سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد تكاثف محاكمة الصحفيين..وتوتر العلاقة بين الاعلام والقضاء: اتهامات بوجود سياسة حكومية ممنهجة لضرب الاعلام.. القضاء في أزمة..والتتبعات «مشبوهة» 17 سبتمبر.. إضراب عام في قطاع الإعلام
أثارت بطاقة الايداع بالسجن التي صدرت ضد الصحفي زياد الهاني نهاية الأسبوع الفارط ضجة كبرى بل وأفاضت كأس الصبر لدى الاعلاميين وأيضا مختلف الهياكل القضائية والمنظمات والجمعيات التي تدعم الحقوق والحريات، باعتبار أن القضايا المرفوعة ضد الصحفيين تكاثفت في الفترة الأخيرة مما جعل الأمر لافتا للانتباه وأصبح البعض يعتبر أن هناك محاولة ل"تدجين" الاعلام واعادته الى "بيت الطاعة" وجعل العلاقة بين الاعلام والقضاء والنيابة العمومية محل جدل ونقاش لما أصبح يعتريها من توتر وحساسية مفرطة بين الطرفين وكر وفر عكسته المسيرة التي نظمها الصحفيون بداية الأسبوع الجاري والاضراب العام الذي تم أمس في قطاع الاعلام تعبيرا عن غضب الاعلاميين ورفضهم لسياسة "تكميم الأفواه". حول هذه العلاقة تحدث أحمد الرحموني رئيس المرصد الوطني لاستقلال القضاء ل "الصباح" فذكر أن "حرية الصحافة والتعبير هي معطى أساسي وضروري لنقد الحياة العامة والسياسية ولا يمكن الحد منها الا طبق ما يقتضيه القانون". ولاحظ أن "القضاء هو عماد دولة القانون باعتباره يحرس الحريات العامة والأساسية ولكن الاشكال في الممارسة فلا بد من الاعتراف بأن الاعلام والقضاء ليسا فوق الرقابة وبقدر ما ننقد الاعلام يجب أن ننقد القضاء". وأضاف بأن القضاء وجميع مؤسسات الدولة يجب أن تخضع لرقابة الاعلام والمجتمع المدني معتبرا أن "النقد النزيه هو الطريقة الوحيدة التي تمكن المجتمع من التعليق على أعمال السلطة القضائية فلايمكن بغير النقد فرض اصلاحات على النظام القضائي". ولاحظ بأن العلاقة بين الاعلام والقضاء يجب ألا تكون زجرية لأن ذلك يهدد الحريات فلا يمكن ترويع الصحفيين والتضييق عليهم . وفي خصوص قضية زياد الهاني ذكر الرحموني أنه لا يمكن استعمال القانون الجنائي لفرضه على الصحفيين ويجب في محاكمة الصحفيين اعتماد جنح تكون خالية من الأحكام بالسجن ومنها الفصل 56 من مرسوم حرية الصحافة الصادر في 2 نوفمبر 2011 والذي ينص على أن الثلب ونسبة أمور غير صحيحة بصورة علنية يعاقب عليه بخطية مالية من ألف الى ألفي دينارواعتبر أن هذا الفصل مناسب لمقتضيات حرية التعبير ودفعها لتكون أداة لتغيير الأشياء. أزمة القضاء.. وتتبعات مشبوهة من جهتها أكدت روضة القرافي نائبة رئيسة جمعية القضاة التونسيين أن هناك أزمة يشهدها القضاء لأن القضية التحقيقية المرفوعة ضد زياد الهاني بقطع النظر على وجاهة التهمة فانه على المستوى الاجرائي اتضح أنه فيها مساس بشروط المحاكمة العادلة اذ أنه لا يعقل أن يكون وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس هو الخصم والحكم في نفس الوقت. ولاحظت أن الوكالة العامة بمحكمة الاستئناف هي التي أصرت على أن يتم البحث في القضية بابتدائية تونس رغم أن وكيل الجمهورية طلب بأن لا يفتح البحث في محكمته، فكأن النيابة العمومية تشتغل كي لا يقع التحقيق بضمانات الحياد. واستغربت طريقة فتح التحقيق على المستوى الاجرائي واعتبرته " مشبوها"، وأكدت وجود استهداف لزياد الهاني واستنكرت منطق التعميم والشحن ضد القضاة، واعتبرت أن القضاء مازال يتحسس طريقه نحو الاستقلالية في ظروف صعبة وليس من السهل عليه تحقيق العدالة كاملة ولاحظت أن الاخلالات في القضاء ولدت صداما بين القضاة والاعلاميين. سياسة خطيرة لتدجين الاعلام.. أما صلاح الوريمي الحقوقي فذكر أن "الاعلام من حقه كشف الحقائق حيثما وكيفما كانت في اطار مهنيته فالسلطة الرابعة ليس لها محاذير ومن حقها كشف الحقائق". ولاحظ أن "الحكومة تنتهج سياسة خطيرة لأنها تتدخل في شأن سيعود عليها بالوبال لأن استعداء الاعلام سيعطي صورة سلبية". فالحكومة -حسب رايه- "تعطل حرية الاعلام من خلال الحملة التي تقوم بها السلطة التنفيذية باعتبارها اتخذت قرارا بضرب الاعلام. وهذا الأمر لا يخدمها وهو كذلك ليس من حقها لأن الاعلام هو النافذة وأحد المداخل الرئيسية للهواء النقي والحرية."