قالت مصادر حزبية مطلعة من نداء تونس ان اجتماع اليوم لن يحسم في جملة الخلافات الحاصلة بين عدد من قيادات الحزب على خلفية التصريحات والتهم المتبادلة بينهم. واكدت ذات المصادر ان هناك نية للتوجه الى دعوة المجلس الوطني للحزب للانعقاد بشكل عاجل, وهي دعوة فرضها رجالات المجلس انفسهم عبر زياراتهم المتكررة للمقر الاجتماعي للنداء بمنطقة البحيرة. ولئن تبدو هذه الخلافات مجسدة في صراع شخصي بين بعض القيادات فانه يبدو وان الحقيقة عكس ذلك بالنظر الى مختلف المكونات الفكرية والايديولوجية للنداء. وقد نزلت قيادات من النداء الصراع الحاصل بين فوزي اللومي من جهة وخميس قسيلة وعبد العزيز المزوغي من جهة اخرى ضمن منزلة "الصراع الديمقراطي" داخل الحزب في حين يرى محللون ان طبيعة الصراع داخل النداء بدات تأخذ منحى ايديولوجيا بالاساس وان مقولة "النيران الصديقة" غير صحيحة واعتبر المحللون ان التحالفات داخل النداء هي في الواقع تحالفات ملغومة انفجرت في وجه اصحابها. ومن المعلوم أن نداء تونس يجمع داخله أطرفا عديدة ذات توجهات متناقضة من الفكر اليساري والنقابي وجماعات منحدرة من تيارات حقوقية واطراف محسوبة الى الشق الدستوري والتجمع المنحل. ولئن بدا ان كل ما يجمع هذه الاطراف على اختلاف مرجعياتها هو دعم مكتسبات دولة الاستقلال فان الخلافات بينها لم يعد بالامكان اخفاؤها. طبيعة الصراع ومن الواضح ان الجناح الدستوري داخل نداء تونس يمتلك الاغلبية على صعيد اللجنة التنفيذية الموسعة والتنسيقيات الجهوية وقواعد الحزب من منخرطين وما تحظى به من تعاطف كبير من قبل الراي العام بينما يبدو جليا ان بقية الاطراف المحسوبة على اليسار والحقوقيين تستمد حضورها من مشروع تحصين الثورة. فقد مكن التلويح بالمشروع وامكانية عرضه على المجلس الوطني التاسيسي اليساريين داخل النداء من التموقع داخل الحزب واخذ السبق عن بقية المكونات بما مثلوه من اغلبية داخل المكتب التنفيذي المضيق المحيط بالباجي قائد السبسي على غرار الطيب البكوش ومحسن مرزوق وخميس قسيلة ونورالدين بن نتيشة ولزهر العكرمي وعبد العزيز المزوغي وسعيدة قراش. ويبدو ان وجود هؤلاء ضمن دائرة القرار المباشر للحزب قد دعا البعض الى التحرك من اجل البحث عن موطئ قدم له ضمن المجموعة الفاعلة خاصة مع ظهور نوايا تأجيل قانون تحصين الثورة او امكانية دمجه ضمن قانون العدالة الانتقالية وهي في الواقع فرصة اعادة الامل للتيار الدستوري قصد العودة الى الصفوف الاولى في الحزب والمشهد السياسي عموما. وامام امكانية انتعاشة الدساترة سجل اليساريون وبعض الحقوقيين داخل النداء تخوفات حقيقية مفادها ان عودة الدساترة الى الواجهة من شانه ان يسرع بتدحرج اليساريين الى مراتب غير تلك التي كانوا فيها في حال تم اعتماد قانون تحصين الثورة. الدساترة و"النيران الصديقة" ومن بين القراءات الاخرى التي يمكن ادراجها ان ما يحدث داخل النداء تقف وراءه اطراف دستورية لم تلتحق بعد بمشروع الباجي قائد السبسي وفضلت البقاء بعيدا عنه على ان تكون حاضرة في كل "عركة" داخل النداء من خلال تاجيج الخلافات وتغذيتها حتى يتسنى لها في صورة "فرقعة نداء تونس " الاستحواذ على مشروع جمع العائلة الدستورية والتي نجح قائد السبسي فيها من خلال احيائه لذكرى مؤتمر قصر هلال من اجل ضمان استمرار التجربة البورقيبية. خيارات النهضة في الصراع ولم تكن حركة النهضة بعيدة عن هذا الصراع ويبدو ان الحركة تراقب بحذر وعن كثب ما يدور داخل حزب "الغريم السياسي" الباجي قائد السبسي. ويرى شق داخل الحركة بان الدفع بقانون تحصين الثورة سينتهى بنداء تونس بيد اليساريين وهو ما سيسهل عليهم الانتخابات القادمة ذلك ان الرصيد الانتخابي لليسار ومهما كان مهما فانه سيكون محدودا. اما الشق الاخر فيرى بان امكانات التواصل مع الدستوريين ايسر مقارنة بالخلاف العقائدي مع اليساريين لذلك من المهم الدفع في اتجاه تغليب صوت الدساترة داخل النداء لتقزيم دور اليسار به.