سمير ديلو "لا أولوية مطلقة لأي مشروع آخر إلا لمشروع العدالة الإنتقالية" أكدت سهام بن سدرين رئيسة مركز تونس للعدالة الإنتقالية ل"الصباح" على هامش اليوم الدراسي الذي نظمته أمس وزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية بالمجلس التأسيسي بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لعرض مشروع قانون العدالة الإنتقالية على أن "المشروع المقدم من قبل اللجنة الفنية للإشراف على الحوار الوطني حول العدالة الإنتقالية يُعدّ مشروعا نموذجيا في مجمله غير أن التعديل الذي جاء من طرف وزارة الدفاع بعد عرضه على المجلس الوزاري ويهم الفصل 43 الذي جاء مناقضا للفصل 59، ويتنافى مع روح كشف الحقيقة وهي لب المسار وشرط من شروط نجاحه". ويتعلق الإشكال بنقطة من الفصل 43 والتي ورد فيها أن من صلاحيات الهيئة "مطالبة السلط الإدارية والقضائية والهيئات العمومية ومن أي شخص مادّي أو معنوي أن يمدّها بالوثائق أو المعلومات التي بحوزتهم، وإذا كان الكشف عن الوثيقة المراد الإطلاع عليها من شأنه أن يلحق ضررا بالأمن العام أو بمصلحة الدفاع الوطني فعلى الوزارة المعنية بالأمن والدفاع الوطني إعطاء ملخص لمضمون تلك الوثيقة ما لم يتعارض ذلك مع تصنيفها، وفي صورة ثبوت خلاف ذلك للهيئة فعلى الوزارة المعنية تمكين الهيئة وجوبا من الإطلاع عليها".. وهو ما يتعارض مع الفصل 59 الذي وينص :"لا يجوز مواجهة طلبات الهيئة للحصول على معلومات أو وثائق بواجب الحفاظ على السر المهني وذلك مهما كانت طبيعة أو صفة الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي توجد لديه المعلومات أو الوثائق التي تطلبها الهيئة ولا يؤاخذ المؤتمنون على هذه الأسرار من أجل إفشائها للهيئة". مسار بطيء وأكدت بن سدرين أن مسار العدالة الإنتقالية كان مسارا بطيئا جدا ومزيد التباطئ سيكلف المجموعة الوطنية إجتماعيا وإقتصاديا وسياسيا وإنسانيا كما أن حقوق الإنسان مبنية على المحاسبة الفردية لا على المحاسبة الجماعية وبالتالي فإن إحداث هيئة الحقيقة والكرامة سيكون آلية لإحداث السلم الإجتماعي عبر كشف الحقيقة و المساءلة والمحاسبة وجبر الضرر والإصلاح المؤسّساتي ومن ثمة المصالحة. في ذات السياق أكد السيد سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية مجددا على ضرورة أن تكون الأولوية المطلقة في المجال التشريعي لهذا المشروع وليس لأي مشروع آخر مضيفا أنه "لا يقول هذا بناء على خلفية سياسية فالكل يعلم ان الكتلة التي كنت أنتمي إليها تتبنى خلافا لما أذهب إليه ولكني أؤكد مجددا على أن هذا المشروع هو الباب الذي نلج منه إلى تحصين الحقيقة والمسار الانتقالي والمسار الديمقراطي ذلك أن المنهجية المبنية على مساءلة مبنية على معرفة الحقيقة وعلى محاسبة مبنية على مساءلة شفافة ونزيهة وذات مصداقية وأن المصالحة غير المغشوشة المبنية على شفافية هذه الخطوات لا تتوفر بأي مسار من المسارات إلا مسار العدالة الإنتقالية" مسار كامل من جهته بين السيد مصطفى بن جعفر أن "العدالة الإنتقالية ليست مجرد صياغة لقانون وإنما هي مسار كامل ومتكامل يجب أن تصاحبه أرضية تتوفر به ظروف ومناخ سياسي مناسب تؤمنه السلطة كما تؤمنه المعارضة علاوة على مشاركة مختلف مكونات المجتمع المدني" مضيفا أن "هذا المسار لا يستوجب الإستعجال كما لا يستوجب التراخي" من جهة أخرى أكد السيد ديميتار شالاف ممثل المفوض السامي لحقوق الإنسان بتونس أن المكتب يواكب عن كثب الحوار الوطني والإقليمي من أجل صياغة مشروع قانون يتعلق بالعدالة الإنتقالية في تونس معتبرا أن دعم الصبغة الوطنية للحوار تتطلب تشجيع المشاركة الفعلية للمواطنين وضمانها في جميع مراحل رسم ووضع وإعمال مجموعة شاملة من تدابير مسار العدالة الإنتقالية. واعتبر أن المشروع كرّس معظم أحكامه لتحديد اختصاصات هيئة الحقيقة والكرامة وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بتقصي الحقائق وجبر الضرر بينما تحتاج أحكامه التي خصصت لعملية المساءلة مزيدا من التمحيص والوضوح وكذلك ما يتصل بمصطلحات القانون الدولي لحقوق الإنسان والمسائل المتعلقة بالإصلاح المؤسسي والتي وردت باقتضاب في المشروع. كما تم التأكيد على أن مشروع القانون لا يوضح بصورة جلية العلاقة بين الهيئة والمسارات التحقيقية والقضائية السابقة والموازية لمسار العدالة الإنتقالية ومنها مرسوم القانون عدد 1 بتاريخ 19 فيفري 2011 والمتعلق بالعفو التشريعي العام أو مرسوم عدد 97 بتاريخ 24 أكتوبر 2012 والمتعلق بالتعويضات لشهداء ثورة 14 جانفي ومصابيها وكذلك المحاكمات العسكرية وعلى وجه الخصوص علاقة الهيئة بلجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة ولجنة تقصي الحقائق عن الإنتهاكات منذ 17 ديسمبر 2010، الأمر الذي يبقى معه خطر تجزئة مسار العدالة الإنتقالية قائما، ولتفادي ذلك يتطلب الأمر مزيدا من الدراسة والتوضيح للعلاقة بين هيئة الحقيقة والكرامة وباقي المبادرات المندرجة ضمن العدالة الإنتقالية.