على الرغم من كل الشوائب الحقيقية والمفتعلة العالقة بالمشهد السياسي والاجتماعي راهنا والتي قد تجعل المراقب يميل في استنتاجاته إلى شيء من التشاؤم بخصوص المآلات.. وعلى الرغم من هذا الاضطراب والبطء الذي تخلل ولا يزال مسار الانتقال الديمقراطي منذ ما بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 وصعود حكومة «التروكيا» وعلى الرغم أيضا من خطورة بعض «المخططات» الفوضوية التي تحاك في السر والعلن للاطاحة بالتجربة الديمقراطية الوليدة في تونس.. فانه يجوز القول وبكثير من الاطمئنان أن ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011 التاريخية وبفضل جهود كل القوى الوطنية الحية لا تزال ماضية في طريقها السوي باتجاه التأسيس للدولة التونسية الجديدة دولة الرفاه والعدالة والحريات والقانون والمؤسسات على أنقاض الدولة البوليسية النوفمبرية التجمعية الفاسدة والمنهارة دولة المجرم بن علي وعصابته نقول هذا لا فقط لأن جلسة عامة قد تنعقد اليوم الجمعة بالمجلس الوطني التأسيسي لانتخاب أعضاء الهيئة العليا للانتخابات كخطوة «عملاقة» على طريق المضي سريعا نحو انتخابات ديمقراطية وشفافة تنتهي بمقتضاها المرحلة الانتقالية.. ولا أيضا لأن عديد الهيئات الدستورية الأخرى قد تم احداثها بالفعل مثل هيئة القضاء العدلي.. ولكن خاصة لأن بوادر الاجتماع وطنيا حول مشروع دستور توافقي قد أصبحت قائمة أكثر من أي وقت مضى مع احداث لجنة التوافقات واستعداد كل الأطراف داخل المجلس الوطني التأسيسي على ما يبدو لتقديم المصلحة الوطنية العليا على أية مصلحة أخرى ضيقة حزبية أو فئوية نقول هذا وفي البال طبعا كمّ التحديات التي لا تزال قائمة وبخاصة منها تلك الموروثة عن دولة الفساد والاستبداد والتي تستدعي مجهودا خارقا لا قبل للدولة وحدها به ولكن يجب أن تتكاتف كل الارادات الوطنية الثورية من أجل رفعها أو على الأقل الحد من تأثيراتها السلبية على المناخ الاجتماعي ومسار الانتقال الديمقراطي.. للأسف،، بعض الأطراف السياسية لا تزال في هذا المجال تبدو كأنها غير معنية بل وتحاول أحيانا لعب «ورقة» هذه التحديات اما من أجل ارباك الخصم السياسي أو المزايدة «الشعبوية» !!! ولكن,, وعلى الرغم من كل أشكال «الفزاعات» التي ترفع بين الفينة والأخرى بهدف تخويف الناس وارباك المسار و»خلط الأوراق» فإن «الكلمة» ستكون في النهاية للقوى السياسية الوطنية العاقلة والمسؤولة المؤمنة بالحوار وبضرورة بل حتمية التوافق الوطني من أجل انهاء المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن...