طابور من المترشحين للانتخابات الرئاسية القادمة في تونس فبعد اعلان رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي نيته الترشح لهذا المنصب توالت أسماء الشخصيات الوطنية وعبرت عن رغبتها في الفوز بمهام رئيس الجمهورية. فقد اعلن كل من الامين العام لحزب المجد عبد الوهاب الهاني والقيادي الشاب بالتحالف الديمقراطي محمود البارودي عن رغبتهما في خوض غمار التجربة. ومن الواضح ان الخلاف المحسوم بشأن مهام الرئيس والصلاحيات الجديدة التي سيتمتع بها في المرحلة السياسية القادمة فتحت "شاهية " العديد من الساسة للبحث عن الممرات الممكنة الى قصر قرطاج. واذ أبدى البعض من "الرؤساء المحتملين" لتونس رغبتهم في الترشح وحسم المسألة فإن البعض الآخر مازال يخوض نقاشات ضمن الدوائر الضيقة لعلاقاته الحزبية والشخصية. وحسب استطلاعات الرأي التي أجرتها عديد من المراكز البحثية ووسائل الاعلام المختلفة فإن نسبة من التونسيين حسموا امرهم في انتخاباب هذا او ذاك انطلاقا من الرؤى الايديولوجية التي من شانها ان تحسم لطرف بعينه. ورغم أن موعد الانتخابات غير واضح في انتظار التوافق حوله بين مختلف الفاعليات السياسية في تونس فان الحدث في حد ذاته يعتبر لحظة فارقة في حياة التونسيين بالنظر الى انه -ولأول مرة- سيتمكن التونسي من اختيار من يمثله كرئيس دون ضغط او تخويف. وتبقى مسألة التحالفات السياسية من ابرز الدعائم لهذا المرشح او ذاك حيث سيكون لكل جهة انتخابية مرشحا وهو ما سيضع العديد من الشخصيات تحت طائلة "الفرز الداخلي" احيانا في ظل وجود اكثر من مرشح في بعض الاحيان. التحالف من أجل تونس من ابرز الاشكاليات السياسية التي من شانها ان تعترض حركة نداء تونس وبقية شركائها السياسيين في التحالف من اجل تونس ( الجمهوري والمسار وحزب اليسار وحزب العمل الوطني الديمقراطي) هي "التخمة النخبوية" داخله اذ من المؤمل ان يعيش هذا التحالف حالة من "الحرب الباردة" من اجل ايجاد شخصية توافقية يمكن تقديمها كمرشح وحيد وممثل لكل القوى الناشطة داخل التحالف. ومن ابرز الشخصيات السياسية التي من شانها ان تمثل التحالف من اجل تونس رئيس الهيئة السياسية للحزب الجمهوري احمد نجيب الشابي والامين العام لنداء تونس الطيب البكوش بالاضافة الى كل من الامين العام لحزب المسار احمد ابراهيم والذي كان خاض تجربة سابقة في انتخابات 2009. امام بخصوص ترشح الباجي قائد السبسي لمنصب الرئاسة فقد اكد العديد من المتابعين ان ترشحه المعلن جاء ليحسم العديد من الخلافات داخل الحزب اولا وداخل الجبهة الانتخابية للتحالف وهو ما يعني ان امكانية تراجع قائد السبسي عن موقفه ذلك وارد جدا لفائدة الطيب البكوش الذي يملك قاعدة نقابية كبيرة سواء كانت داخل الحزب او خارجه بالإضافة إلى عامل السن حيث يمكّنه القانون الانتخابي من خوض السباق. زد على ذلك فان العاملين الجهوي والحقوقي من شأنهما ان يرجحا كفته في هذه المغامرة السياسية. سيناريوهات "الترويكا" في الجهة الأخرى تقف "الترويكا" بدورها على نفس الخط من الاشكال اذ انه وبالرغم من ان ترشيح شخصية مشتركة بين ثلاثي الائتلاف الحاكم لم تطرح بعد فان جميع الاحتمالات واردة في هذه المسألة وهو ما يطرح عددا من السيناريوهات يبقى ابرزها التالي: - السيناريو الابيض وهو ان يتم التوافق بين الاحزاب الثلاثة على ترشيح شخصية سياسية توافقية يمكن ان تكون من خارج الاحزاب اصلا وهو ما قد ينهي أي اشكال سياسي قد يحصل بين المؤتمر والنهضة والتكتل. - السيناريو الرمادي وهو ان يتم الاتفاق على ترشيح شخصية سياسية من حركة النهضة والاقرب في هذا السيناريو ان يكون الامين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي، حيث يؤكد كثيرون من إطارات الدولة على ان الرجل"تحركه كثير من النوايا الطيبة وانه من اشد الراغبين في تجاوز المراحل الصعبة بأقل ما يمكن من التكاليف والانعكاسات السلبية". ومروره على رأس الحكومة سيساعده على فهم دواليب الدولة زد على ذلك علاقاته الممتدة حتى مع رجال اعمال وساسة محسوبين على الفترة الماضية أي قبل 14 جانفي وهو ما يمثل رسالة طمأنة بالنسبة للكثيرين . وفي المقابل وفي حال قبل شريكا الحكم بهذا السيناريو فان حركة النهضة ستمكن كل من المؤتمر والتكتل من العودة الى السلطة من باب الانتخابات التشريعية حيث ستعمل الحركة على دعوة انصارها الى التصويت لفائدة مرشحي الحزبين. ووفقا للتحاليل السياسية فان هذا السيناريو اقرب الى ارض الواقع حيث يعلم كل من المؤتمر والتكتل انهما غير قادرين على العودة الى السلطة بذات الحجم السياسي الذي حققاه في انتخابات اكتوبر 2011 ولذا فان سيناريو القبول بمرشح حركة النهضة ومساندته ضمانة للبقاء كاحزاب حاكمة . - اما السيناريو الاخطر او الاسود فيكمن في ترشيح كل حزب لمرشح خاص به وتبدو نية رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي اقرب الى هذا الفعل على اعتباره قد جرب "لذة " السلطة دون صلاحيات وقبل بمنصب بصلاحيات محدودة جدا فما بالك اليوم وقد انتعشت بورصة الرئاسة بصلاحيات واسعة. وعلى عكس التحالفات السياسية الاخرى من المتحمل ان يبقى حمة الهمامي الامين العام لحزب العمال المرشح الوحيد للجبهة الشعبية للانتخابات الرئاسية القادمة. وياتي هذا الموقف ليؤكد دعم بقية الفواعل السياسية لليسار التونسي لمرشح من شانه ان يحقق اهدافا اذا ما تواصل العمل المشترك بين مختلف الاحزاب داخل الجبهة الشعبية بذات الحماس والتماسك. وقد حاولت بعض الاطراف وعلى خلفية ملف اتحاد العام لطلبة تونس "صب الزيت على النار" من اجل تفكيك العلاقة بين كل من حزب العمال وحركة الوطنيين الديمقراطيين وحزب الطليعة . الا ان قيادات الاحزاب اكدت في اكثر من مرة على التماسك الحزبي والسياسي لهم وان المسائل الايديولوجية هي مسائل مؤجلة بل وغير مطروحة بالنظر الى واقع البلاد ومستقبل التونسيين.