أصدرت اليوم جمعية القضاة التونسيين بيانا حول مشروع القانون المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة. وفي ما يلي نص البيان: انّ المكتب التنفيذي للجمعية، وبعد إطّلاعه على مشروع قانون أساسي عدد 55/2014 يتعلق بالحقّ في النفاذ إلى المعلومة، وعلى تقرير لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب المؤرخ في 23 فيفري 2016 حول مشروع القانون المذكور وبأحكام الفصل 32 من الدستور الذي اقتضى أن تضمن الدولة الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة وبأحكام الفصل 49 منه الذي اقتضى أن يحدّد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بالدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها وبأن لا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها. و بأن تتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك. - يؤكد على أنّ الحق في النفاذ إلى المعلومة يشكل ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية التشاركية باعتباره من الأدوات الهامة التي تمكّن المواطن من المساهمة الفعالة في مسار صنع القرار. - وإذ يلاحظ أنّ تنصيص مشروع القانون على الهيئات القضائية ضمن ميدان انطباقه، في توجه تقدمي مقارنة بعديد التجارب الدولية في المجال، من شأنه أن يدعم نجاعة العمل القضائي وشفافيته ويعزز ثقة العموم في القضاء. فإنه: أولا: ينبّه إلى عدم دقة عديد المصطلحات الواردة بالفصل 24 من مشروع القانون على خلاف المقتضيات الدستورية ,إذ وسّع الفصل المذكور في استثناءات حق النفاذ الى المعلومة و التي وردت في صيغة عامة و فضفاضة مثل عبارات " الأمن و الدفاع الوطني " و "العلاقات الدولية " و " المصالح الاقتصادية للدولة و الغير " ... مما قد يؤدي إلى إفراغ هذا الحق من محتواه و النيل من جوهره خاصة ان هذه الاستثناءات الواسعة وبصيغتها و الفضفاضة تمنح الإدارة سلطة تقديرية واسعة في تفسيرها وتمكنها من التحلل من واجب تقديم المعلومة الى طالبها و في ذلك مخالفة صريحة لأحكام الدستور و للمبادئ الدولية المتعلقة بالحق في النفاذ الى المعلومة بما قد يمس جوهريا من الحق في النفاذ إليها باعتباره حقا أساسيا من حقوق الانسان يعد شرطا أوليا لتمكين كل مواطن من المشاركة في الحياة العامة في المجتمع وفي الشؤون العامة للدولة و مناقشة السياسات ومشاريع القوانين ومراقبة الحكومات و كشف انتهاكات حقوق الانسان ومواطن الخلل والفساد. ثانيا : يعبّر عن خشيته من مخاطر ورود صيغة الاستثناءات المتعلقة بسير الإجراءات أمام المحاكم والبحث في الجرائم والوقاية منها صيغة عامة ومطلقة دون تدقيق وتمييز واضح بين المعلومة القضائية القابلة للنفاذ والمعلومة القضائية السرية والمستثناة من حق النفاذ بما قد يؤدي إما إلى الشطط في التضييق على الحق في النفاذ إلى المعلومة القضائية أو إلى استباحة الوثائق القضائية بما يشكله ذلك من مخاطر المساس بالسرية التي تقتضيها بعض الأعمال القضائية ضمانا للحق في قرينة البراءة ومبدأ مساواة أطراف النزاع أمام القضاء . ثالثا : يلاحظ أن مشروع القانون المذكور على صلة بسير العمل القضائي فيما يخص النفاذ إلى المعلومة القضائية سواء المتعلقة بإدارة العدالة أو بالقضايا المنشورة أمام المحاكم أو بالإجراءات القضائية عموما كما أن المشروع يمكن أن يندرج ضمن أساليب إصلاح المنظومة القضائية باعتبار أن النفاذ إلى المعلومة القضائية هو من تلك الأساليب للإصلاح طبق المعايير الدولية وهو ما كان يستوجب استشارة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بخصوص هذا المشروع الذي يدخل في مجال صلاحياتها الاستشارية طبق الفصل 2 من قانون إحداثها عدد 13 لسنة 2013 المؤرخ في 02/05/2013 الذي ينص على أن الهيئة تبدي رأيا استشاريا في مشاريع القوانين المتعلقة بسير العمل القضائي وأساليب اصلاح منظومة القضاء . - يؤكد على أن عدم استشارة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بخصوص مشروع القانون المذكور يشكل تجاوزا لصلاحياتها الاستشارية كما يجعل إجراءات المصادقة عليه من هذه الناحية غير دستورية طبق قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد 02/2015 بتاريخ 08/06/2015 . - يعتبر من جهة أخرى أن عدم استشارة كل الأطراف المعنية بمشروع القانون المذكور ومن بينها المؤسسات والهياكل القضائية على أهمية هذا المشروع وحساسيته يمثل تراجعا من السلطتين التنفيذية والتشريعية على مبادئ الديمقراطية التشاركية طبق الدستور الجديد وتنكرا من الحكومة للمبادئ التي أقرتها بمنشورها عدد 14 لسنة 2011 المؤرخ في 27/05/2011 حول جودة التشريع الذي يقتضي الاستماع إلى كل الأطراف ذات الصلة بمشروع القانون. رابعا : يطالب بتعديل مشروع القانون في اتجاه تقليص نطاق الاستثناءات وحصرها في الضوابط المنصوص عليها بالفصل 49 من الدستور. خامسا: يشدّد على ضرورة تدقيق الاستثناء المتعلق بالمعلومة القضائية وذلك بالتمييز بوضوح بين ما هو منها متاح للعموم كليا أو جزئيا وبين ما هو محمي بالسرية المطلقة كضرورة تدقيق شروط تلك الاستثناءات ومن ذلك على سبيل الذكر : التنصيص على حق الكافة في النفاذ إلى الأحكام والقرارات القضائية مع ضمان إخفاء هوية الأطراف. التنصيص على وجوبية نشر التقارير السنوية للمجلس الأعلى للقضاء ولكافة المؤسسات القضائية وعلى إتاحتها للعموم بالوسائل الملائمة. التنصيص على وجوبية نشر القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء عموما مع وجوب إخفاء المعطيات المتعلقة بهويات المشمولين بقرارات رفع الحصانة والقرارات التأديبية وبقاء نشر المعطيات التفصيلية ذات الصلة بالمسائل المذكورة متاحا طبق المعايير الدولية وأفضل الممارسات المتعلقة بالشفافية و الحوكمة الرشيدة للمؤسسة القضائية. التنصيص على مبدأ علنية جلسات المرافعة والتصريح بالأحكام وحصر أسباب الإذن بإجرائها سرا في المحافظة على النظام العام وعند وجود خطر حقيقي وذلك بموجب قرار معلل من الهيئة الحكمية. التنصيص على سرية الأبحاث التحقيقية. التنصيص على سرية المفاوضات القضائية. التنصيص على تحجير مجابهة السلطة القضائية بسرية الوثائق الإدارية. التنصيص على تكفل الهيئات القضائية بإصدار ونشر تقارير إعلامية دورية بخصوص سير القضايا المنشورة ذات الأهمية الاجتماعية القصوى والتي تثير اهتماما بالغا لدى الرأي العام. التنصيص على تولي هيئة النفاذ إلى المعلومة رفع تقريرها السنوي إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء. التنصيص على أنّ استئناف قرارات هيئة النفاذ إلى المعلومة أمام المحاكم الإدارية الإستئنافية لا يعطل تنفيذها إلا إذا أذن رئيس المحكمة بخلاف ذلك.