في تصريح ل"الصباح نيوز" على هامش المؤتمر السنوي الأول الذي نظمه اليوم المنتدى القضائي للقانون والعدالة والأمن تحت شعار "مؤسساتنا تكافح الإرهاب" بالإشتراك مع كل من مرصد مراقبة جودة التشريع لنقابة القضاة التونسيين وجمعية القضاة الشبان واتحاد القضاة الإداريين واتحاد قضاة دائرة المحاسبات قال عز الدين حمداني رئيس اتحاد القضاة الإداريين "إن الهدف من هذا المؤتمر تقديم قراءة ومقاربة جماعية لكافة الاطراف المتداخلة بصفة مباشرة او غير مباشرة في التعامل او مقاومة الجريمة الارهابية .. وعلى هذا الأساس بادرت الهياكل النقابية القضائية الثلاثة المتمثلة في اتحاد القضاة الاداريين ونقابة القضاة التونسيين واتحاد قضاة دائرة المحاسبات فضلا عن جمعية القضاة الشبان الى لمّ شمل ممثلين عن القضاة والقوات الامنية والديوانية وكذلك رجال الدين وعلماء الاجتماع بهدف طرح اهم الاشكاليات التي تفرضها مقاومة سواء الظاهرة الارهابية كتنظيم فكري او عقائدي وكذلك مقاومة الجريمة الارهابية بما هي نتاج لهذه الثقافة مضيفا أن الهدف الأسمى من هذا المؤتمر الخروج بأفكار جماعية وتوصيات من شأنها أن تساهم في بناء استراتيجية وطنية في مكافحة الارهاب وتابع أنه بالرغم من استفحال ظاهرة الارهاب على المستوى الدولي فاننا نفتقد اليوم الى تحديد قانوني لمفهوم الجريمة غير الإرهابية سواء كان ذلك على مستوى التشريع الوطني او التشريع الاقليمي او الدولي اذ انّ مجمل التشريعات تورد جملة من الافعال التي تدرج وتوصف بالجريمة الارهابية دون ان يقع تحديد معنى الجريمة الارهابية على المستوى القانوني مشيرا أن الملاحظ يرى أن الجميع دولا ومجتمعا مدنيا يفصح عن انخراطه في مقاومة الارهاب لكن لا احد سعى الى البحث في اسباب تفشي هذه الظاهرة وسبل التصدي لها، فبعض الدول تغضّ الطرف عن الاسباب السياسية الكامنة وراء تفشي ظاهرة الارهاب حفاظا على مصالح اصحاب المعالي واخرى تتغاضى عن الاسباب الاجتماعية التي أدت الى نشأة الظاهرة الارهابية. كما نجد دولا اخرى توغل في اعمال آلتها القمعية اعتقادا منها بانّ ذلك سيجعل الخارج عن سراط الدولة سويّا وهو ما يحيلنا الى غياب استراتيجيا وطنية ومواطنية في مقاومة الظاهرة الارهابية» . وتابع في ذات الإطار قائلا بأنه « عند تناولنا للظاهرة الارهابية وجب علينا الاقرار بانّ الارهاب ليس بالضرورة فرديا عقائديا فقد يكون جماعيا تنظيميا تسوده منظومة فكرية وأخلاقية مضيفا أنه تجابهنا الساحة الدولية السياسية اليوم بنوع جديد من الارهاب وهو الارهاب المؤسساتي الرسمي الذي يمكن ان تسلكه دولة او مجموعة دول ولنا في الواقع العربي خير شاهد ودليل على ذلك «. واعتقد محدثنا جازما انّه لا سبيل اليوم لمكافحة الجريمة الارهابية ما لم يقع وضع استراتيجية وطنية يتداخل فيها كل الاطراف التي لها علاقة بصدّ هذا النوع من الجرائم من رجل دين كيّس يحارب ظلامية الفكر ويقدّم مقاربة عقلية تعتزل الاهواء وتقطع مع البديهيات والمسلّمات وتنشر مقاربة منطقية لفهم الدين تسمح بقبول الاخر وتقبل بثقافته المختلفة ..مقاربة مثقف فنان يزرع ثقافة الحياة ومقاربة رجل اجتماع يسبر أغوار الدافع الى ظهور هذه الجريمة وأسباب تناميها ويقدم فيهما سوسيولوجيا لظاهرة الارهاب ليتسنى على اساسها للدولة بناء استرتيجياتها الوطنية والمواطنية تنأى بالمجتمع عن الوقوع بالمجتمع في سراديب ظلمة الارهاب وتقيه نتائجها. مشددا على أننا اليوم نحتاج الى اطار حرفي يتعامل مع ذي الشبهة بحسّ قانوني مأوّل بما من شأنه ان يوهن الفكر الذي تسرّب لذي الشبهة ويدحض المسلمات حول المنظومة المؤسساتية للدولة المدنية واعتبر أن مسؤولية القضاء جسيمة عند تعامله مع ذي الشبهة الإرهابية و يظل هو الفيصل في تبرئة أو ادانته مشددا على ضرورة تكريس المحاكمة العادلة التي تكفل لذي الشبهة الإرهابية الكرامة الانسانية وتحترم الحقوق الاساسية التي تكفلها له التشريعات الوطنية والدولية. مشيرا أن الواجب الذي يفرضه عليهم دورهم كحراس للعدالة وقائمين على اعلاء سلطان القانون ضرورة التحلي بكثير من اليقظة حتى لا يكون هاجس الامن لدى السلطة التنفيذية ذريعة لتمرير وسلك منهج دائم يمس من ثوابت دولة القانون المنشودة وحتى لا يصبح ما شرعته الضرورة السياسية اليوم حقيقة قانونية غدا. وختم بالقول بأنه على القضاة ان يتذكروا دوما أننا اليوم بحاجة، علاوة على قاض قانوني، الى قاض عضوي.