استاذ موارد مائية يحذر من زلزال إثيوبيا وتداعياته على ليبيا و السودان    الداخلية: "الإجراء" ضد أحد المحامين جاء بعد معاينة جريمة "هضم جانب موظف عمومي أثناء آدائه لمهامه"    مجلس وزاري مضيق حول مشروع قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    المعهد الوطني للاستهلاك: توجه الأسر 5 بالمائة من إنفاقها الشهري إلى أطعمة يقع هدرها    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    اصدار بطاقة ايداع في حق سنية الدهماني    موقعا قتلى وجرحى.. "حزب الله" ينشر ملخص عملياته ضد الاحتلال يوم الاثنين    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    فرنسا.. 23 محاولة لتعطيل مسيرة الشعلة الأولمبية على مدى أربعة أيام    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    على خلفية حادثة حجب العلم الوطني بالمسبح الاولمبي برادس ... فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    صفاقس: الإذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات وفاة شاب عُثر عليه ميّتا في منزله بطينة (الناطق باسم المحكمة الابتدائية صفاقس 2)    مصدر قضائي: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    مصالح الحرس الديواني تحجز خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024 كميات من البضائع المهربة ووسائل النقل قيمتها الجملية 179 مليون دينار    تشكيات من تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحو القلب والشرايين يطلعون على كل التقنيات المبتكرة في مؤتمرهم الدولي بتونس    في معرض الكتاب بالرباط.. احبها بلا ذاكرة تحقق اكبر المبيعات    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    وزارة الصحة تنتدب 3000 خطة جديدة خلال السداسي الثاني من 2024    طقس الليلة.. امطار متفرقة ورعدية بعدد من الجهات    ''قطاع التأمين: ''ندعم قانون المسؤولية الطبية.. فلا بد من تأطير قانوني    سعيّد: "أكثر من 2700 شهادة مدلّسة.. ومن دلّسها يتظاهر اليوم بالعفّة"    وزير الفلاحة: مؤشرات إيجابية لتجربة الزراعات الكبرى في الصحراء    سوسة: سائق سيارة تاكسي يعتدي بالفاحشة على قاصر    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    معين الشعباني: سنذهب للقاهرة .. كي ندافع عن حظوظنا مثلما يجب    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    المالوف التونسي في قلب باريس    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضاة يكشفون أسباب إعفائهم..
نشر في الصباح يوم 18 - 03 - 2013

بالتوازي مع تشكيل الحكومة الجديدة طفا ملف القضاة المعفيّين على سطح الاحداث من جديد رغم ان القرار الصادر عن وزير العدل السابق نورالدين البحيري والقاضي بإعفاء 81 قاضيا من مهامهم وشطبهم من الاطار القضائي يعود الى 28 ماي 2012
وفي الوقت الذي انتقد فيه عديد القضاة الاجراءات التي حفت باقدام وزير العدل السابق على هذه الخطوة التي اعتبرها البعض انتقائية وانتقامية بعيدا عن الشفافية وبمنأى عن مسار العدالة الانتقالية فانهم عبّروا على يقينهم من حزم وزيرالعدل الجديد نذير بن عمّو في الحق وصرامته وموضوعيته وجرأته في رفع المظالم ومحاسبة الفاسدين الحقيقيّين .بعيدا عن أي حسابات حزبية وورقات سياسية . المعاناة كانت بادية على ملامح وجوه بعض القضاة المعفيّين الذين تحدثت معهم «الصباح الاسبوعي» حيث أصبحوا يواجهون المجهول في سيناريو يقطر مرارة لم يتصوروه يوما , منهم من غالبته دموعه وبكى أمامنا بحرقة في مشهد صعب بعد ان وجد نفسه مهدّدا صحبة عائلته بالتشرد والضياع ,منهم من كان يتألم وقلبه يعتصر في صمت بل منهم حتى من قطع عن منزله الكهرباء منذ أسبوعين واصبح عاجزا على توفير أدنى الضروريات لعياله لتختلف المعاناة. وان تحدثنا كذلك مع ممثلي اللجنة الدولية للحقوقيين وهيومن رايتس واتش فان مختلف الاطراف دعت الى ضرورة اعادة فتح الملفات ومحاسبة الجميع وفقا للقانون لرفع المظالم عن القضاة الذين تمّ إعفائهم بعيدا عن المعايير الدولية. وإذا كنا اتصلنا بوزارة العدل فإن مصدر ميؤول أكّد لن أن النظر في هذا الملف الحساس يبقى من مهام الوزير حيث لم يباشر وقتها وزير العدل الجديد نذير بن عمّو مهامه في حين كان الوزير السابق نور الدين البحيري في السعودية.

«شمبانيا».. «جعة».. «آف. سي. آر».. كمبيالات وعدم تطبيق التعليمات

دعا القضاة المعفيون الذين تحدثنا معهم وزير العدل الجديد الى رفع المظلمة عنهم باعتبارهم قد «اعدموا» اجتماعيا بين أهاليهم وذويهم ومحيطهم من خلال نعتهم بالفاسدين والتشهير بهم وهتك اعراضهم من قبل وزير العدل السابق ومستشاريه دون تمكينهم من أدنى ضمانات المساءلة العادلة وتعريفهم بالمآخذ التي تنسب اليهم وتمكينهم من الاطلاع على ملفاتهم وادلة الاتهام التي تدعي وزارة العدل انها تمسكها على حدّ تعبيرهم. واضافوا انه تمّ الزج بأسمائهم في قائمة اعدت داخل مكاتب وزارة العدل المظلمة بعيدا عن ادنى المقاييس الموضوعية والشفافية والحال ان اهم مطلب يقتضيه مسار العدالة الانتقالية هو كشف الحقيقة ومصارحة الشعب بما أتاه المذنبون في حقهم.

ولم يخفوا حرصهم على المحاسبة مع ضرورة فتح ملف المحاسبة في القضاء بصفة جدية ومن قبل أناس أكفاء ونزهاء وابعاد الملف المذكور عن اصحاب الايادي المرتعشة باعتبار ان عملية التطهير التي زعم نورالدين البحيري انه أتمها انما تمثلت في تطهير عكسي بكل المقاييس على حدّ قولهم. وشددوا على ان البحيري عمد خلال الحركة الاخيرة للقضاة الى ترقية رموز الفساد الحقيقيين الذين تورطوا في محاكمات سياسية جائرة وتحالفوا مع العائلة المافيوزية للسطو على أرزاق الناس وفي قضايا الرشاوى والاتجار في حقوق المتقاضين.

دعوة إلى المجلس التأسيسي
ودعا القضاة المعفيون المجلس الوطني التاسيسي إلى تحمل مسؤولياته كسلطة صلبة من أوكد صلاحياتها مراقبة مشروعية اعمال الحكومة من خلال اما احداث لجنة مستقلة ومحايدة صلب المجلس تعنى بمراجعة ملفات القضاة المعفيين وانصاف من ظلم منهم ومحاسبة من سيثبت تورطه في جرائم فساد أو تعديل مشروع قانون احداث الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي في اتجاه منحها صلاحية مراجعة الاعفاءات. واضافوا انه على وزير العدل الجديد ان يكون حازما وحاسما في اعادة النظر في ملفات الاعفاء وكشف التجاوزات التي اقترفتها وزارة العدل في حق القضاة المعفيين من النواحي القانونية والاجتماعية وغيرها.

الآف. سي.آر. هي السبب
لئن سبق ان نشرنا في عددنا الفارط تأكيد القاضي الحبيب الزمالي بان وراء عملية اعفائه حسابات شخصية بعيدا عن مستندات قانونية وحكاية «جعّة» فقد كشف النوري قطاطة مستشار بالدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بقابس سابقا انه شعر بالذهول لما قال له المتفقد العام -اثناء جلسة سماعه- انه اقتنى سنة 1992 سيارة «آف. سي. آر.» (نظام عودة نهائية) ووقع في خلاف مع صاحبها انتهى بايقافه عن العمل لمدة 3 اشهر لحجز وثائق لا حق له فيها. واضاف «رغم اني ارجعت السيارة الى صاحبها وتمّت تسوية الخلاف الا اني فوجئت بوجودي في قائمة القضاة المعفيين ولو كانت جناية لسقطت بمرور الزمن وأصل الحقيقة غير المعلنة لاعفائي ان إطارا بالوزارة طلب مني ان انقل له ما يدور بالدائرة الجنائية بقابس وهو ما رفضته وبالتالي كنت ضحية تصفية حسابات لرفضي فروض الطاعة والولاء وانا على استعداد لنشر ملفي لاني بعيد عن التجاوزات ولم اشارك في أيّة محاكمة سياسية.

تخلد بذمتي 3 كمبيالات
كشف نزار غزلاني حاكم ناحية جندوبة سابقا انه فوجئ بوجوده في القائة لصغر سنه باعتبار انه مارس المهنة منذ 9 سنوات فقط مضيفا «مشكلتي الوحيدة التي ذكرتها لي لجنة التظلم انه تخلد بذمتي دين مدني مضمن بعدد 3 كمبيالات لاقتناء معدات فلاحية لفائدة شقيقي صاحب استاذية في الحقوق منذ 2006 باعتباري العائل الوحيد الذي انفق على اهلي. وجراء الخسارة في المجال الفلاحي لشقيقي تولى صاحب الكمبيالات التشكي لوزارة العدل بتاريخ 19 مارس 2012 دون ان يقوم باعلامي او بانذاري او القيام باجراءات التتبع. ونظرا لاني عاجز عن الدفع فقد طلبت امهالي ببعض الوقت قصد تامين قرض اتولى من خلاله سداد الدين الذي هو بذمتي الشخصية ولا علاقة له بصفتي كقاض أول لوزارة العدل مع العلم ان الدائن من ولاية نابل وانا اشتغل بجندوبة ولم تكن لي سابق معرفة به. وقد تم توجيه انذار لي من طرف وزير العدل السابق بتاريخ 5 ماي 2012».
وتابع محدثي قائلا «قمت بتسديد المبالغ المضمنة بالكمبيالات فيما بعد وقبل صدور امر الاعفاء وقد شملني قرارالاعفاء بناء على ما سبق عقابي من اجله ورغم ان الضرر الخاص والعام انتفى الا انني عوقبت من اجل نفس الفعلة مرتين وهو مبدأ عام يمنعه القانون. وقد ادليت للجنة التظلم بما يفيد وقوع الخلاص وبتنازل الشاكي عن شكايته وبكونه تحصل على جميع حقوقه وبقرار الانذار الموجه من السيد وزير العدل السابق».
واكد الغزلاني انه بسؤاله للسيد رئيس لجنة التظلم ان كانت هذه الافعال تعتبر من قبيل الفساد الذي يتطلب مكافحته اجابه «ان السيد الوزير هو من رأى ذلك وانه غير مقتنع بالفعلة اصلا لكونه دينا مدنيا لا ينسب فيه أي جرم وفي اطار القانون».
وتابع قائلا «اعتبر وزير العدل عدم خلاص الكمبيالات من قبيل استغلال النفوذ فاين النفوذ في شخص يعول اسرة تتكون من ابنين وزوجة متحصلة على الاستاذية في الدراسات الاجتماعية منذ سنة 2000 وعاطلة عن العمل الى الان وثلاثة اشقاء متحصلين جميعهم على الاستاذية كل في مجال اختصاصه ويعانون البطالة اما كان اولى ان يكون استغلال النفوذ في توظيف هؤلاء».

إخلالات قانونية وخروقات واقعية
أوضح لنا القضاة الذين تحدثنا معهم بعض الاخلالات القانونية والخروقات الواقعية التي جعلت قرارات الاعفاء منتهكة لأبسط حقوق الانسان من وجهة نظرهم وهذه ابرزها:
- خرق واضح لمبدإ استقلال السلطة القضائية اذ صدرت اوامر الاعفاء عن السلطة التنفيذية مع انها تسلطت على اعضاء السلطة القضائية خلافا لما توجبه جميع المعايير الدولية لاستقلال القضاء.
- الاستناد الى نص قانوني يعود الى سنة 1967 وتمّ الغاء العمل به بموجب احكام الفصل 27 من القانون التاسيسي عدد 6 لسنة 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية لتعارض مقتضياته صراحة مع احكام الفصل 22 من نفس القانون التاسيسي.
- صدور أوامر الإعفاء عن غير ذي صفة باعتبارها صادرة عن رئيس الحكومة والحال ان قانون 1967 يمنح صلاحية تسمية القضاة وقبول استقالاتهم وبالتبعية إنهاء مهامهم إلى رئيس الجمهورية دون سواه.
- تجاوز السلطة من قبل وزير العدل الذي اتخذ قرارات الاعفاء مع انه لا يملك البتة الصلاحيات القانونية التي تخول له اتخاذها باعتبار ان الفصل 31 من قانون 14 / 7 / 1967 منح في صيغته سلطة اعفاء القاضي النائب للمجلس الاعلى للقضاء فقط ولم يمنحها اطلاقا لوزير العدل او غيره من السلطة التنفيذية.
- ان سائر التعديلات المدخلة على قانون 1967 بلغ عددها 11 تعديلا منها تنقيح 1985 فقط تعلق بالفصل 31 المذكور لم تأت ولو بمقتضى واحد يجيز صراحة او دلالة لوزير العدل اتخاذ قرار إعفاء القاضي من مهامه.

طالبوني بالتراجع عن بطاقة إيداع بحق مدير سجن لكني رفضت
لم يخف المنصف زغاب قاضي تحقيق بالمكتب الاول بالمحكمة الابتدائية بمنوبة صدمته بخبر اعفائه الذي نزل عليه نزول الصاعقة باعتبار ان مسيرته الناجحة التي امتدت على 14 سنة عمل خلالها بعديد الولايات وعهدت له 5 مسؤوليات لا تعطى الا لقاض نزيه حيث تمت ترقيته بعد الثورة إلى الرتبة الثانية واسناده خطة قاضي تحقيق بالمكتب الاول بالمحكمة الابتدائية بمنوبة يوم 16/ 9/ 2011.
وحول ملابسات اعفائه قال زغاب «اعترضتني عديد القضايا مورست علي بشأنها بعض الضغوطات فقد تعهدت بقضية موجهة ضد مدير السجن المدني بالمنستير على خلفية تورطه في اعمال تعذيب مورست على احد سجناء الرأي وتعرضت لضغوطات كبيرة بعد تركي لمدير السجن في حالة سراح واستوفيت جميع الاعمال الاستقرائية والابحاث من سماع السجناء الذين حضروا الواقعة موضوع التتبع واعوان السجون وجلب الملف الطبي للمتضرر من مصحة السجن المدني ببرج العامري ومراسلة مدير مستشفى شارل نيكول باعتبار ان السجين تم نقله على جناح السرعة وهو في حالة اغماء الى مستشفى شارل نيكول واستدعيت المتهم من جديد وحضر معه عشرات أعوان السجون والاصلاح في محاولة لنصرة زميلهم والضغط علي لعدم محاسبة المتهم مدير السجن.
وتابع محدثنا قائلا «بعد الاستنطاق اصدرت بطاقة ايداع بالسجن في حق المتهم لكن الغريب في القضية ان مدير السجن المدني بالمرناقية رفض تنفيذ بطاقة الايداع التي اصدرتها كقاضي تحقيق بتاريخ 27 مارس 2012 وهي سابقة خطيرة من نوعها أتتها المؤسسة السجنية بدعوى عدم جواز ايداع مدير السجن نفسه في السجن. وعندما تم ارجاع المتهم الى المحكمة بعد رفض ايداعه بالسجن المذكور تلقيت تعليمات من رؤسائي في العمل نقلا عن وزير العدل تطالبني بالتراجع عن بطاقة الايداع التي اصدرتها وحينها اصبح مكتبي قبلة للنقابات والاطارات العليا السابقة للادارة العامة للسجون والاصلاح ونقابة اعوان السجون ونقابة قوات الامن الداخلي.
ورغم جميع الضغوطات التي كانت تستهدف تغيير المجرى العادي للعدالة وهضم حق السجين المتضرر وتحييد مدير السجن المتهم عن سلطان القانون في محاولة لابقاء ملف التعذيب في السجون مغيبا عن عمل اجهزة العدالة الجزائية. وبعد ان اهمل وزير العدل وكامل جهاز النيابة العمومية الذي يترأسه الوزير واجب تنفيذ بطاقة الايداع المذكورة باعتبار ان النيابة العمومية تبقى المسؤولة عن تنفيذ البطاقات القضائية التي تصدر عن قلم التحقيق باعتبار ان المتهم المذكور تم ايداعه السجن بالمدرسة الوطنية للسجون والاصلاح ببرج الطويل بدلا من السجن وشتان بين المؤسسة السجنية والمؤسسة التربوية».
ولم يكتف المنصف زغاب برفض تلك التعليمات الجائرة على حد تعبيره وانما حرر تقريرا وجهه الى جمعية القضاة باسم رئيستها القاضية كلثوم كنو وبعد ان تداول المكتب التنفيذي لجمعية القضاة في تلك الواقعة اصدر بيانا بتاريخ 29 -3 2012 ادانت فيه ممارسات وزارة العدل واصفة بكونها مستمرة في ممارسات النظام البائد ودعت القاضي زغاب الى الثبات على موقفه الاستقلالي.
واستطرد محدثنا قائلا «هذا هو السبب الحقيقي وغير المعلن عنه لاعفائي من مهامي بدليل اني الى حد اليوم لم تبين وزارة العدل أي فعل اقترفته خلال مسيرة مهنية ناهزت 15 سنة يبرر ادراج اسمي ضمن القائمة التي روجت للرأي العام على انها تضم الفاسدين من القضاة».

الكهرباء قطع عن منزلي.. ورفضوا تشغيلي سائقا
القاضي معز بالسعيدي الذي كان يشغل خطة قاضي ضمان اجتماعي بالمحكمة الابتدائية بباجة فقد انطلقت مسيرته القضائية منذ 16 اكتوبر 2003 لتنتهي بنهاية مأساوية بتاريخ 29 ماي 2012 حسبما ارادها وزير العدل السابق نورالدين البحيري على حد تعبيره. ولعل ما آلمه أكثر وأثر عليه من جميع الجوانب انه لم توجه له أيّة تهمة ومازال يجهل اسباب اعفائه من مهامه الى حد اليوم بل انه لم يتلق أي وثيقة أو مكالمة داخل السلك القضائي تفيد اعفاءه من مهامه سوى ان الخبر بلغه من احد اصدقائه من خارج السلك.
واضاف «واصلت عملي بعد صدور قرار الاعفاء وكنت جالسا في الدائرة الشخصية بتاريخ 28 ماي وواصلت عملي الى حدود يوم الثلاثاء ثم توجهت مساء الى السيد رئيس الديوان لاستطلاع الامر ووعدني بمراجعة ملفي وتم الاتصال بي من طرف رئيس الديوان من هاتفه على الساعة التاسعة مساء وقال لي بالحرف الواحد «بشرى باعتبار ان قرار الاعفاء كان قاسيا على وضعك على ان يبقى الامر سرا بيننا وسيقع ان شاء الله رفعه بعد اقتراح الامر على السيد وزير العدل». كما صرح لي مؤكدا لي رفع هذه المظلمة على ان لا اتصل لا بنقابة القضاة ولا بجمعية القضاة التونسيين الى حين استدعائي من طرف لجنة التظلمات».
وتابع محدثي حديثه بتأثر بالغ قائلا «عند رفع الاعفاء عن 9 قضاة دون بيان المعايير لذلك عاودت الاتصال بالسيد رئيس الديوان وقمت بتذكيره بوعوده الصريحة بارجاعي الى عملي ورفع المظلمة فأجابني :الامر تجاوزني وكل ما قلته هو من قبيل رفع المعنويات..».
معز بالسعيدي كان في حالة نفسية صعبة وهو يسرد لي قصته بل انه لم يقدر على مغالبة دموعه في مشهد مأساوي وواصل حديثه قائلا «زوجتي اصيبت بانهيار عصبي واجهضت جنينا في شهره الرابع بعد نزول صاعقة الاعفاء عليها وقد اقامت بالرازي يومين ولازالت تحت الرقابة الطبية ورغم توضيح حالتي المادية حيث كنت ملتزما ب3 قروض لدى البنك التجاري تنتهي سنة 2026 مع العلم اني استاجر محل سكنى بتونس والكهرباء مقطوع عني منذ 11 يوما ثم اني عثرت على عمل كسائق ولما تفاجأت صاحبة الشركة بمهنتي مساعد وكيل الجمهورية التمست مني البحث عن عمل يناسبني.. وهنا أتساءل اين يوجد الفساد الذي ادعاه البحيري وحاشيته؟

اللجنة الدولية للحقوقيين
إما اعادة فتح الملفات أو تدويل القضية
في الوقت الذي نددت فيه عديد الجمعيات والمنظمات الدولية بعملية إعفاء عدد من القضاة من مهامهم باعتبارها لا تستجيب لادنى الشروط القانونية فقد أكّد بسّام الطريفي ممثل اللجنة الدولية للحقوقيّين ان هذا الاجراء غير قانوني ولا يستجيب للمحاكمة العادلة حيث لم يتم فيه مبدأ المواجهة وحق الدفاع .
وأضاف الطريفي في حديثه ل«الصباح الاسبوعي» ان التهم التي تم توجيهها للقضاة كانت في غياب كل أدلة أو قرينة يمكن ان تثبت الادّعاءات لأنه لم يتم الاستظهار بوثائق أو مؤيّدات .وتابع قائلا «نحن كلجنة دولية للحقوقيّين نتمسّك بالمعايير الدولية ونحن ضدّ عزل القاضي او نقلته دون رضاه ثم نعتبر القرار الصادر عن وزير العدل غير قانوني لان القرارات ينبغي ان تكون صادرة عن مجلس أعلى للقضاء منتخب من القضاة أنفسهم أو هيئة وقتية للإشراف على القضاء مثلما نص على ذلك الفصل 22 من الدستور الصغير».
وأوضح الطريفي ان اللجنة الدولية للحقوقيّين بصدد تحضير تقرير يكشف عن الوضعية الكارثية التي لم تحصل حتى في عهد بن علي كما سترسل مكتوبا للمقرر الخاص لاستقلال القضاة والمحامين التابع للأمم المتحدة بمعنى تدويل القضية في صورة عدم وجود تجاوب فعلي من سلطة الاشراف .
وشدّد محدثنا على ان اللجنة ستحرص على لقاء وزير العدل الجديد للسّعي معه الى إعادة فتح الملفات مضيفا «نحن مع المحاسبة لكن يجب ان تكون في اطار القانون .ولابد من إعادة القضاة المعفيّين الى سالف عملهم في انتظار محاكمتهم محاكمة عادلة تتماشى مع المعاييرالدولية خاصة ان بعضهم معروفون بنزاهتهم ونظافة أيديهم وتم عزلهم دون موجب»

هيومن رايتس ووتش
بعض القضاة تمت إقالتهم على سلوك إما شخصي بحت لا يمس بالمهنة أو لأسباب واهية
اكدت امنة قلالي ل«الصباح الأسبوعي» ان ملف القضاة المعفيين شد انتباه هيومن رايتس واتش لما يحمله من غموض وحيف وتجنّ علي القضاة وخاصة لوقعه علي استقلالية القضاء ككل.
واوضحت ان هيومن رايتس ووتش نشرت في 29 أكتوبرالماضي بيانًا صحفيًا قالت فيه إن قرار السلطة التنفيذية بإعفاء 75 قاضيًا كان غير عادل وتعسفيا. وكشفت قلالي ان هيومن رايتس ووتش اجرت مقابلات مع عشرة قضاة ممن تمت إقالتهم حول الكيفية التي تم بها التعامل مع قضاياهم. وتحدث جميعهم عن وجود إجراءات تأديبية غير عادلة تجاهلت أبسط مقومات المحاكمة العادلة والشفافة، وانتهكت المعايير الدولية والتونسية الضامنة لاستقلال السلطة القضائية. وشددت قلالي على ان هذه الانتهاكات تتمثل في:
أولا: لم يقع اعلامهم مسبقا بالإجراءات ضدهم بل فوجئوا عندما اتصل بهم مديروهم عبر الهاتف في 28 ماي لإعلامهم بأن أسماءهم وردت ضمن قائمة القضاة المعفيين. ولم تتصل بهم وزارة العدل في وقت سابق، كما أنهم لم يكونوا على علم بأسباب الإقالة.
ثانيا: غياب المعايير الواضحة للإقالة. يشترط القانون الا تتم اقالة القاضي إلا لأسباب خطيرة تتعلق بسوء السلوك أو عدم الكفاءة بينما البعض منهم تمت اقالتهم علي سلوك اما شخصي بحت لا يمس بالمهنة او لأسباب واهية لا يمكن ان تؤسس سببا مقنعا للإقالة و الامثلة عديدة.
ثالثا: منع القضاة الي حد الان من الاطلاع علي ملفاتهم ولم يتم الاستماع إليهم بشكل كاف فحتي اللجنة التي كونها وزير العدل والمتكونة من 5 متفقدين اكتفت بقراءة التهمة ولم تمكنهم من الاطلاع علي ملفاتهم. وحتى بعد الاستماع إليهم لم يعرفوا بشكل دقيق أسباب إقالتهم أو الأدلة التي اعتمدت عليها الوزارة عندما أصدرت قراراتها وهو ما يخل بحق اساسي من حقوق الدفاع وهو الحق في الاطلاع علي ملف الادانة. واضافت «الملفت للانتباه اني التقيت بالوزير يوم 3 ديسمبر 2012 وحملت معي توكيلا عن كلّ قاض من القضاة العشرة للاطلاع على ملفاتهم وعلى الأدلة التي اعتمدت عليها الوزارة لإعفائهم للتأكد من مزاعمهم المتعلقة بأن الوزارة لم تمكنهم من فرصة الدفاع عن أنفسهم، وقامت بعزلهم اعتمادًا على أسس زائفة، ومازالت تصر على منعهم من الاطلاع على ما يثبت إدانتهم. ولكن وزير العدل رفض ذلك الطلب.
كل ذلك يخرق المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحتي القانون التونسي الذي يلزم الدول بضمان التأكد مما إذا كان سلوك أحد القضاة أو قدراته كافية بأن تكون سببًا لإقالته، وألا تتم الإقالة إلا بعد محاكمة عادلة تعقب إجراءات ملائمة تحترم حقوقه في الدفاع عن نفسه وعلمه بالقضية المرفوعة ضدّه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.