الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة «الرونق» للمهنة.. الأخذ بيد المحامين الشبان والتوزيع العادل لقضايا الدولة والمؤسسات العمومية ومقاومة السمسرة «الداخلية» و«الخارجية»
انتخابات عمادة المحامين :«الصباح» تلتقي المترشحين مختار الطريفي وابراهيم بودربالة
نشر في الصباح يوم 19 - 06 - 2013

أفسحنا المجال يوم أمس لإثنين من المتراهنين الستة على منصب عميد المحامين
هما الأستاذان محمد نجيب بن يوسف وصلاح الدين الشكي واليوم نفسحه للاستاذين مختار الطريفي وإبراهيم بودربالة للحديث عن دوافع ترشحهما و"برنامجهما الانتخابي"
الأستاذ مختار الطريفي ل«الصباح»: المحاماة احتلت المواقع الأمامية في مقاومة الاستبداد وإسقاط الدكتاتورية ثم.. استبعدت إثر الثورة
مختار الطريفي أحد المترشحين الستة لمنصب عميد المحامين بدأ مسيرته "النضالية" منذ ان كان طالبا في الجامعة التونسية مما كلفه "التجنيد الاجباري" ثم في جانفي ولما تم طرده نهائيا من جميع معاهد التعليم العالي.
وقد عاد للجامعة اثر قرار تحصل عليه من المحكمة الادارية ليحصل على الاجازة في الحقوق سنة 1978 وكان قد ابتدأ مسيرته المهنية كصحفي في جريدة الصباح منذ سنة 1976 التي أطرد منها في سبتمبر 1982 لاسباب نقابية وقد تولى مختار الطريفي الكتابة العامة لجمعية الصحفيين التونسيين وعضوية الفيدرالية الدولية للصحفيين.
أما بقية مسيرته وبالاخص في صلب الرابطة التونسية لحقوق الانسان فهي معلومة من الجميع تقريب
افتتحنا محاورتنا للاستاذ مختار الطريفي بالسؤال الاستفزازي التالي:
هل لم يتعب مختار الطريفي من النضال بعد مسيرة طويلة وشائكة سواء كطالب ثم كصحفي ثم كرئيس لرابطة حقوق الانسان خلال "سنوات الجمر"؟
في البداية أريد أن أفسر لماذا أنا مترشح لمنصب العميد.
فالمحاماة احتلت الصفوف الأمامية ولعبت أدوارا كبيرة في مقاومة الاستبداد وكانت في المقدمة لإسقاط الدكتاتورية انطلاقا من يوم 18 ديسمبر 2010 وواصلت احتلال المواقع الأولى إلى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل.
فقد مثلت خلال العهد الماضي إحدى القوى الطلائعية في مقاومة الاستبداد والدكتاتورية.
ولكن للأسف بعد الثورة تراجعت المحاماة كثيرا عن هذا الموقع ولم نعد نسمع صوتها في عملية المساهمة في بناء الدولة الديمقراطية تصورا وإنجازا وفي معركة بناء مؤسساتي يتميز بالتفريق الحقيقي بين السلط وخصوصا في بناء سلطة قضائية قوية ومستقلة فقد تخلت المحاماة للأسف عن هذا الدور المحوري الذي هي به جديرة وتم استبعادها عن القضايا الكبرى التي يتوقف عليها نجاح المسار الديمقراطي في البلاد ككتابة الدستور وبناء المؤسسات الديمقراطية وانشاء الهيئة المستقلة للانتخابات وهيئة السلطة القضائية.
ولذا فبالنسبة لي فإنه من الأساسي والمتحتم أن تعود إلى احتلال دورها الطبيعي أي دورها الوطني في المساهمة بفعالية في البناء الديمقراطي كما ساهمت في إسقاط الدكتاتورية وهو ما يتطلب الحزم من قبل عمادة المحامين كما يتطلب معرفة دقيقة وعميقة بواقع البلاد.
هل أنك توحي ضمنيا بأن الهيئة المتخلية كانت مقصرة في أدائها؟
لا، فأنا لم أقل إنها قصّرت فتخلي العميد الكيلاني إثر الثورة خلق أزمة داخلية أثرت على أداء الهيئة.
فالعميد شوقي الطبيب بذل قصارى جهده إلا ن العديدين من اعضاء الهيئة غادروها إلى معترك الحلبة السياسية والاعلامية.
وهو ما خلق أيضا آنذاك أزمة جانبية حول "المحامين الاعلاميين".
هذا الموضوع وقع تضخيمه في وقت من الأوقات، فالمحامي الذي يعطي رأيه في قضية.. ذلك من حقه ولا يمثل مشكلا لكن لا يحق للمحامي أن يشتغل في مؤسسة إعلامية وأن يتلقى منها أجرا أو أن ينتج برنامجا فأنا ضد هذا الأمر لأن المحاماة مهنة A plein Temps ولا يحق لممارسها أن تكون له مهنة ثانوية بأجر. كما أن هناك أيضا محامين يسجلون أسماءهم في المهنة ثم يغادرونها لتعاطي مهن أخرى وسأحرص على أن يعمل كل من يسجل اسمه بجدول المحاماة في القطاع وألا يغادره.
إن مسؤولياتي السابقة مكنتني، حسب اعتقادي من الاطلاع المعمق على الوضع في البلاد ومن معرفة الفاعلين الأساسيين ومختلف الأطراف المتحركة على الساحة والمؤثرة في الأحداث في مختلف الهياكل والقطاعات.
الأمر الهام الذي لا بد من الإشارة إليه هو أن القضايا المهنية للمحاماة لا يمكن حلها إلا بعمادة قوية.
فنحن نعيش حاليا وضعا انتقاليا يتميز بإعادة توزيع المواقع ويؤسس للفترة القادمة وأي قطاع اليوم، إن لم يكن قويا فإنه لن يستطيع أن يحتل مكانا له في المشهد الذي هو بصدد التشكل.
ويجب أن تعود المحاماة لتتصدر المشهد من جديد.
فخلال الأحداث الممهدة للثورة وخلال أحداث الثورة نفسها وخلال عديد التحركات الاحتجاجية الأخرى كنا نرى المحامين في صدارة المشهد مباشرة بعد الاتحاد العام التونسي للشغل وهنا تجدر الاشارة إلى محاكمات الحوض المنجمي وغيرها من محاكمات الرأي.
وأنا واثق أنه بتحقيق عودة المحاماة إلى موقعها يمكن حل القضايا المهنية للمحامين.
وفي صورة انتخابك، ما هي القضايا التي ستركز عليها؟
عندما يدخل المحامي الجديد للحياة المهنية لا بد له ان يتلقى تشجيعات وحوافز تمكنه من أن يخطو خطواته الأولى في معترك الحياة المهنية على غرار بقية القطاعات المهنية الاخرى. فالدولة أقرت ترسانة من الحوافز والتشجيعات عند الانتصاب للحساب الخاص في مختلف الميادين والغريب في الأمر أنه وقع تجاهل المحامين في هذا الصدد.
فلا بد أن تسعى هياكل المهنة وفي مقدمتها الهيئة والعمادة إلى أن يقع الأخذ بيد المحامي في بداية طريقه فمهنة المحاماة هي ذات طاقة تشغيلية عالية ولا بد أن نسندها.
وهناك أيضا موضوع آخر يجب ن يكون في سلم الاهتمامات وأن يعتبر بدوره من الأولويات وهو موضوع قضايا الدولة والمؤسسات العمومية وتوزيعها فهذا التوزيع لا يزال إلى اليوم غير عادل وغير شفاف وسأسعى في صورة اختيار زملائي لي طبعا إلى أن يصبح هذا التوزيع غير خاضع لمعيار الولاءات بل أن يتم حسب الكفاءة وبمقاييس واضحة وشفافة وأن يخضع أيضا إلى اللامركزية بحيث توكل إلى المحامين في الجهات قضايا الدولة ومؤسساتها التي تنظر فيها المحاكم المنتصبة بجهاتهم.
ومن المشاكل الأخرى التي تواجهها المهنة هي أن مرسوم 20 أوت 2011 المتعلق بحصانة المحامي هو غير مفعل بالشكل المطلوب وتبين أنه قاصر عن حماية المحامي أثناء أدائه لواجبه فهناك اليوم مئات المحامين المحالين على التحقيق الجزائي في قضايا ينسبها لهم القضاة بينما نص القانون على عقوبات تأديبية فقط.
فالنص الحامي للمحامي في ما يخص نشاطه المهني موجود لكنه للأسف غير مطبق وسنناضل من أجل تلافي هذا الامر.
كذلك سندافع عن اختصاص المحامي بالترافع أمام عديد الهيئات وفي عدة مجالات حسب نفس القانون المذكور إذ أننا نشاهد اليوم اختصاصات وهيئات مختلفة تتعدى على اختصاصات المحامين وتفتك مكانهم (شركات المحاماة الاجنبية مثالا).
وبالاضافة إلى كل ما سبق فإن هناك مسألة هامة تطرح حاليا بإلحاح وهي مسألة التكوين.
فاليوم هناك انفتاح على العالم وهناك محامون أجانب سيدخلون على الساحة مما يفرض رسم خطة وطنية للتكوين على المستوى الوطني والجهوي حتى يواكب المحامون المتغيرات الحالية.
وهل سيكون موضوع السمسرة في القطاع من جملة اهتماماتك؟
نعم، إن هذا المشكل قائم الذات ولذا فإن مقاومة السمسرة واستجلاب الحرفاء بطرق غير مشروعة لا بد أن تكون بدورها في مقدمة الاهتمامات وسنعمل بالتعاون مع الفروع على رسم خطة وطنية لمقاومة هذه الظاهرة السلبية في صلب المحاماة وأيضا في خارجها فهناك موظفون عموميون يساهمون وبمقابل في انتشارها إذ يتولون توجيه المتقاضين نحو محامين معينين.
ستتركز جهودنا أيضا على العمل الجاد من أجل مراجعة تقاعد المحامين فمعاشات السلك حاليا متواضعة جدا مقارنة بمعاشات عديد المهن الأخرى ولا بد من تلافي هذا الأمر في أسرع وقت.
وتجدر الإشارة أيضا إلى مسألة تفرض نفسها فرضا اليوم وهي خلق فرع للمحامين في كل محكمة استئناف فبعد أن كان عددها لا يتجاوز الثلاثة أصبحت تعد اليوم سبع محاكم. لذا يجب أن يتم تركيز فروع جديدة لكي يمكننا العمل وبسرعة على الاحاطة بشؤون المحامين.
وإضافة إلى كل ما سبق فإن تحقيق نظافة المحاماة من الداخل سيمثل بالنسبة لي رهانا هاما إذ يجب تحصين المحاماة وذلك عبر الاهتمام بالشأن الداخلي للقطاع.
أنت محام "مخضرم" إن صح التعبير، فهل تعتقد أن هذا الأمر سيخدمك في كسب الأصوات ويخدم القطاع خلال المعارك القادمة؟
خلال مسيرتي المهنية الطويلة اكتسبت خبرة ومعرفة طويلة بالرجال والمواقع Les hommes et les situations وخلال اشرافي على رابطة حقوق الإنسان لسنوات طويلة لم انقطع أبدا عن شؤون المحامين وتعاملت ونسقت مع عمادة المحامين كما لم أنقطع أبدا عن شؤون المحاماة وكنت دائما في صلب معارك المحامين، سواء خلال المدة التي عملت فيها صحفيا في "الصباح" أو في مجلة "الموقف" أو خلال تحملي مسؤوليات في صلب الهياكل المهنية لقطاع الصحافة ضمن جمعية الصحفيين التونسيين أو ضمن الفيدرالية الدولية للصحفيين، وقد خُضت عديد المعارك وطنيا ودوليا وسأحاول أن أفيد مهنة المحاماة بما أكتسبته.
هل يمكن أن نعتبر أنك مرشح لتيار اليسار؟
أنا من اليسار إلا أنني لم أنتم أبدا إلى أي حزب أو إلى أي تيار سياسي، فهاجسي هو المساهمة ومد يد العون لبناء الدولة الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي والنضال من أجل تحقيق فصل حقيقي بين السلط.
وأنا لست مرشح أي حزب أو جمعية وإذا ما تم انتخابي فإنني سأطلب من زملائي المنتخبين سواء في العمادة أو في الفروع ومن مجلس الهيئة الوطنية التخلي عن مسؤولياتهم السياسية ضمن الأحزاب.
جمال الدين بوريقة

الأستاذ إبراهيم بودربالة ل«الصباح»: المحامون الملتزمون حزبيا لا يشكلون الغالبية في مهنة المحاماة
المسؤولية المهنية تحتاج التفرغ والوقوف على نفس المسافة مع كل الأحزاب السياسية
انتخابات 23 جوان ليست كسابقاتها وخطأ النظام السابق أنه هيمن على الحياة السياسية والاجتماعية
شهدت أروقة المحاكم هذه الأيام حركية حثيثة استعدادا لانتخاب عميد جديد على رأس الهيئة الوطنية للمحامين وتجديد هياكل المهنة للسنوات الثلاث القادمة. ويعتبر الاستاذ إبراهيم بودربالة من بين المترشحين البارزين لخطة العمادة خاصة وانه سبق له الترشح لخطة العمادة في 3 مناسبات إضافة الى ترؤسه الفرع الجهوي للمحامين بتونس في دورتين متتاليتين واضطلاعه بالعديد من المهام في صلب هياكل المهنة سابقا.
في لقاء مع "الصباح" تحدث بودربالة عن برنامجه الانتخابي وآخر استعداداته لانتخابات 23 جوان والحلول المطروحة لتطوير قطاع المحاماة وضمان استقلالية المهنة بعيدا عن أي توظيف سياسي وحزبي. فيما يلي نص الحوار:


ترشحت لخطة العميد في 3 مناسبات سابقة، فلماذا هذا الاصرار على كرسي العمادة؟
- انتسبت الى المهنة منذ أكثر من 35 سنة، وانتخبت عضوا في العمادة سنة 1977 وأعيد انتخابي سنة 1989 وانتخبت كذلك سنة 1992 رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بتونس الى غاية 1998،وشاركت في تأسيس الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ومنذ 92 تفرغت لرئاسة فرع المحامين بتونس لاعتقادي ان المسؤولية المهنية تحتاج الى التفرغ والوقوف على نفس المسافة مع كل الاحزاب السياسية سواء في الحكم أو في المعارضة.
وبعد الثورة كنت عضوا في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وشاركت في انتخابات 23 أكتوبر في قائمة مستقلة عن ولاية بن عروس.
وبخصوص اصراري على الترشح فقد سبق ان تقدمت للترشح لخطة العميد للهيئة الوطنية للمحامين في 3 مناسبات سابقة وأنا أحمل ولا أزال رؤية جديدة لتطوير شأن المحاماة وتوحيد صفوف المحامين وضمان استقلاليتها من اي توظيف سياسي.
الا تعتبر ان استهداف النظام السابق للحياة السياسية ولقطاعكم ساهم بشكل او بآخر في تأزيم القطاع وضرب وحدة صف المحامين؟
- مهنة المحاماة تطورت في المجتمعات الحديثة ورسالة المحاماة في المجتمع هي بالضرورة ذات فائدة باعتبار ان الوطن يتكون من مجتمع ودولة فالمجتمع له طموحاته والدولة لها قوانينها، وإذا ما ضعفت الدولة نجمت عن ذلك الفوضى وعندما تقوى الدولة على حساب المجتمع يكون الاستبداد والطغيان.
الخطأ الأساسي للنظام السابق انه حاول الهيمنة على الحياة السياسية والاجتماعية ولم يترك متنفسا للاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والهيئات المهنية للقيام بدورها في المجتمع والوطن وهذا الامر أدى الى الانفجار الذي عاشته البلاد.
بحكم خبرتك وتجربتك في مهنة المحاماة، كيف يمكن تشخيص مشاغل المهنة؟
-مشاكل المهنة متعددة وجزء منها يتحمله المحامون وجزء أكبر تتحمله السلطة ذلك ان النظام لم يعمل على تدعيم تدخل المحامي واكتفى ببعض التشريعات الطفيفة التى لم تساهم في حلّ المشاكل لذلك نرى ان المحامين وخاصة منهم الشبان يعانون من مصاعب مادية كبيرة ولا تلوح بوادر الانفراج سواء على المدى القصير أو البعيد لغياب الدراسات الاستشرافية حول واقع ومشاغل المحاماة، ثمّ انه ومنذ التسعينات انزلقت المهنة بين مؤيد للسلطة ومعارض لهيمنتها وصار الاهتمام بالصراعات السياسية على حساب المشاغل المهنية ومحاولة ايجاد الحلول الملائمة لحل المشاكل التى تعترض المحامي بجميع أنواعها.
في السابق انقسمت المحاماة الى 3 أقسام، قسم مؤيد للسلطة وآخر معارض لها، وثالث خيّر الانزواء وعدم حشر نفسه في هذا الصراع لكنه لم يكن ايجابيا في فرض رؤيته إزاء ما قامت به السلطة من هيمنة على مختلف القطاعات ومنها المحاماة.
لكن الآن الظروف تغيرت وسقط النظام السابق والمجال مفتوح حاليا أمام المحامين لتطوير قطاعهم؟
-الان تحررت الحياة السياسية وتحرر الاعلام واصبحت الانشطة السياسية مسموحا بها وبالتالي فان القسم الثالث الذي يشكل غالبية المحامين سيقول كلمته في مستقبل المهنة ويساهم في اعادة التوازن الذي كان سائدا قبل التسعينات بين الشأن المهني والاهتمام الحزبي.
وما المطلوب من المحامي المتحزب في هذا الظرف الراهن؟
-المطلوب من المحامي المتحزب ان يعي بالحد الفاصل بين واجبه المهني والتزامه السياسي على اعتبار ان ما يجمع المحامين هو مجموعة من القيم المشتركة والثوابت المهنية التى تحتم عليهم التمسك بها حتى تقوم مهنة المحاماة برسالتها على احسن وجه داخل المنظومة القضائية.
الا ترى أن تغليب المصلحة السياسية على مصلحة المهنة أضرّ كثيرا بالقطاع؟
- شخصيا يعلم غالبية الزملاء انني منذ ان انزلقت المحاماة في الصراعات الحزبية الضيقة كنت أنادي بأن يكون المحامون صوت المحاماة في أحزابهم وليس صوت أحزابهم في مهنة المحاماة وأعتقد انه وبالنظر الى الوضعية الجديدة لبلادنا فإن مهنة المحاماة تحتاج الى تكريس هذه المعادلة على ارض الواقع خدمة لمصلحة المهنة ومصلحة العدالة والوطن.
أيام قليلة تفصلنا عن انتخابات 23 جوان، ماهي أبرز ملامح برنامجك الإنتخابي؟
- البرنامج الانتخابي يتضمن مجموعة من التصورات التى سأقترحها على مجلس الهيئة المنتخبة وعلى عموم المحامين وتصب أساسا في الاهتمام بالمحامين الشبان من الناحية المادية والتكوينية باعتبار انهم عماد المهنة مستقبلا بالاضافة الى العمل على الحد من العراقيل التى أصبحت تشكل عوائق بالنسبة للأداء المهني اليوم للمحامين والاهتمام بمراجعة نظام التقاعد الذي يشكو من وضعية تجاوزها الزمان وينبغي النظر اليها بماتتطلبه وضعية المحامين المحالين على التقاعد.
من الضروري التفكير في تطوير اساليب النشاط المهني والاستفادة من تجارب البلدان التى شهدت نفس المشاكل واستطاعت ايجاد حلول لها من خلال تبادل الخبرات.
وماهي الحلول المطروحة للتصدى لظاهرة السمسرة في قطاع المحاماة؟
-أعتقد ان السمسرة داء ينخر مهنة المحاماة ولعل ايجاد حل لهذا الداء من شأنه ان يغير واقع المحاماة، هناك السمسرة البسيطة الى السمسرة الناتجة عن تصرف العديد من الاسلاك المرتبطة بالمنظومة القضائية بالاضافة الى السمسرة الرسمية التى تتخذ شكل تعليمات بالعمل مع محامين معنيين وحرمان محامين آخرين وللحد من هذه الظاهرة لابد من العمل على اعداد خطة متكاملة لتشخيص الداء واعداد الحلول اللازمة له مهما كانت الأوجه التى ستتخذ سواء بالتحسيس بوجوب اتباع سلوك معين او بالردع عند الاقتضاء والاحتجاج على الاطراف المساهمة في انتشاره وفضحها اعلاميا.
الدور الثاني لانتخابات العمادة سيكون حاسما، الا ترى ان انتخابات 23 جوان لن تكون بمنأى عن التحالفات السياسية والتوظيف الحزبي؟
-الثابت ان انتخابات 23 جوان ليست كسابقاتها لأن المحامين أصبحوا بعد التجارب السابقة يعون ان التسييس المفرط للشأن المهني ولعمل الهياكل أضرّ بالمحاماة والمحامين وأعتقد ان الخيار هذه المرة سيتوجه نحو التصورات المهنية، وشخصيا التزم بأن اكون على مسافة من جميع الاحزاب سواء الماسكة بالسلطة أو المعارضة لها وسيكون الاهتمام منصبا على الشأن المهني.
هذه المرة الصراع سيكون بين الخيار الذي يكرس التصادم الحزبي داخل الساحة المهنية والخيار الذي ينادي بوجوب الاهتمام بالمشاكل المهنية والوقوف على مسافة واحدة من جميع الاحزاب.
وردا على سؤالك في صورة بلوغي للدور الثاني فمن المفروض ان يدفع وعي المحامين نحو مساندة كل مطلب مهني وتغليب المصلحة المهنية على الحسابات الحزبية الضيقة.
لكن هناك من يعتبر ان المحامين المحسوبين على النظام السابق قادرون على ترجيح الكفة لبعض المترشحين؟
-اعتقد ان المحامين الملتزمين حزبيا لا يشكلون الغالبية في مهنة المحاماة وإنّما يبرزون نظرا لتفرغهم للتأثير الحزبي على حساب المهنة وأرى ان أغلبية المحامين أصبحوا يفرقون بين الشأن المهني والولاء الحزبي فضلا على انه من مصلحة كل الأحزاب مهما كان موقعها ان تكون مهنة المحاماة مستقلة وقائمة برسالتها على أحسن وجه لا أن تكون "مذيلة" لطرف من الاطراف.
كذلك هناك بعض الاطراف المترشحة لمنصب العمادة أو مجلس الهيئة التي تتمتع بدعم حزبي وسياسي من السلطة؟
-لا يمكن لأي طرف مهما كانت قوته السيطرة على المهنة حتى لو فاز بالسيطرة على الهياكل لأنه لو حدث ذلك لقدّر الله سوف تكون هياكل المهنة في جهة والمحامون في جهة أخرى وسوف تتعمق المشاكل وتنذر بحدوث مخاطر كبيرة يكون لها تاثير سلبي على الاداء القضائي بصورة خاصة واثار سلبية على الساحة الوطنية بصفة عامة.
سبق ان ذكرت ان المحامي المتحزب في الماضي كان يستطيع التفريق بين الشأن المهني والالتزام الحزبي لكن منذ التسعينات ونتيجة لمحاولة هيمنة السلطة غاب هذا التفريق والنتيجة انه حصلت كارثة في البلاد.
حسب اعتقادك ماهي الحلول لتجاوز التحزب في قطاع المحاماة؟
-هنا أخاطب كل العقلاء في كافة الاحزاب السياسية دون استثناء على انه من مصلحتهم ترك المحاماة وشانها لتقوم برسالتها وتهتم بشؤون المحامين دون تدخل حزبي او توظيف سياسي للقطاع.
في صورة انتخابك على رأس العمادة، ماهي اولويات المرحلة القادمة في قطاع المحاماة؟
- من المؤكد انه في صورة نيل ثقة زميلاتي وزملائي سيكون من بين الاولويات الاهتمام بمشاكل المهنة وايجاد حلول لها والعمل بصورة ايجابية مع مختلف الاطراف المتدخلة وفي مقدمتها القضاء ووزارة العدل وكتبة المحاكم ومختلف الادارات مع العمل على كشف التجاوزات والخروقات والتصدى للظواهر السلبية التى تنخر القطاع.
كلمة الختام
- أتمنى ان تعى كل الاطراف دور المحاماة مع الالتزام بدعمها دون توظيف سياسي وحزبي مع العمل على الدفاع عن رسالتها لما فيه خير للمجتمع والوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.