قال أمس رئيس المركز الدولي للقانون والاعلام والتنمية مصطفى صخري المحامي لدى التعقيب إنه لم يعد لرئيس الجمهورية المؤقت أو وزير العدل أو الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس أي دخل في قضية المنتج التلفزي والاعلامي سامي الفهري. وخلال ندوة صحفية نظمتها الرابطة التونسية للتسامح بمقر النقابة الوطنية للصحافيين بالعاصمة أضاف الأستاذ مصطفى صخري أن محكمة التعقيب أيضا لم يعد لها أي سلطة على ملف سامي الفهري.
وقد قدم الأستاذ صخري قراءة قانونية حول اصدار بطاقة الايداع بالسجن ورفعها وآثار النقض بالتعقيب وقد تم التطرق إلى موضوع وزير الشؤون الدينية السابق بوبكر الأخزوري ووزير الاعلام السابق عبد الوهاب عبد الله.
من الناحية الاجرائية
ذكر الأستاذ مصطفى صخري أن قرار محكمة التعقيب اقتصر فقط من الناحية الاجرائية على القضية ولم يلج إلى أصل الجرائم موضوع الاحالة ولم يبد رأيه في توفر أركانها من عدمها مؤكدا أن قرارها فعل أحكام الفصل 199 من مجلة الاجراءات الجزائية المتعلق ببطلان الاجراءات باعتبار أن دائرة الاتهام قد خرقت إجراء هاما يتمثل في مبدإ المواجهة ووجوب ضمان حقوق الدفاع.
وذكر الأستاذ صخري أن ما جاء بهذا القرار يجب التنويه به ولا يمكن أن يوصف إلا بأنه قرار ثوري في تاريخ محكمة التعقيب وذلك على أساس أنها كرست بحيثيات قرارها وجوب احترام الاجراءات الأساسية للمحاكمة .
تجاوز مدة الايقاف التحفظي
وبخصوص وضعية المتهم عبد الوهاب عبد الله جاء في قرار النقض الصادر عن محكمة التعقيب «حيث أنه بالاضافة إلى أوجه النقض المبينة فإنه تبين بمراجعة أوراق الملف أن المعقب عبد الوهاب المذكور قد تجاوز مدة الايقاف التحفظي المسموح به قانونا بالفصل 85 من مجلة الاجراءات الجزائية باعتبار أنه تم إيقافه يوم 24 جوان 2011 وتاريخ صدور قرار دائرة الاتهام كان يوم 24 أوت 2012 والمحكمة تجاوزت هذا الاخلال رغم أهميته وعلاقته بالمدة القصوى للإيقاف التحفظي وكان بالتالي قرارها خارقا لقاعدة إجرائية أساسية منصوص عليها بالفصل 85 المذكور ولها مساس بالنظام العام ومصلحة المتهم الشرعية واستحق النقض من هذه الناحية كذلك».
وقد قال الأستاذ صخري في هذا الصدد إنه من الثابت أن محكمة التعقيب لم تفرج عن المتهم عبد الوهاب عبد الله ولم ترفع في شأنه مفعول بطاقة الايداع بالسجن الصادرة من قاضي التحقيق رغم تجاوزه مدة الايقاف التحفظي.
قضية سامي الفهري استثناء
والسؤال الذي يطرح حتما هل أن الافراج عن سامي الفهري يحتم أن يكون آليا بموجب النقض وهل فعلا أنه الاستثناء في تاريخ القضاء التونسي الذي لم يفرج عنه؟ وللإجابة عن هذا السؤال لاحظ الأستاذ مصطفى صخري أنه لو كان لمحكمة التعقيب طبق نص قانوني إصدار بطاقات الايداع ورفعها والافراج عن المتهمين لقضت قطعا بالافراج عن المتهمين سامي الفهري وعبد الوهاب عبد الله معا مستنتجا أن محكمة التعقيب لا تختص بإصدار قرارات الافراج عن المتهمين أو رفضها واستنتج المحامي أن الرأي القائل بأن محكمة التعقيب تنقض بطاقات الايداع الصادرة عن دائرة الاتهام يفتقر إلى سند قانوني سليم خاصة أن المشرع قد بين بكل دقة المخول له تنفيذ الأحكام القضائية وحصرها بيد النيابة.
قراءة خاطئة لأحكام الفصل 273
يقول البعض إن الافراج حتمي على من صدر لفائدته قرار بالنقض من قبل محكمة التعقيب وكان بحالة إيقاف وهذا الرأي قال عنه الأستاذ مصطفى صخري «إنه تعوزه الدقة» إذ جاء في الفصل 273 من المجلة الجزائية أن القرار الذي تصدره محكمة التعقيب بالنقض يرجع القضية إلى الحالة التي كانت عليها قبل الحكم المنقوض وذلك في حدود ما قدم من مطاعن».
وحسب الأستاذ صخري فإنه إذا كان القرار بالنقض مع الاحالة وحكمت محكمة الاحالة بما يخالفه ثم وقع الطعن في هذا الحكم بنفس المطاعن الأولى فإن محكمة التعقيب المتألفة من دوائرها المجتمعة تتولى فصل الخلاف القائم بينها وبين محكمة الاحالة وقرارها .في هذا الموضوع يكون واجب الاتباع من طرف محكمة الاحالة الثانية.
واستخلص الاستاذ صخري أن آثار النقض من قبل محكمة التعقيب التي تفيد محكمة الموضوع بعد اعادة النظر في القضية بموجب الاحالة تخص فقط ما قدم من مطاعن قانونية يتمسك بها الطاعن. مضيفا انه اذا تسلط النقض على بطاقات الايداع نص المشرع على وجوب التنصيص حتما بمنطوق القرار التعقيبي على الافراج كما هو الحال لما نص عليه الفصل 170 من مجلة الاجراءات الجزائية.
في السجن
وبخصوص المكتوب الذي وجهته النيابة إلى إدارة السجن المدني بالمرناقية لاطلاق سراح المتهم سامي الفهري فقد جاء به حرفيا «نحن وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب نأذن مدير السجن المدني بالمرناقية بسراح سامي الفهري الصادر في شأنه حكم بالسجن تنفيذا للحكم الجزائي 86165» وقد تطرق المحامي مصطفى صخري الى هذه النقطة مؤكدا ان المتهم سامي الفهري لم يصدر في حقه في القضية المحال فيها حكم يقضي بسجنه حتى يفرج عنه علما انه موقوف بمقتضى بطاقة ايداع صادرة عن دائرة الاتهام.
حجية قرار الشرح
ذكر الاستاذ مصطفى صخري ان قرار الشرح وإن لم يشر صراحة الى وجوب الافراج عنه فإنه دال على ذلك وفي الحقيقة فإن ذلك حتى وإن كان يتعارض مع طبيعة محكمة التعقيب كمحكمة قانون ولا تمتلك سلطة الغاء مفعول بطاقة الايداع او اصدارها الصادرة عن حاكم التحقيق او دائرة الاتهام فإنه كان من الحتمي التقيد بذلك فنحن أمام قرار جزائي له صبغته الرسمية على معنى أحكام الفصل 443 من مجلة الالتزامات والعقود اي انه كان على النيابة في هذه الصورة الافراج عن سامي الفهري دون نسيان حق الافراج عن المتهم عبد الوهاب عبد ا& ايضا بما ان آجال الاحتفاظ به قد تجاوزها. اذن بالنسبة إلى الاستاذ الصخري فإن قرار الشرح الصادر عن محكمة التعقيب يلزم النيابة العمومية بالافراج عن سامي الفهري.
وضعية سامي الفهري بيد دائرة الاتهام
وأكد الاستاذ مصطفى صخري ان الافراج عن سامي الفهري وتفعيل قرار محكمة التعقيب لا يستقيم باعتبار ان القضية تعهدت بها دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي ستنظر في القضية يوم 3 جانفي القادم.
واعتبر عبد الوهاب هاني رئيس حزب المجد ان قضية سامي الفهري فضيحة قانونية وسياسية مؤكدا ان وزير العدل عند اجتماعه بوفد حقوق الانسان لدى الأممالمتحدة قال لهم ان محكمة التعقيب أخطأت عندما أفرجت عنه. وقد علق عبد الوهاب الهاني عن هذا الامر وقال إن وزير العدل جعلنا أضحوكة لدى الأممالمتحدة».