لا تستغربوا ولا تستنكروا !! فواقع الحال يقول إن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وصوم رمضان وإيتاء الزكاة وحج بيت الله للمستطيع لا تكفي لدخول الجنة!! تأملوا معي هذا الحواروالذي أتصورأن أغلبكم قد عايشه أو حدث أمامه أوعلمه أو سمع عنه ولو في نشرات الأخبار. من منّا لم تزعج أذنه عبارة (القتل حسب الهوية)!! يسألك سائل هل أنت مسلم ؟ فتقول نعم ، فيردف بسؤال ثان: شيعي أم سني !! فإن أجبت بأنك سنّي فستتوالى الأسئلة : صوفي أم سلفي ؟!! أشعري أم متردي؟! مالكي أم شافعي أم حنفي أم حنبلي ؟!! فإن كنت صوفيا فأي طريقة تتبع ؟! فإن ذكرت الطريقة عليك أن تردفها باسم الفرع والشيخ التي تصاحبه !! وقس على ذلك إن كنت سلفيّا أو كنت شيعيّا . ورغم أن البعض يحاول أن يقنعنا أن هذه التقسيمات هي خلافات تنوع لا تضاد !! ويسوق المبررات تلو المبرّرات !! بل ويصنّف أي دعوة للالتزام بالنصّ القرآني: (هو سمّاكم المسلمين) بالمشبوهة !! غاضّا الطرف عن الأسباب التاريخية والظروف الموضوعية التي أدّت إلى ظهورهذه التقسيمات !! لم تعد عبارة أنا مسلم كافية لتأمن على نفسك في بلاد (المسلمين) !! فكل حزب بما لديهم فرحون!! وأنهم هم وحدهم الناجون!! كل من درس تاريخ المذاهب والفرق يعلم جيدا ذلك الخلاف الذي نشب بين أتباع المذهب الشافعي والمذهب الحنفي وذلك السؤال الشهير:هل يجوززواج شافعية المذهب من حنفيّ المذهب ؟! والعكس ؟!! واشتدّ الخلاف بين مانع ومجوز؟! أتعلمون كيف حسم الخلاف!! بفتوى تقول: يجوز الزواج بين أتباع المذهب الشافعي والمذهب الحنفي قياسا على زواج المسلم من الكتابية!! فالإباحة ليست لأنهما مسلمين !! بل قياسا على الزواج من أهل الكتاب!! مع العلم أن كل من الشافعي والحنفي هما من مذاهب أهل السنة ؟! وهذا يغني عن التطرق إلى قضية زواج السنّي من الشيعيّة أوالشيعي من السنيّة !! وأنا شخصيا صادفت شبابا وفتيات يعانون الأمرين جرّاء هذه الفتاوى منهم الشيعي الذي يرغب في الارتباط بسنية ، بل منهم فتاة تنتسب إلى طريقة صوفية لا تستطيع أن ترتبط بشاب وصفته بالملتزم؛ عيبه الوحيد أنه ليس صوفيا!! وآخر شيخه الصوفي منعه من الاقتران بفتاة تنتمي إلى طريقة أخرى!! ضع على محرك البحث (غوغل) واكتب سؤالا هل يجوزالزواج من المذاهب الأخرى ؟! وانظرالإجابة ؟!! ثم خبرني هل يكفي أن تكون مسلما لتدخل الجنّة ؟! بعد أن تستحضرالتاريخ عن المعارك المذهبية والطائفية الطاحنة التي راح ضحيتها الآلاف من (المسلمين) ، وتمعّن في قول قاضي الشام المتوفّى سنة 503 ه ( لو كان لي من الأمر شيء لأخذت على الشافعية الجزية) ، واسأل (ابن الأثير) فعنده الخبر اليقين!! الأدهى أن كل من ينسب إليهم تأسيس هذه المذاهب تبرؤوا من فعل الخلف مسبقا قبل أن تقع هذه الكوارث وردّدوا جميعا بصيغ شتّى عبارة مفادها : ( إذا صحّ الدليل فهومذهبنا) و(كل يؤخذ منه ويردّ إلا رسول الله)، و(ما وجدتموه من كلامي يخالف الدليل فاضربوا به عرض الحائط) !! ولكن خلف من بعدهم خلف !! قسمّوا الأمة وفرّقوا الدين شيعا وأحزابا ! أعتقد أن التحدّي الأكبراليوم أمام علماء المسلمين ومفكريهم إيجاد منظومة أصولية تعيد للفقه الإسلامي بهاءه وسماحته ودوره في حياتنا المعاصرة!! وعلماء اليوم ليسوا بدعا في هذا فالإمام الشافعي كان أهم تلاميذ الإمام مالك !! ولكنّه استوعب أن طلب الحقّ هوالمقصد ، فلم يتحجرأو يقدّس اجتهادات شيخه !! وإنما طورواجتهد !! وبعض طلبة العلم يردّدون أن للشافعي مذهبين ؟! دون أن يتأملوا!! ودون أن يأخذوا الدّرس أن لا قدسيّة لأي اجتهاد !! وأن لاعيب أومحظور جراء تطويرالاجتهادات !! ودون أن يعني هذا انتقاصا من المجتهدين الأوائل أوالحطّ من شأنهم !! فهل يأتي ذلك اليوم الذي نكتفي فيه بالتسمية القرآنية ( هو سمّاكم المسلمين) للتواصل فيما بيننا.