كما توقع العديد من المحللين الإقتصاديين وأيضا محافظ البنك المركزي في وقت سابق فإن الأوضاع السياسية المتأزمة في الفترة الأخيرة والتي ازدادات حدة مباشرة بعد حادثة اغتيال شكري بلعيد لها انعكسات مباشرة على الوضع الإقتصادي وتجسم ذلك في ما أعلنته وكالة الترقيم الامريكية ستاندار اند بورز بعد أن خفضت بدرجة واحدة الترقيم السيادى لتونس الى"ب ب سلبي" مقابل "ب ب" سابقا مع افاق سلبية. وارجعت ستاندراد اند بورز تخفيض تصنيف تونس الى احتمال تدهور الوضع السياسي في ظل افاق مالية واقتصادية وخارجية تزداد سوءا. ويعتبر المختصون في المجال الإقتصادي أن التخفيض المتواصل في الترقيم السيادي لتونس له تأثير كبير على الاقتراض الخارجي حيث ستصبح شروط القروض ثقيلة ومجحفة كما ستكون مدة تسديد القروض قصيرة وهو ما اعتبره وزير المالية السابق حسين الديماسي "سيجر الاقتصاد التونسي الى مرحلة كارثية" على حد تعبيره. سداد القروض والمؤكد في الفترة الأخيرة أن القروض أصبحت الملاذ الوحيد للحكومة لتجاوز الإشكاليات المرتبطة بتمويل الميزانية ومواجهة النفقات العمومية وفي ظل عدم عودة عجلة الاستثمار الداخلي والخارجي للدوران بشكل طبيعي ولا يلوح في الأفق إلى حد الآن انفراج قريب في هذا المستوي، فإن حاجة تونس إلى الاقتراض ستتواصل وقد تتدعم لكن السؤال المطروح اليوم بأي شروط وبأي تكلفة. تجدر الإشارة أيضا إلى أنه بداية من 2015 ستكون تونس مطالبة باستخلاص قروض قديمة وهذا ثقل وحمل إضافي على بقية أعباء الدولة في هذه المرحلة الحرجة. زد على ذلك مسألة الدين الخارجي التي قالت عنها مؤخرا رئيسة لجنة التنمية في البرلمان الأوروبي إيفا جولي "إنّ حجم ديون تونس أصبح لا يطاق"، وطالبت الاتحاد الأوروبي بإيجاد حل لوقف نزيف تفاقم الديون. ويتوقع المحللون المزيد من التأثيرات السلبية للوضع السياسي الحالي خلال الفترة المقبلة على عديد الجوانب الإقتصادية لا سيما وأن الاتفاق على حكومة جديدة ومباشرتها العمل لن يكون حسابيا قبل حوالي 20 يوما كأقل تقدير إذا ما سارت الأمور على أحسن ما يرام وفي ظل التوافق. خسائر فادحة ومن هنا إلى ذلك التاريخ لن يكون سير الإدارات والوزارات في أحسن حال وقد يزيد وضع الإستثمار تعقيدا وتعطيلا كما ستتأثر الأسعار التي تشهد موجة ارتفاع كبيرة في ظل شلل أجهزة المراقبة. بدورهم يعتبر رجال الأعمال تعثر مبادرة الجبالي واستقالته والمرور إلى التباحث عن آفاق سياسية جديدة تؤثر سلبيا على مناخ الأعمال وتعمق الخسارة على المستوى الإقتصادي والإستثماري. ويذكر في هذا الصدد أن الرئيسة الشرفية للمنظمة الدولية لسيدات الأعمال أشارت في بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة إلى أن خسارة الفترة الماضية وخاصة بعد اغتيال شكري بلعيد بلغت حوالي 400 مليار. وتكبد الاقتصاد الوطني خلال الإضراب العام الأخير يوم 8 فيفري الفارط ما بين 250 و350 مليون دينار. حوار وطني اقتصادي ورغم هذا الوضع الإقتصادي المتأزم والتحذيرات الصادرة من هنا وهناك عن ضرورة إيقاف النزيف والحد من تداعيات الوضع السياسي على المؤشرات الإقتصادية يعتبر البعض أن السياسيين والأحزاب لا يعيرون الإهتمام اللازم للموضوع الإقتصادي ويتساءل البعض لماذا لا تترافق الدعوات إلى الحوار الوطني حول خارطة طريق سياسية مع دعوات لحوار وطني إقتصادي لوضع مخطط انقاذ على المستوى الإقتصادي. ودعت في هذا الصدد منظمة الأعراف إلى حوار وطني يجمع كل المتدخلين للتباحث في جملة من الإجراءات العاجلة والاستثنائية . ويحدد بعض المحللين الاقتصاديين الخطوات العملية الواجب اتخاذها في الفترة المقبلة في تنفيذ سياسة تقشف وبرمجة اصلاحات عاجلة في مجالات حيوية مثل الجباية. وشدد رجال الأعمال على ضرورة القيام بحملات اعلامية وتحسيسية في الخارج لطمأنة المستثمرين ودفعهم للاستثمار في تونس. على أن يترافق كل هذا بطبيعة الحال بتحديد آجال نهائية للانتخابات وصياغة الدستور.