دعا استاذا القانون الدستوري قيس سعيد وجوهر بن مبارك، الى مراجعة مشروع قانون مكافحة الارهاب ومنع غسل الأموال، وذلك بالتعمق في تحديد مفهوم الارهاب، والابتعاد عن التصور القديم للجريمة الارهابية، وسن قانون متأقلم مع الوضع التونسي. وقال جوهر بن مبارك، في تصريح اليوم الجمعة ل (وات)، "إن مشروع القانون المعروض حاليا على انظار مجلس نواب الشعب، لا يرمي الى مكافحة الارهاب كظاهرة مترابطة ومتشابكة، وانما الى مكافحة بعض من جوانب الجريمة الاهابية"، نظرا لعدم ادراج تعريف دقيق وواضح لظاهرة الارهاب ولمناخ الجريمة الارهابية ضمن مشروع القانون الذى أعدته الحكومة. وأوضح أن عدم تحديد هذا المفهوم بدقة، أدى الى أن عددا كبيرا من الفصول جرمت أفعالا يمكن أن تحدث في مناخ الجريمة الارهابية كما يمكن أن تحدث في مناخ جريمة الحق العام، معتبرا أن هذا التداخل "يعد تجاوزا كبيرا في مشمولات نظر هذا القانون". كما لاحظ، أن دمج مسألتي مكافحة الجريمة الارهابية وغسل الاموال في قانون واحد، "يعد تجنيا على الجهد الوطني الضروري لمكافحة غسيل الأموال»، قائلا في هذا الصدد «وكأن بالدولة التونسية تريد أن تكافح جريمة الفساد المالي فقط في حدود ما تقتضيه ضرورات مكافحة الارهاب، في حين أن جريمة الفساد أوسع بكثير من الجريمة الارهابية". وأكد ان مشروع القانون "بقي محصورا في تصور تقليدي للجريمة الارهابية كان سائدا في العشرية الفارطة في ظل ما يسمى بتنظيم القاعدة، في حين أن الظاهرة الارهابية في السنوات الاخيرة تطورت بشكل ملحوظ وبشكل راديكارلي مع ظهور "تنظيم داعش". وبين في هذا الخصوص، أن "داعش" هو تنظيم مختلف تماما عن تنظيم "القاعدة"، فهو يتصرف كدولة تهيمن على رقعة جغرافية وتدير مجموعات سكانية، في حين أن تنظيم "القاعدة" هو عبارة عن مجموعات اجرامية وارهابية تندس في المجتمعات بشكل سري وتقوم بعمليات قتل واختطاب وتفجير. واضاف أن "داعش" يرتكب جرائم عديدة لم يتفطن لها مشروع القانون، مثل جرائم التهجير والتزويج القسري، وسبي النساء والاسترقاق والعبودية، وتدمير التراث الثقافي والارث الحضاري، والهيمنة على مناطق جغرافية واعلان كيانات سياسية معادية للدولة، وتسليح الاطفال، واستعمال المدنيين كدروع بشرية.. وتابع أستاذ القانون الدستوري يقول "هذا المعطي الجديد لا يوجد في مشروع القانون ولم يعطه معدوه اطلاقا أهمية"، مشيرا الى أن الجرائم التى ترتكبها التنظيمات الارهابية في سوريا والعراق واليمن وليبيا هى"الوجه الجديد للارهاب". كما دعا الى مراجعة تركيبة اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب، التى نص عليها مشروع القانون، وذلك بتشريك مكونات المجتمع المدني والاعلام والقوى الحية في البلاد، وعدم الاقتصار على ممثلي عدد من الوزارات كما هو وارد في المشروع، معتبرا أن ضبط استراتيجية شاملة لمكافحة الارهاب هى مسؤولية وطنية وليست مسؤولية حكومية فقط. ولاحظ جوهر بن مبارك، أن مشروع القانون تطرق عرضا الى مسالة الارهاب الافتراضي على شكبات التواصل الاجتماعي، وأهمل الجرائم التى يمكن أن تحدث داخل المساجد، مقابل تخصيصه لجانب كبير من الفصول لمسائل لا علاقة لها بالوضع التونسي، مثل مسك السلاح النووي واستعمال المواد النووية وحمل المواد المشعة في الطائرات. من جهته، قال قيس سعيد في تصريح ل (وات)، "ان ظاهرة الارهاب تفاقمت رغم مواصلة العمل باحكام قانون سنة 2003 المتعلق بمكافحة الارهاب"، معتبرا أنه قبل البحث عن مقاربة تشريعية جديدة في مكافحة الارهاب لا بد من البحث عن الأسباب التى تقف وراء تنامي هذه الظاهرة والاخلالات والنقائص الواردة بقانون سنة 2003 وتابع يقول "لا مستقبل للمنطقة بأكملها الا بتنسيق فاعل بين قيادات تؤمن بنفس الهدف، ولا نجاح الا بارادة سياسية تستمد قوتها من ارتكازها على ارادة شعبية حقيقية"، مطالبا في السياق ذاته بعدم استنساخ قوانين مشابهة وضعتها عديد الدول وأثبتت فشلها وأثارت الكثير من التحفظات. يشار الى أن لجان مجلس نواب الشعب، شرعت بداية هذا الأسبوع في النظر في مشروع القانون المتعلق بمكافحة الارهاب ومنع غسل الأموال، الذى يتضمن 136 فصلا، وذلك قبل احالته الى الجلسات العامة لمناقشته. وتتعلق أهم فصول القانون بتطبيق أقصى العقوبة المستوجبة للجريمة الارهابية، وطرق التحري الخاصة من اعتراض واختراق ومراقبة سمعية وبصرية، الى جانب تدابير حماية الأعوان المكلفين بمهمة معاينة الجرائم الارهابية، واجراءات التصريح للمصالح الديوانية بعمليات توريد العملة الاجنبية وتصديرها.