    وزير الفلاحة: المحتكرون وراء غلاء أسعار أضاحي العيد    دقاش: افتتاح فعاليات مهرجان تريتونيس الدولي الدورة 6    الديوانة تحجز سلعا مهربة فاقت قيمتها ال400 مليون    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده    خلال نصف ساعة.. نفاد تذاكر مباراة الأهلي والترجي في «نهائي إفريقيا»    Titre    الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية: نسبة النفاذ للأدوية الجنيسة والبدائل الحيوية في تونس تناهز 55 %    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    القبض على عنصر إجرامي خطير مفتش عنه دوليا في هذه المنطقة    حاولوا سرقة متحف الحبيب بورقيبة الأثري...القبض على 5 متورطين    الكاف: مهرجان ميو يحتفي بفلسطين    عاجل/ بطاقة إيداع بالسجن ضد سعدية مصباح    وزارة الفلاحة تدعو الفلاحيين الى القيام بالمداواة الوقائية ضد مرض "الميلديو" باستعمال أحد المبيدات الفطرية المرخص بها    القيروان انقاذ طفل سقط في بئر    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    تقريرنقابة الصحفيين: ارتفاع وتيرة الاعتداءات على الصّحفيين في شهر أفريل    كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار – مدير عام معهد الإحصاء    القيروان: الاحتفاظ ب 8 أشخاص من دول افريقيا جنوب الصحراء دون وثائق ثبوت هويّة ويعملون بشركة فلاحيّة    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    إتحاد الفلاحة: المعدل العام لسعر الأضاحي سيكون بين 800د و1200د.    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    سوسة: وفاة شاب غرقا وانقاذ شابين اخرين    بن عروس: اندلاع حريق بمستودع    حجز 900 قرص مخدر نوع "ايريكا"..    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    فرنسا: الشرطة تقتل مسلحا حاول إضرام النار بكنيس يهودي    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف: الدخول للمتاحف والمواقع والمعالم الأثرية مجانا للتونسيين والأجانب المقيمين بتونس    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسات تسعى ل"سلعنة التعليم" ومجتمع مادي يبحث عن الاستثراء من خلال الدروس الخصوصية
أسباب تدهور منظومة التعليم

- تحقيق: لمياء الشريف - من بين انتظارات المواطن التونسي بعد الثورة تحقيق إصلاحات في منظومة التربية والتعليم وتخليصها من شوائبها كطغيان الطابع المادي عليها والذي تجسمه ظاهرة الدروس الخصوصية عموما،
لكن بقي الحال كما هو عليه ومازاد الطين بلة الإضرابات التي قام بها الأساتذة في شهر جانفي الماضي التي قوبلت بامتعاض الاولياء لاعتقادهم بأنه أمر يمكن أن يضرّ بأبنائهم وبنتائجهم المدرسية.
كما شهدت منظومة التعليم في تونس توجّها نحو الخوصصة بعد أن كان التعليم العمومي أنموذجا يحتذى به في العالم حيث برز التعليم الخاص من مجرّد قطاع لانتشال الفاشلين في التعليم العمومي لكي يصبح قطاعا يجمع النخبة منذ السنوات الأولى خاصة بعد أن شهد التعليم العمومي بعض التجارب الارتجالية التي لم تراع فيها إمكانيات وحاجيات التطور في البلاد.
فما هو مصير منظومة التعليم في تونس وما هي الإصلاحات والحلول اللازمة للنهوض بهذا القطاع؟ وهل أن تهافت الأولياء على التعليم الخاص وإعراضهم الطوعي عن التعليم العمومي المجاني يمثل هروبا من منظومة تعليم متدهورة وهل من شأن التعليم الخاص فعلا أن يحسن مستوى التلميذ؟
فسّر بعض المواطنين ل"الصباح" أن إعراضهم عن التعليم العمومي المجاني واختيارهم للتعليم الخاص ذي التكلفة المرتفعة يعود إلى اقتناعهم بان له مردودية أفضل ونتائج أحسن في حين رأى البعض الآخر أن لجوء بعض الأولياء إلى التعليم الخاص ليس إلا مظهرا من مظاهر التباهي مؤكدين عدم وجود فرق بينه وبين التعليم العمومي رغم إجماعهم على تدهور المنظومة التربوية في عمومها ووجوب الإسراع بإيجاد حلول جذرية.
قالت السيدة هاجر بالطيب (فنانة تشكيلية) إن مؤسسات التعليم الخاص اليوم أصبحت تعتمد طريقة تدريس تلائم ظروف الأولياء عموما وتراعي التزاماتهم المهنية حيث أنها تتكفل باحتضان التلميذ كامل اليوم وتوفر له الأكل وظروف المراجعة. وهو ما يجعلها كولية لتلميذ تقبل بدفع جزء مهم من راتبها مقابل الحصول على نتائج ايجابية.
وقالت السيدة (أسماء) إن اختيارها للتعليم الخاص لا يعود فقط إلى تدهور المنظومة التعليمية العمومية بل لان التعليم الخاص إلى جانب ثراء التكوين الذي يوفره للتلميذ فانه لا يفرض عليه الدروس الخصوصية التي أصبحت شبه إلزامية في التعليم العمومي.
واعتبر عادل (أستاذ عربية) أن هروب الأولياء إلى التعليم الخاص مرده اقتناعهم بان التعليم الحكومي لم يعد يتحرك أو ينشط كمؤسسة بل أصبح يعاني من التسيب وعدم الانضباط إضافة إلى التأخر العلمي والمعرفي في تكوين التلميذ. وارجع هذا التدهور إلى غياب برنامج حقيقي من شانه أن يؤطر التلاميذ ويقدم لهم معرفة ترتقي بمستواهم وتعدّهم لتعليم ثانوي وجامعي، كما رأى ان اقتصار الوزارة على إصلاحات ترقيعية تلفيقية أرهق حسب رأيه التعليم على امتداد 30 سنة لأنها لم تكن إصلاحات جذرية وهو ما جعل منظومة التعليم مهتزة سواء كان حكوميا أو خاصا. كما لاحظ أن انتدابات الأساتذة والمعلمين تتمّ عن طريق المحاباة ولذلك فنسبة منهم لا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة ولا بالتأطير البيداغوجي.
وأشارت نبيلة كراي (استاذة) إلى أن التوجه الى التعليم الخاص لا يعود في الواقع الى تدني المنظومة العمومية فالأسرة التونسية لم تعد تستطيع الإحاطة بالتلميذ نتيجة خروج المرأة للعمل والتعليم الخاص يمكن ان يوفر هذه الإحاطة الغائبة في الأسرة.
التعليم الخاص لا يعكس مستوى التلميذ الحقيقي
من ناحية أخرى رأى عبد الله سفوري (موظف) أن التعليم الخاص لا يعكس مستوى التلميذ الحقيقي وقال إن التونسي تسكنه عقدة التباهي ومحاكاة الغير ولجوء المواطن للتعليم الخاص حسب رأيه ليس إلا مظهرا من مظاهر التباهي لا غير خاصة وان النتائج هي نفسها سواء في التعليم الخاص أو التعليم العمومي، ورأى أن التعليم الخاص يمنح التلاميذ أعدادا مضخمة لا تعكس مستواهم الحقيقي وهذه المغالطة يمكن أن تفسر تدهور مستوى التعليم كما يمكنها أن تؤثر على التعليم ككل. وطالب رجال التعليم بمواكبة البرامج التعليمية والمتابعة والرسكلة والوزارة بتكثيف الرقابة وعدم تهميش القطاع الذي يمثل العامل الأساسي في صنع شخصية الجيل الجديد وتكوينه فكريا حتى يكون قادرا على تحمل المسؤولية.
وأشارت السيدة ليلى بلعيد (معلمة) انه لا فرق بين التعليم الخاص والتعليم المجاني من حيث القيمة المعرفية لكن الفرق يكمن أساسا في نوعية الخدمة المقدمة التي تجعل الولي يفضل أحيانا التعليم الخاص على العمومي.
وأكدت على ضرورة متابعة الولي للتلميذ لضمان نجاحه فالأستاذ في التعليم العمومي لا يمكنه أن يقوم بكل الأدوار، وهذا هو الفرق حسب رأيها بين التعليم العمومي والتعليم الخاص ففي التعليم العمومي يكون الوليّ مجبرا للجوء إلى الدروس الخصوصية بينما يكون الأستاذ في التعليم الخاص مجبرا على إيصال المعلومة لان هناك محاسبة.
المدرّس جزء من مجتمع.. مريض
اعتبر عبد الحميد العبيدي "أستاذ جامعي مختص في علم الاجتماع التربوي" أن توجه الأولياء إلى التعليم الخاص ليس بجديد وهو نتيجة انعدام الثقة في التعليم العمومي وترهل المنظومة التربوية بصفة عامة وعلى جميع المستويات.
وقال إن طغيان الجانب المادي في القطاع هو سبب من أسباب تدهور المنظومة التعليمية والذي يتجلى من خلال الدروس الخصوصية ولاحظ ان هذه الظاهرة بدأت بصفة فردية هامشية لتصبح ظاهرة عامة متفشية حتى أنها باتت شبه مفروضة في المدارس داخل المدن يتقاسم عائداتها المدرسون والمدير.
وأضاف أن هذه الممارسات رسخت قناعة لدى الأولياء بان الدرس الخصوصي هو ضروري ولم يعد مجرّد اختيار للطالب الضعيف ذي الأعداد الهزيلة. وقال بأن تفشي هذه الظاهرة لا يعكس تحسن مستوى التلميذ بقدر ما يعكس حرص مدرسين غلب عليهم اليوم الهاجس الماديّ وأصبحوا يبحثون عن الاستثراء العاجل أو عن راتب مواز للراتب الرسمي بفضل هذه الظاهرة.
وأن توجه المواطن إلى المدارس الخاصة حسب رأيه هو نتيجة تداخل عوامل اجتماعية وثقافية وسياسية تهمّ المجتمع ككل وظهور مجتمع استهلاكي أدى إلى هذه الظواهر السلبية والمرضية في سلوك المواطن والمعلم أو الأستاذ في المدرسة ليس إلا مواطنا وجزءا من هذه الثقافة.
واستنتج بأن الأجيال والكفاءات التي تخرجت اليوم ليس لديها نفس الإيمان بالمهنة مثل إيمان الأجيال السابقة الذين كان عطاؤهم دون مقابل ويتجثمون الصعاب ويتعبون من اجل إيصال المعلومة.
كما أرجع تقهقر منظومة التعليم العمومي أيضا إلى السياسة التي كانت تتوخاها الحكومات آنذاك والساعية أساسا إلى إبقاء التلميذ داخل المؤسسة التربوية مهما كان مستواه التعليمي من منطلق أسباب سياسية بحتة.
وأكد محدثنا أن اعتماد نسبة 25 بالمائة في امتحان الباكالوريا إجراء خاطئ ساهم في تدهور مستوى تلاميذ الباكالوريا وفي بروز نشء رديء غير مؤهل للدخول إلى الجامعة. فنسبة النجاح في السنوات الماضية حسب رأيه لم تكن دليلا على نجاح المنظومة التعليمية بقدر ما كانت غطاء سياسيا للحفاظ على ديمومة الحكومة.
سياسات سعت إلى "سلعنة التعليم"
من جهة أخرى اكد لسعد اليعقوبي الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي أنه يجب إعادة النظر في مشروع الإصلاح لسنة 2002 المبني على التوجه الرأسمالي خاصة في الخدمات الاجتماعية التي فتحت على الاستثمار الخاص مثل التعليم والصحة بالنسبة للصحة ذهبت الدولة التونسية في منظومة الإصلاح بما هو معروف "بالكنام" وهي منظومة التامين على المرض.
اما بالنسبة للتعليم فقد سعت الدولة حسب قوله الى "سلعنة التعليم" حيث تمّ تحويل التعليم من خدمة اجتماعية تتعهد بها الدولة إلى سلعة مفتوحة على القطاع الخاص ليس فقط من خلال انجاز المؤسسات التربوية الخاصة بل في كل ما يتعلق بالتعليم من أدوات تعليمية ومطاعم ومبيتات وغير ذلك.. وقال إن سوق التعليم اليوم تقدر في رأس المال العالمي ب2000 تريليون دولار وهو رقم مهول من الاستثمارات.
واعتبر بان هذه المشاريع كانت في إطار سياسة ممنهجة لتهرئة المنظومة التربوية العمومية والمؤسسة العمومية وإرساء برامج ذات مردودية ضعيفة إضافة إلى تخلي الدولة التدريجي عن نفقات التعليم العمومي بما سيقلص الاستثمار في المؤسسات التربوية وما سيشكله من نتائج في انحدار ظروف العمل والفضاء المدرسي ككل.
هذا التوجه سرّع في نسق انحدار المنظومة التعليمية خاصة بعد الثورة التي تبعتها حالة إهمال السلطة السياسية لملف التعليم إلى جانب تفاقم العنف وظاهرة المخدرات وأصبحنا نعيش فعلا حالة متردية تفرض إشعال الضوء الأحمر والتأكيد على أننا أمام خطر كبير يهدّد المؤسسة التربوية.
مجلس أعلى للتربية
من بين الحلول التي اقترحها الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي الترفيع في نفقات التعليم وفق متطلبات المرحلة، والابتعاد عن التجاذبات السياسية والتوافق حول عملية الإصلاح ورسم رؤية وطنية شاملة يرعاها مجلس أعلى للتربية يضمّ كل الأطراف التي لها علاقة بالمنظومة التربوية من نقابات ووزارات ومجتمع مدني وتكون لديه السلطة الرقابية على تنفيذ ما سيقع الاتفاق عليه.
الوضع لا يستدعي إطلاق صيحة فزع
"من الضروري أن نتثبت قبل أن نطلق أحكاما بالقول ان منظومة التعليم تدهورت لان الامر لا يستوجب اطلاق صيحة فزع خاصة وانه لم تتوفر لدينا بعد الوسائل التقييمية التي تعطينا هذه النتيجة" هكذا بدأت هدى الكافي (أستاذة فلسفة) وخبيرة في التعليم حديثها وأشارت إلى أنه يجب مقارنة المنظومة التربوية التونسية بالمنظومات الأخرى داخل الوطن العربي وبعد ذلك فقط تأتي مرحلة التقييم وهل ان المنظومة ناجحة أم فاشلة. ولاحظت بان الأمر يتمثل فقط في وجود نقاط ضعف داخل المنظومة ككل كشفتها التقييمات الدولية ووجب تكاتف الجهود لإصلاحها.
وتظهر نقاط الضعف حسب رأيها في طريقة تسيير المؤسسات التربوية حيث أنه ليس هناك فصل بين الإدارة وبين الحزب، خاصة وان رؤساء المؤسسات في المنظومة القديمة لم يكن يقع انتدابهم حسب الكفاءة المهنية في تسيير الإدارة وإنما اعتمادا على انتمائهم والمصادقة حزبية. وقالت بان هذا الواقع تواصل على امتداد سنوات طويلة فلم تتطور المؤسسة التربوية في ظل التجديدات البيداغوجية التي أقرتها الوزارة في 2002 وبقي القانون التوجيهي لسنة 2002 يشمل كل البرامج بما في ذلك تسيير المؤسسة التربوية.
هذا الضعف أثر سلبا على الحياة المدرسية بشكل عام، فالتلميذ لا يحس بالراحة في المؤسسة التربوية التونسية التي لا توفر له فضاء ثقافيا ترفيهيا أو مكانا يحويه في ساعات الفراغ أو قاعات مراجعة عند غياب الأستاذ..
هذه العوامل إضافة إلى تأثير مخاطر المحيط الخارجي للمؤسسات التربوية العمومية جعلت الولي متخوفا على طفله ليس تشكيكا في قيمة المعلومة أو قدرة الأستاذ المعرفية بقدر ما هي رغبة الولي في تأمين طفله في المدارس الخاصة والحفاظ عليه من تهديدات المحيط الخارجي للمدرسة.
واعتبرت محدثتنا أن من يقول بان منظومة التعليم في السابق هي أفضل من اليوم فهو يسقط أحكاما غير موضوعية وذلك بسبب تغير الزمن.
وقالت ان التطور التكنولوجي والمعلومات وظهور الانترنات وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة تجعل التلميذ يكتسب اليوم قدرات كبيرة في طريقة التفكير والتعلم وأصبحت لديه دراية أكثر بالواقع الذي يعيشه لم تكن متوفرة في التلميذ سابقا.
والمشكل الأساسي حسب رأيها يكمن في تراكم المواد التي تفوق قدرات التلميذ البدنية وحتى الفكرية مع ظروف تنقله وعدد الساعات التي يدرسها في الأسبوع التي تتجاوز 40 ساعة هذه الظروف يمكن أن تؤثر على طاقة استيعاب التلميذ ومدى استعداده لتقبل المعلومة.
وطالبت هدى الكافي بتحرّك خبراء التعليم لمراجعة الزمن المدرسي وإجراء موازنة بين المواد الأساسية وغيرها وتوزيعها حسب التوقيت اليومي للتلميذ والتي لا يمكن أن تتجاوز 4 أو 5 ساعات يوميا، بينما يتخذ تدريس بقية المواد في شكل 6 نواد تكون اختيارية بحيث يكون للتلميذ رغبة في اختيار مادة التربية البدنية أو الإعلامية أو الموسيقى أو الرسم.. ويدرس بهذه النوادي أشخاص مختصون لهم دراية بطرق ووسائل متطورة ويتحول الفضاء المدرسي إلى فضاء متنوع يمارس فيه التلميذ هواياته والتي يمكن دعمها وتطويرها فيما بعد. ولم لا تتحول الفلسفة إلى مادة تدرس منذ السنوات الأولى عوض أن تدرس في سنة واحدة وربطها مع امتحانات الباكالوريا؟.
ورأت انه لإصلاح منظومة التعليم يجب فتح نقاش وتفكير وطني حول خيارات تطوير منظومة التعليم ووضعها في إطار رؤية شاملة والقيام بإصلاحات جذرية تشمل راحة التلميذ والأستاذ معا وليس الاقتصار فقط على عمليات إصلاح تشمل برامج تعليمية أو تتوجه الى المديرين أو الأساتذة بصفة فردية.

المدارس القرآنية تعبير عن مرحلة سياسية
ظاهرة المدارس القرآنية التي زادت الطين بلة ليست إلا تعبيرا عن محاصصة حزبية ومرحلة سياسية حسب رأي عادل (استاذ) وقال انه زيادة على كون الواقع التعليمي مفقر ومهمش هناك محاولات حسب رأيه للزجّ به في متاهات الإصلاح الهيكلية والفوقية التي شتتت المنظومة التعليمية وأضرّت بها تضاف إليها اليوم المدارس القرآنية والتعليم الزيتوني التي حولت المنظومة التعليمية إلى منظومة دينية ضمن مؤسسات المعرفة والتعليم وقد اعتبره عاملا آخر في التعليم او مرحلة حزبية تدخل ضمن المحاصصة الحزبية ففي فترة معينة في 1977 عزز بورقيبة هذه الفترة المدرسة المادية والمدرسة المثالية
ثم في فترة بن علي جيء بمخطط ما يسمى "سلعنة التعليم" أخضعت فيه المنظومة التربوية إلى النظام العالمي الجديد وأصبح بمثابة "السلعة للاستهلاك" بحسب شروط واتفاقات رأس المال العام فأصبح التعليم جزءا من منظومة سلعية.
واليوم بعد الثورة وفي حكومة حزب النهضة سيصبح التعليم جزءا من منطق الهوية ومنطق العروبة ومنطق الثقافة الإسلامية واعتبر أن هذا المخطط من شانه ان يشتت بين المعارف ويقسم أبناءنا التلاميذ إلى أبناء يدرسون أصول الدين والشريعة الإسلامية وتلاميذ "إفرنجة" يدرسون الثقافة الأوروبية واللغات.

مسؤول من وزارة التربية:
ليس هناك تدهور منظومة بقدر ما هو سوء اشتغال
قال كمال حجام متفقد عام ومكلف بتكوين مكونين بالمركز الوطني بان منظومة التعليم ليست متدهورة مؤكدا بان التعليم المجاني العمومي هو رهان تونس لانه في كل المحطات التاريخية والإصلاحات التربوية سعت الدولة لكسب وتأسيس مدرسة عمومية ديمقراطية ذات أداء متميز ورفيع وهو رهان يجسم حسب قوله وعي كافة المنتمين للمجال التربوي، كما اعتبر ان قانون التوجيه المدرسي الصادر في 2002 والإصلاح التربوي في 1999 اكبر دليل على محاولة الدولة للنهوض بالمنظومة العمومية. فلإنجاح المنظومة التربوية العمومية وجب توفر شرطي المجانية والإجبارية.
كما لاحظ كمال حجام ان القول بتدهور المنظومة التربوية لا يصحّ وذلك لتواصل هذه المنظومة واشتغالها ومن ناحية أخرى قال "عندما ننظر إلى الجانب الايجابي للمنظومة نجد نتائج متميزة وتلاميذ متميزين قادرين على المنافسة دوليا". وهذه النتائج تجعلنا نقول بان المنظومة ليست في تدهور بل هي نتيجة سوء اشتغال.
مفسرا بان المنظومة التربوية تحتوي على مجموعة من المكونات هي في علاقة تأثير وتأثر بالمكون ويكفي حسب رأيه أن يكون هناك سوء اشتغال لمكون من المكونات لتؤثر على المنظومة ككل ولا تحقق النتائج المرجوة التي ينتظرها الأولياء والمواطن عموما والتي من شانها أن تؤثر على نتائج التلاميذ ولذلك يتطلب الوضع وقفة تأمل وتفكيرا واعيا ونظرة ثاقبة.
وقال ان توجه الأولياء إلى التعليم الخاص ليس بسبب سوء اشتغال المنظومة أو تدهور التعليم العمومي ولكن لعدم قدرة بعض التلاميذ على النجاح في المنظومة العمومية لان التعليم الخاص في تونس شانه شان التعليم العمومي يخضع لجميع القوانين السارية في البلاد وقانون التوجيه لسنة 2002 تشرف عليه وزارة التربية ويقدم للتلاميذ نفس البرامج.
فالاختلافات هنا حسب رايه تكمن أساسا في المنافسة بينها وبين المؤسسات العمومية وخروج الأم إلى العمل مما يجعل بعض الأولياء يختارون التعليم الخاص عن طيب خاطر لان المؤسسة الخاصة توفر لهم الاحتفاظ بالتلميذ خلال فترة عملهم.
و لكي تستعيد المنظومة التربوية عافيتها رأى انه من الضروري التفكير في آليات لتطويرها من قبل خبراء في إطار تجسيم شعار نحو التعليم المجاني العمومي وفي إطار مدرسة عمومية مجانية إجبارية ديمقراطية ودعا الى ضرورة أن تنكب وزارة التربية على حل هذه المشاكل حتى تبقى المدرسة العمومية كسبا لكل التونسيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.