دولة أوروبية تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية خطيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها (بودربالة)    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    توننداكس يرتفع بنسبة 0،21 بالمائة في إقفال الجمعة    اليوم العالمي لحرية الصحافة /اليونسكو: تعرض 70 بالمائة من الصحفيين البيئيين للاعتداءات خلال عملهم    كفّر الدولة : محاكمة شاب تواصل مع عدة حسابات لعناصر ارهابية    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بجندوبة ..وحجز 41 صفيحة من مخدر "الزطلة"    اخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من المهاجرين الافارقة    سليم عبيدة ملحن وعازف جاز تونسي يتحدث بلغة الموسيقى عن مشاعره وعن تفاعله مع قضايا عصره    مركز النجمة الزهراء يطلق تظاهرة موسيقية جديدة بعنوان "رحلة المقام"    قابس : انطلاق نشاط قاعة السينما المتجولة "سينما تدور"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    إفتتاح مشروع سينما تدور    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    بداية من الغد.. وزير الخارجية يشارك في أشغال الدورة 15 للقمة الإسلامية    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    الاحتجاجات تمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    حالة الطقس هذه الليلة    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعاطي المشبوه في قضية «سامي الفهري» 1 / 2
رأي
نشر في الصباح يوم 25 - 05 - 2013

بقلم القاضي زهير عروس رئيس الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بقابس
منذ أن أصدرت دائرة الاتهام بطاقة إيداع ضد المدعو سامي الفهري(*) صلب قرارها القاضي بإحالته على المحكمة الجنائية ادعت بعض وسائل الاعلام بأن ذلك القرار يدخل ضمن تصفية حسابات سياسية
وتسارعت الحملة الاعلامية - بعد صدور القرار التعقيبي الأول عدد 7212 بتاريخ 28/11/2012 والقاضي بنقض القرار المطعون فيه وإرجاع القضية إلى محكمة الإستئناف بتونس لإعادة النظر فيها مجددا بهيئة أخرى - لإيهام الرأي العام بأن محكمة التعقيب أصدرت قرارا بالإفراج عن المتهم وأن النيابة العمومية رفضت تنفيذه بتأثير من وزير العدل
ولتسليط الضوء على مدى صدقية هذا الطرح عرض المسألة من الناحية القانونية وبيان المواقف القضائية عبر مختلف المراحل التي مرت بها القضية إلى حد الآن (أ) لمعرفة مدى صحة الإتهام الموجه للنيابة العمومية في علاقتها مع وزارة العدل والأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك الإتهام(ب
أ- حقيقة الإشكال القانوني والمواقف القضائية المتّخذة بشأنه
لا شك أن وضعية سامي الفهري أثارت إشكالا قانونيا بعد صدور قرار النقض الأول(1) تناولته المحاكم بمختلف أصنافها بالتحليل من وجهات مختلفة يتعين ابداء الرأي بشأن مواقفها(2)
1 - حقيقة الإشكال القانوني المطروح:
لتوضيح المسألة من الجانب القانوني ودون الخوض في الوقائع
تجدر الإشارة إلى أن أسباب الإشكال المطروح تعود بالأساس لكون بطاقات الايداع غالبا ما تصدر في الطور التحقيقي وأحيانا في مستوى دائرة الاتهام عندما تكون الأبحاث جارية ونادرا ما يكون صدور بطاقة الايداع في نفس قرار الإحالة على المحكمة المختصّة مثلما هو الحال في قضية "سامي الفهري"، فإذا ما نقضت محكمة التعقيب قرار الإحالة فهل يطال ذلك النقض حالة المتهم الموقوف ويترتب عنه إطلاق سراحه عملا بأحكام الفصل273 من مجلة الإجراءات الجزائية وهل أن قرار النقض المذكور يفضي بصفة آلية وغير قابلة للنقاش إلى إطلاق سراح سامي الفهري أم أن الموضوع يحتاج إلى نظر وتدقيق؟
للجواب عن هذا التساؤل يتعين الانطلاق أولا من مسألة قانونية بديهية مفادها أن محكمة التعقيب بوصفها محكمة قانون لا تنظر مبدئيا في مطالب الطعن إلا إذا كانت مؤسسة على أحد الأسباب التالية: -عدم الاختصاص- الافراط في السلطة - خرق القانون أو الخطأ في تطبيقه (الفصل 258 م أ ج)
وأن القرارات التي تصدرها تكون إما بالرفض أو بالنقض والاحالة أو بالنقض دونها
ومن هذا المنطلق فان النيابة العمومية لدى محكمة التعقيب لا علاقة لها بتنفيذ الأحكام القضائية التي هي من مشمولات محاكم الموضوع إلا أنه وبصفة استثنائية وباعتماد تحليل منطقي مبني على المزاوجة بين أحكام الفصلين 265 و273 من مجلة الاجراءات الجزائية(*) فانه إذا كان من آثار النقض ارجاع القضية للحالة التي كانت عليها قبل الحكم المنقوض بما يعني الغاءه كليا أو جزئيا فمن البديهي الغاء النتائج المترتبة عنه ومنها تنفيذ العقوبة التي قضى بها. ففي مثل هاته الحالة يكون من واجب النيابة العمومية أن تأذن بسراح المحكوم عليه عند توفر الشروط التالية:
- أن تصدر محكمة التعقيب قرارا بنقض الحكم المطعون فيه
- أن يكون الحكم المنقوض قاضيا بعقوبة نافذة
- أن يكون المحكوم عليه قد أودع السجن تنفيذا للحكم المنقوض
أما اذا كان المتهم موقوفا بمقتضى بطاقة ايداع صادرة عن جهة قضائية أصلية فلا يسوغ قانونا للنيابة العمومية ولو في صورة نقض الحكم المطعون فيه أن تأذن بالإفراج عنه من سجن ايقافه للأسباب التالية:
- عدم وجود سند قانوني: ذلك أن الأثر القانوني للنقض المنصوص عليه صلب الفصل 273 م أ ج لا ينسحب مباشرة على المحكوم عليه بدليل أنه يظل موقوفا ولو في صورة النقض إذا لم يكن وجوده بالسجن تنفيذا للحكم المنقوض
- بطاقة الايداع مسألة موضوعية: لأنها من خصائص قضاة الأصل تتخذ في الجنايات والجنح المتلبس بها وكذلك كلما ظهرت قرائن قوية تستلزم الايقاف باعتباره وسيلة أمن يتلافى بها اقتراف جرائم أخرى أو ضمانا لتنفيذ العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث (الفصل 85 م أ ج) فان بطاقة الايداع تعتبر من المسائل الواقعية الخاضعة لمطلق اجتهاد قضاة الأصل في تقدير تلك الحالات لا رقابة لمحكمة التعقيب عليها طالما كان اجتهادها مؤسسا واقعا على ما له أصل ثابت بأوراق القضية ومعللا تعليلا سليما
- بطاقة الايداع اجراء وقتي : لأنها تمثل وسيلة تحفظية استثنائية (الفصل 84 م أ ج) يلتجأ إليها عندما تتوفر الشروط الواقعية المشار إليها آنفا ويمكن الرجوع فيها والإذن بالسراح المؤقت بضمان أو بدونه كما يجوز اصدارها من جديد ولو بعد السراح بسبب عدم الحضور أو ظهور ظروف جديدة وخطيرة (الفصل 88 م أ ج) فان لبطاقة الايداع صبغة وقتية لا تأثير لقرار النقض فيها لأن مجال تأثيره في القرارات والأحكام الصادرة في الأصل نهائيا ولو تم تنفيذها (الفصل 258 م أ ج)
(*) الفصل 265 :" الطعن بالتعقيب لا يوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه... "
الفصل 273 :" القرار الذي تصدره محكمة التعقيب بالنقض يرجع القضية للحالة التي كانت عليها قبل الحكم المنقوض وذلك في حدود ما قبل من المطاعن"
ويكفي لابراز الصبغة الوقتية للقرارات المتعلقة ببطاقات الإيداع وعدم اقترانها بالقرارات والأحكام الأصلية أن نضرب مثالين:
الأول: عندما يتسلط النقض على قرار اتهامي أو حكم قضائي تخلت فيه محكمة الموضوع عن النظر في القضية لعدم اختصاصها وإبقاء بطاقة الايداع الصادرة ضد المتهم سارية المفعول فهل في هذه الحالة يفرج عن المتهم بمجرد صدور قرار بالنقض؟
الثاني: عندما يتسلط النقض على قرار اتهامي قضى بحفظ التهمة المنسوبة للمظنون فيه وترك سبيله فهل يودع من جديد السجن اعتبارا لحالته قبل الحكم المنقوص
الاجابة تكون قطعا بالنفي لكون النقض لا يتسلط إلا على القرارات والأحكام الأصلية ولا يؤثر سوى في أعمال التنفيذ المتعلقة بها.
2 المواقف القضائية المتخذة بخصوص الاشكال القانوني:
بالاطلاع على القرار التعقيبي الأول يتّضح أن الدائرة التي أصدرته أسست نقضها لقرار دائرة الاتهام على مخالفتها للفصل 114 من مجلة الإجراءات الجزائية فبعد استعراضها لأحكامه والتي توجب على دائرة الاتهام البت في القضية في الأسبوع الموالي ليوم اتصالها بها بمحضر الادعاء العام ودون حضور الخصوم تقر المحكمة بأن دائرة القرار المنقوض اتصلت بملف القضية مصحوبا بطلبات النيابة العمومية يوم 20 أوت 2012 وبأنها أصدرت قرارها يوم 24 أوت 2012 أي في نفس الأسبوع لتستخلص- بطريقة لا تمت للمنطق السليم بأية صلة وفيها انحراف حاد في تطبيق النص القانوني- بأن دائرة الاتهام لم تحترم الأجل المنصوص عليه بالفصل114 واعتبرت بأن ذلك يشكل خرقا صريحا للإجراءات
لا يختلف اثنان في ان الاسباب التي بنت عليها محكمة التعقيب قرارها الاول بالنقض واهية لاعتمادها على تطبيق سيئ لمقتضيات الفصل114 المشار اليه على المعطيات الواقعيّة المعروضة عليها يتعارض مع وظيفتها الاساسيّة كمحكمة قانون يمكن وصفه بالخطأ البيّن اذ لا يحتاج القارئ العادي لأسانيد النقض إلى دراية قانونية للوقوف على وهن ذاك التأويل
ولم يقف الأمر في سوء تطبيق القانون وتأويله عند هذا الحد من قبل الدائرة التعقيبية الأولى بل تعداه عند إصدارها لقرار الشرح بتاريخ 5/12/2012 بتغيير موضوع المطلب المقدم والرامي إلى البت في نزاع تنفيذي للتأثير على قواعد التعهد وخاصة عندما اعتبرت أن نقضها للقرار الاتهامي كان نقضا كليا وبما أن بطاقة الايداع تعد جزءا منه فان النقض يشملها أيضا. هذا الموقف الذي اتخذته الدائرة التعقيبية صلب ما سمي "بقرار الشرح" يتصف بخرق القانون المفضي الى تجاوز السلطة ويثيرجدلا كبيرا حول ملابساته إذ من غير المعقول أن تستند محكمة التعقيب إلى نص قانوني تأخذ منه ما تشاء وتتغافل فيه عما تشاء وعوض أن تعود المحكمة إلى استعراض المطاعن المثارة في القضية وتبني على ما قبلته منها وتستخلص النتائج القانونية باعتماد منطق سليم تطبيقا لمقتضيات الفصل 273 من مجلة الإجراءات الجزائية. كما أن ما يبعث على الاستغراب ما اعتبرته محكمة التعقيب من أن بطاقة الإيداع جزءا من القرار الاتهامي دون تمييز بين ماهو أصلي نهائي وبينما هو وقتي استثنائي وكذلك بين النّتيجة القانونيّة لقرار منقوض وبين الوسيلة التحفّظية الخارجة عن نطاق الأثر القانوني للنّقض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.