تونس-الصباح : هل يمكن بلوغ الهدف المرسوم في الرفع من نسبة مساهمة السياحة الداخلية إلى ما نسبته 15 بالمائة مع نهاية السنة المقبلة في ظل توفر جملة من المؤشرات تؤكد أن اقبال التونسي على السياحة الداخلية لا يزال محدودا فكرا وممارسة؟ تساهم عوامل عديدة في طرح مثل هذا التساؤل لأنه وكما ذكرنا فإن التونسي مازال لم يكتسب عادات وثقافة الترفيه والسياحة واكتشاف بلاده بالشكل الكافي في ظل الغياب الواضح لسلوك زيارة المواقع الأثرية والتاريخية والمواقع الطبيعية والمتاحف والمدن العتيقة وحب التعرف على المدن والجهات الداخلية وغيرها من الأنشطة التي تجمع بين البعدين التثقيفي والمعرفي من جهة والسياحي والترفيهي من جهة أخرى. هذا طبعا بالإضافة إلى العامل الأهم وهو ضعف امكانيات التونسي لمجابهة غلاء مجالات الترفيه والسياحة الداخلية في بلادنا التي لا تنسجم مع دخله وهو ما يعبر عنه المواطن في أكثر من مناسبة نذكر على سبيل المثال ما ورد في الاستشارة الشبابية الثالثة في المجال المتصل باقبال الشاب على الترفيه والسياحة الداخلية أين أشار الشباب إلى الكلفة الباهضة للترفيه في بلادنا. مشاريع محدودة النتائج تجدر الإشارة كذلك إلى أن بعض التجارب التي انطلقت مؤخرا للنهوض بالسياحة وتمكين التونسي من فرص أكبر للتمتع في الفنادق والمنشآت السياحية مازالت تجارب محدودة النتائج: فمنظومة "أماديوس" أو ما يعرف بالحجز المسبق لم تتمكن بشكل فاعل في الضغط على الأسعار التي تعد بعيدة عن القدرة الشرائية للمواطن ورغم أن اطلاق التجربة "أماديوس" رافقته تأكيدات بأن المنظومة ستوفر أسعارا كتلك التي يتمتع بها السائح الأجنبي.لكن بين التصريحات والواقع فرق شاسع كما هو الحال دائما. كما أن تخصيص نصيب من الأسرة داخل الوحدات الفندقية لفائدة السائح التونسي لم يصل بعد إلى العدد المطلوب للحديث عن تشجيع السياحة الداخلية. أيضا مشروع "الشيك السياحي" الذي انطلق منذ الصائفة الفارطة والحديث عن مساهمة ذلك في النهوض بالسياحة الداخلية وتنشيط مواسم السياحة المنخفضة والمتوسطة وإعتماد أسعار تفاضلية وخدمات خصوصية إضافة إلى تنويع الفضاءات والمنتوجات السياحية والترفيهية الموجهة للسياحة الداخلية وتشجيع الإقبال على العطل ودفع الإدخار السياحي لدى التونسي ،مازال في طور الخطوات الأولى ولا نعلم إن كان سينجح حقا في تحقيق الأهداف المرسومة لأنه متوقف على مدى مساهمة البنوك والانخراط في انجاح التجربة. دراسة علمية مدققة أمام هذه المعوقات التي تشير أن النهوض بنسبة مساهمة السياحة الداخلية مازال يلزمه الكثير من الجهد والعمل نشير إلى وجود جملة من المقترحات السابقة (تمت الإشارة إليها ضمن لقاءات خصصت لموضوع السياحية الداخلية) يمكن العمل على تفعيلها لتحقيق الأهداف المرسومة على غرار: - القيام بدراسة علمية مدققة للوقوف على واقع السياحة الداخلية في ضوء هذه التغيرات والإجراءات الأخيرة لتقييمها ودعمها إذا دعت الحاجة إلى ذلك. - تشجيع السياحة المدرسية والجامعية عن طريق إحداث شركات مختصة في السياحة المدرسية و التفكير في إيجاد وكالات أسفار مختصة في هذا النوع من الرحلات لترسيخ ثقافة السياحة الداخلية لدى الناشئة. - توفير أسعار تفاضلة في مجال النقل البري والبحري والجوي وبعث هياكل للنقل السياحي للشباب والوداديات بأسعار خصوصية مع دعوة وكالات الأسفار وأصحاب المهنة لإعداد برامج تسوق بأسعار تفاضلية تستهدف السياحة الطبيعية والسياحة الثقافية مرفوقة بحملات اشهارية وترويجية خاصة بالعطل تكون موجهة للشباب والعائلات. في الختام نذكر أن مساهمة السياحة الداخلية في مجمل النشاط لا تتجاوز 8 بالمائة في الوقت الذي تقدر فيه هذه النسب في بعض الوجهات السياحية الأخرى ب45 بالمائة على غرار اسبانيا وتصل إلى 80 بالمائة في الصين.