قدم بيرم الكيلاني المعروف باسم "بنديرمان" عرض "زوفري في بلاد العجائب" بقاعة الحمراء الزفير بالمرسى مساء أول أمس في أول عرض لهذا العمل الجديد الذي حضره عدد كبير من الجماهير كان أغلبها من إعلاميين وأهل الثقافة وناشطين في المجتمع المدني ومثلما اعتاد بنديرمان، المارق على ما هو متعارف عليه في العروض الموسيقية منذ بداية مسيرته اي ما يقارب العقد، بنقده السياسي وعدم التزامه بسياسة "الطاعة" فقد أكد في هذا العرض الجديد الذي أخرجه المسرحي معز القديري أنه ماض في خيار "التمرد" في مفهومه الشامل فكان هذا العرض اختزالا لنمط فني يحمل إمضاء بنديرمان من حيث الشكل والمضمون والطريقة على نحو كان فيه موغلا في السخرية لاذعا في النقد هزليا في الطرح والتصور وكأنه وحده من استشعر مواطن نسمات الحرية والنفس الديمقراطي في تونس الجديدة في التعاطي مع المواقف والأحداث والأشخاص مستفيدا في ذلك من "شطحات" الشخصيات السياسية والمشاهد الاجتماعية في بلادنا لتكون محور أغانيه فاختار في عرض"زوفري في بلاد العجائب" أن ينطلق من قصة مواطن تونسي عادي استفاق على نبأ فرار الدكتاتور ليبدأ في تخيّل حياة أخرى تقطع في جميع المستويات مع الواقع في عهد النظام البائد مطلقا العنان لأغان هزليّة. ليدخل بنديرمان بروحه الهزليّة وأسلوبه الساخر في هذا العرض الموسيقيّ، وعلى طريقته في تصفح الحلم التونسي والشعور بالفوضى الذي يغمر هذا "الزوفري" عبر ألوان موسيقية إيقاعية تراوح بين الروك و"الفولك" خاصة أن هذا النمط من الموسيقى يتميز بتعايشه مع جميع الأنماط الموسيقية العربية والغربية والشرقية. لتجسد كلمة "زوفري" بما تحمله من معاني وإيحاءات معنى الغربة والمعاناة والتشرد التي أصبح عليها واقعنا اليوم في ظل عدم وضوح الرؤى وتباعد الأفكار وتشعب المسائل وتهافت الطامعين. الأمر الذي ساهم في تأزيم الوضع في تونس اليوم ولئن كانت بصمة المخرج مصدر إضافة للعرض من حيث التقنيات والمراهنة على الموسيقى والايقاع، فإن جرأة بنديرمان، المبالغ فيها أحيانا، على الركح وعدم التزامه بالشروط الفنية من ناحية أخرى من العوامل التي تحسب لهذا العرض الذي يعبر في جزء كبير منه عن واقع بلادنا. فغنى بنديرمان "نحبك" و"زوز" و"العيشة كلبة" وغيرها من الأغاني الأخرى الساخرة. وكانت عديد الشخصيات الفنية والسياسية حاضرة في العرض على غرار منصف المرزوقي وسنية بن تومية ومحمد الجبالي ومقداد السهيلي وغيرهم من الأسماء والأحداث والظواهر التي عالجها بنديرمان على طريقته ليكون العرض في أغلب ردهاته أقرب إلى العرض المسرحي من حيث الحضور والتحرك على الركح والإضاءة وتوظيف الومضات المصورة التي تضع المتفرج في "حضرة" عرض غير عادي، مما يبين أن المخرج معز القديري أولى عناية كبيرة للجوانب التقنية أكثر من الاهتمام بالمضمون خاصة أن مدة العرض تقارب ساعة