:حمّل علي العريض رئيس الحكومة المؤقتة في ندوة صحفية منذ يومين تنظيم "أنصار الشريعة" المسؤولية في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وتورط التنظيم السلفي الجهادي في استشهاد الجنود في جبل الشعانبي وضلوعه في العمليات الارهابية التي شهدتها البلاد مؤخرا معلنا عن تصنيف تنظيم "أنصار الشريعة" غير المرخص له "تنظيما إرهابيا" وإصدار مذكرة جلب دولية ضد مؤسسه "أبو عياض" بعد ثبوت ضلوع التنظيم السلفي الجهادي في أعمال "إرهابية". اعترافات منتسبي التنظيم والتحريات والابحاث الاخيرة التي تكفلت بها المصالح الامنية حسب وزارة الداخلية أكدت تورط جماعة انصار الشريعة في العمليات الارهابية، وهو ما عجّل بتصنيفه كمنظمة ارهابية، ليبقى السؤال مطروحا بعد اعلان العريض ادراج هذا التنظيم في خانة المنظمات الارهابية، كيف سيتم التعامل مع جماعة "أنصار الشريعة" وما مدى قانونية قرار الحكومة المؤقتة هذا؟ حظر نشاط تنظيم «أنصار الشريعة» لطفي بن جدو وزير الداخلية قال ان الوثائق والادلة تكشف ان تنظيم انصار الشريعة متورط في العمليات الارهابية التي جدت في مختلف انحاء الجمهورية ومنها أحداث الشعانبي، وانه بناء على قرار تصنيف انصار الشريعة كتنظيم ارهابي فقد تمّ حظر اي نشاط لأنصار الشريعة وتجريم اي انتماء له عن طريق التمويل أو مدّ يد المساعدة الى عناصره باي شكل من الاشكال. وبين أمين محفوظ استاذ القانون في الجامعة التونسية ان قرار الحكومة المؤقتة بتصنيف "أنصار الشريعة" لا يتضمن اطارا قانونيا مؤكدا ان "تصنيف الارهاب فيه جانب سياسي وجانب قضائي"، وذكر ان حكومتي العريض والجبالي تتحملان مسؤولية الفشل في معالجة ظاهرة الارهاب، فالحكومة كان بامكانها اتخاذ اجراءات ردعية ضد حملات التكفير والخطب الدعوية التي تحرض على القتل. واعتبر ان الحكومة المؤقتة "تتحمل المسؤولية السياسية من خلال اسناد تراخيص لانصار الشريعة وغيرها من الجمعيات والمنظمات الدينية المتطرفة التي تعمل على تكفير رجال السياسة والاعلاميين والفنانين والمواطنين" مبينا ان العفو التشريعي العام "هو السبب فيما آلت اليه البلاد من اوضاع متردية وحملات التكفير وذلك من خلال رفع صفة الارهابي عن المتهمين في احداث ارهابية في السابق". وقال ان السلطة التنفيذية تستطيع تطبيق القانون ويفترض على النيابة العمومية ان تقوم بتتبعات ضد الاعضاء المنتمين ل"أنصار الشريعة" وكذلك كل من يتعامل مع التنظيم السلفي الجهادي من مسؤولين سياسيين. قرار سياسي بامتياز من جهته اعتبر قيس سعيد استاذ القانون ان قرار الحكومة تصنيف أنصار الشريعة كتنظيم ارهابي لا يترتب عنه اي شيء وهو "قرار سياسي بامتياز" حسب تعبيره و"ليس له أساس قانوني". وأضاف قائلا "للاسف اننا نستعمل جملة من المفاهيم الواردة من وراء البحار دون تكليف عناء النظر في حقيقتها، فقد جرت العادة مثلا في الولاياتالمتحدةالامريكية وعدد من الدول الاوروبية ان يتم تصنيف بعض المنظمات والجمعيات ووضعها في خانة المنظمات الارهابية، واليوم حينما يتم الاعلان من بعض المسؤولين في الحكومة على تصنيف تنظيم في تونس على انه ارهابي فهو مغالطة للراي العام، فمثل هذا التصنيف ليس له أي اثر قانوني. وأشار سعيد ان مثل هذا القرار الحكومي يمكن ان يكون رسالة موجهة للخارج ولكن في الداخل الجهة الوحيدة المخوّل لها تصنيفها هو القضاء على اعتبار ان "القضاء المستقل هو وحده الذي يمكن ان يجرم أو يدين شخصا لارتكابه فعلا يجرمه القانون". وفي ما يتعلق باصدار مذكرة جلب دولية ضد "أبو عياض" لثبوت تورطه في العمليات الارهابية في بلادنا قال سعيد ان مثل هذا الاجراء معمول به في اطار الملاحقة الجزائية ضد المتهمين الضالعين في قضايا ارهاب او جرائم كبرى. واضاف ان الدعوة لتفعيل قانون الارهاب لها تبعات سلبية مشيرا إلى ان القانون يجب ان يحفظ حقوق جميع الاطراف بما في ذلك المتهمين ويجب ان يكون قانونا يحفظ حقوق الجميع على قدم المساواة ومن الافضل حسب رأيه إلغاؤه وتعويضه بقانون آخر تتوفر فيه كل ضمانات المحاكمة العادلة. تصنيف من جهة سياسية إدارية غير قضائية وانتقد أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء قرار تصنيف "أنصار الشريعة" كتنظيم إرهابيّ واصفا اياه بأنه "تصنيف من جهة سياسية ادارية غير قضائية". وبين الرحموني ان التصنيف عادة ما يتم اتخاذه وطنيا او دوليا ويهدف الى ملاحقة المتهمين او من أجل تجميد الاموال او تتبع مسالك التمويل ويسهّل تدخل مصالح الامن والجهات الاستخباراتية ضد الجماعات الارهابية المتطرفة مشيرا إلى ان هذا التصنيف "لا يمكن ان يكون قانونيا الا اذا استند إلى إجراء أو حكم قضائي". وذكر القاضي الرحموني ان الأبحاث والادلة التي اوردها وزير الداخلية خلال المؤتمر الصحفي ابحاث وقتية وليست نهائية وأنّ اتهام التنظيم باغتيال الفقيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي يؤشر على "تطور متدرج في تعاطي الحكومة مع الملف القضائي الذي انتهى إلى استباق التحقيق والحلول محلّ القاضي المتعهد بكل ملف حتى قبل صياغة تقريره الخاص بختم الأبحاث في القضيتين وهو ما يمثل دون شك تجاوزا للسلطات المقررة نظريا للقضاء وخرقا لسرية التحقيقات ومخالفا للاجراءات القانونية". وفي نفس السياق اشار الى ان قرار العريض تصنيف "انصار الشريعة" كتنظيم ارهابي قد نزع عن التنظيم المذكور "الصفة المدنية أو شرعية الوجود القانوني بعد اتهامها بممارسة أنشطة إرهابية مما يسهل حسب تعبيره تدخل المصالح الامنية لملاحقة الافراد المنتسبين لتنظيم انصار الشريعة". كما اوضح رئيس المرصد الوطني للقضاء ان قرار العريض ستكون له تداعيات على اعتبار ان هذا التصنيف "أصبح أداة زجرية ضد المنظمات والافراد وسيطرح عدة اشكالات منها المتصلة بالحقوق الأساسية كحق الاجتماع وحق التنقل والملكية".