عاش ريف الوساعية وجبل سمامة بسبيطلة في نهاية الاسبوع أجواء استثنائية أعادت إلى جبال القصرين شيئا من بريقها الذي نسفته الألغام إذ كان الرعاة والقطعان في الموعد لأجل إعادة اعمار الجبل بالحب والشعر والعمل. الدورة الثانية لعيد الرعاة نظمها فريق المركز الثقافي الجبلي بريف الوساعية بسبيطلة وجمعيتا الهضاب والسياحة الجبلية بالتعاون مع جمعية تنمية المرأة الريفية بقلال سمامة. كل هذه الجمعيات التي ولدت بعد الثورة سعت لضمان التئام الدورة الثانية لعيد الرعاة رغم غياب كلي للدعم الرسمي حسب ما أكده لنا السيد عدنان الهلالي. عيد الرعاة انتظم تحت شعار"الرعاة يمشطون جبالهم" في اشارة واضحة الى ان الرعاة وحدهم بامكانهم "انتزاع" هذه الألغام التي زرعت في الجبال.. وذلك من خلال اعمارها وتنشيطها واعادة الروح اليها. السهرة الاولى لعيد الرعاة انتظمت تحت بيوت الشعر قرب راقوبة العقاب هناك حيث التف الجميع حول الكامل بلعيد وشقيقته صليحة وناي عمار الصالحي و"طروقات" حدة وجارية الهلالي. سهرة امتازت بالحميمية التي تميز حياة الرعاة فلم تكن هنالك مضخمات صوت ولا اكسسوارات المهرجانات المعتادة. من صبيحة الغد، كانت الحركية غير عادية على سفح الجبل فالكل كان يحمل عصاه ويتجه الى "المدادير". المشهد كان ملفتا للانتباه خاصة مع وجود عدد كبير من الاطفال والشبان وكأن الجبل ناداهم فهبوا إليه. الملتقى كان في كهوف بالجبل تحمل اسم "المدادير الثلاثة" وهناك اجتمع اهالي الجبل القادمين من "الدبابة" و قلال سمامة والقصرين. وعلى جنبات الشعبة كانت "خالتي جارية" (كما يناديها كل اهل الجبل) ترعى قطيعها و"تهز في الطرق" (تغني اهازيج جبلية) في حين كان احمد بن حريز دبابي يجز نعجة في قاع الوادي السحيق وغير بعيد عنه اعد الشباب متروسة صغيرة و"المتروسة" هي تجميع "كرود الزقوقو" فوق النار وهي من تقاليد الرعاة الذين يعتمدون على الجبل وما ينبته في غذائهم دوائهم. في هذه الاجواء المنعشة استمتع الحضور بدويتو مع خالتي جارية والامجد دبابي تغنيا فيه بالجبل واهاليه وملاحمه واوجاعه. اما في نهاية هذه الاحتفالية الاصيلة فاجتمع الكل في ظل "المدور" حيث تم تكريم السيد بشير العمري رئيس جمعية تنمية المراة الريفية بقلال سمامة وايضا السيد موسى قربوز رئيس الوكالة التركية للتعاون والتنسيق وجمعية امل بريف الرخمات. منظمو المهرجان كرموا الصحافيين الذين غطوا التظاهرة و هم أساسا من الخلية الإعلامية بالقصرين كما احتفى عيد الرعاة بالجمعيات التنموية بسفح جبل سمامة وهي جمعيات التنمية باولاد احمد وبالشوابنية و بالونايسية وجمعية الكرامة بأولاد عمر وجمعيات السواعد ونماء وهي جمعيات وليدة.