قال رئيس حركة "وفاء" عبد الرؤوف العيّادي إن مبادرة "حكومة الوحدة الوطنية" التي اقترحها الرئيس الباجي قائد السبسي جاءت نتيجة "إملاءات خارجية" وضغوط من "لوبيات مولوا الانتخابات السابقة ويرغبون باقتسام الحقائب في الحكومة المقبلة وتمرير بعض القوانين"، مشيرا إلى أن حديث قائد السبسي مؤخرا عن "المسؤول الكبير" يؤكد تدخل السفارات الأجنبية (الأمريكية والفرنسية خاصة) في شؤون البلاد، كما أشار إلى أن تونس تعيش "إفلاسا سياسيا" وافتعال ظواهر من قبيل "بنوك إسلامية وفنادق إسلامية هو للتغطية على الفشل السياسي الحالي"، وأكد من جهة أخرى أن طرد حركة "النهضة" لشعار "فصل الدعوي عن السياسي" جاء أيضا نتيجة إملاءات خارجية، متوقعا أن يؤثر ذلك على شعبية ومستقبل الحركة الإسلامية. واعتبر أن مبادرة حكومة الوحدة الوطنية جاءت "مسقطا" ونتيجة إملاءات خارجية وضغوط داخلية يتعرض لها الرئيس قائد السبسي من قبل لوبيات المال الذين مولوا حملته الانتخابية سابقا. وأضاف العيادي في حوار خاص مع "القدس العربي": "هذا المقترح جاء مسقطا، وقائد السبسي أكد هذا الأمر في وقت سابق عندما قال: اتصل بي المسؤول الكبير (مسؤول غربي كبير) وهو ما يؤكد تدخل السفارات في تونس وهم يريدون التركيز على إنهاء الاحتجاج الاجتماعي والتحركات النقابية والإضرابات وغيرها، وأعتقد أيضا أن العملية هي حصيلة ضغط حزبي يعيشه رئيس الدولة، أكثر منه تدبير لمصلحة الوطن، إذ لا يخفى على أحد أن الحزب الذي كونه (نداء تونس) ودخل به قصر قرطاج، شهد انشقاقات وتفتت وليس له الآن أي مُشترك، وهو في الحقيقة ماكينة انتخابية وليس حزبا، كما أن رئيس الحكومة الحبيب الصيد قال إنه لم يعلم بالمبادرة إلا بوسائله الخاصة". واعتبر أن حكومة الوحدة الوطنية المقبلة ستشهد محاصصة "نتيجة صراع اللوبيات الموجودة، فهناك لوبيات وليس أحزاب (داخل الائتلاف الحاكم) وأعتقد أن التخلص من الحبيب الصيد بهذا الشكل (وهو ما عبّر عنه مؤخرا بقوله مؤخرا لصحيفة "لا بريس": "كانت ضربة خنجر في الظهر)، كانت وراءه لوبيات من بقايا النظام السابق وخاصة الجهويات التي لعبت دورا كبيرا وما يُسمى لوبي "البلدية" (سكان العاصمة) وهم يريدون استبعاد لوبيات من جهات أخرى، أي أن الحكومة المقبلة ستشهد صراعا لوبيا وجهويا". وأكد، في السياق، أن تونس تشهد إفلاسا على مختلف الأصعدة ف"كل المؤشرات تؤكد أن 2017 سنة صعبة جدا هناك تسديد لديون بقيمة 800 مليون دينار (حوالي 400 مليون دولار)، وهم واقعون (نداء تونس) تحت ضغط كبار اللصوص في تونس أو ما يسمونهم "رجال الأعمال" الذين مولوا حملتهم الانتخابية ويطالبون الآن بفرض قانون المصالحة الذي اقترحه الرئيس والذي يعيش حاليا ضغطا كبيرا، كما أسلفت". وأضاف "أعتقد أن المشهد سيزداد تعقيدا فليس هناك حياة سياسية وحزبية في تونس، في ظل تدخل السفارات الغربية، لاحظ نشاط السفير الأمريكي ومساعد وزير الخارجية (أنتوني بلينكن) الذي جاء مؤخرا والتقى مسؤولين حكوميين وقادة أحزاب سياسية وتحدث عن ما يسمى ب"معالجة الانفلات السياسي في تونس" يعني هم يريدون أن الاستقرار الذين يطمحون إليه بواسطة الانقلاب الناعم الذي حصل، وهو ما يؤكد أن العملية (حكومة الوحدة الوطنية) تتم تحت إشراف دولي". وأوضح أكثر بقوله "نحن في حركة وفاء نعتبر أن ما حصل في تونس لم يكن انتخابات بقدر ما كانت عملية تأمين عودة المنظومة القديمة بواسطة انقلاب ناعم ووقع الضغط بشكل كبير عبر الاغتيالات والعمليات الإرهابية، الكثير منها لا نعلم من هو وراءه، أي أن انقلاب الجيش الذي حصل في مصر يقابله في تونس انقلاب ناعم في تونس بواسطة صناديق اقتراع، وتصفية رموز المعارضة كشكري بلعيد ومحمد البراهمي كانت مقدمات لفرض هذه الأجندة أي عودة حلفاء فرنسا وأمريكا ليأخذوا السلطة من جديد". وكان رئيس الحكومة الحبيب الصيد قرر التوجه إلى البرلمان للتصويت على الثقة لحكومته، والذي يفترض أن يتم السبت، حيث تؤكد أغلب أحزاب الائتلاف الحاكم أنها لن تمنح الثقة لحكومة الصيد الحالية. وعلق العيادي على ذلك بقوله "الصيد أراد أن يبحث عن مخرج مشرّف وقانوني لأنه أحس أنه تعرض للإهانة، حيث استُعمل لفترة وأرادوا التخلص منه الآن وتحميل الفشل لوحده، ولذلك هو رفض الاستقالة، وقرر أن يتم سحب الثقة من حكومته عبر البرلمان بشكل دستوري". وكانت حركة "النهضة" أعلنت في مؤتمرها الأخير الفصل بين السياسي والدعوي والتحول لحزب مدني بمرجعية إسلامية، وهو ما قوبل بردود فعل متفاوتة (مؤيدة ومعارضة) داخل وخارج البلاد. واعتبر العيادي أن قرار "النهضة" الأخير يدخل في إطار "الإملاءات الخارجية، وهو إضعاف لحركة النهضة، باعتبار أنها كانت تنتعش بحركة التدين وهي حركة اجتماعية كبيرة، ففصلها بين الدين والسياسة وتقديمها بصورة أنها تمارس سياسة المصالح وليس المبادىء، من شأنه تقليص صورتها وقاعدتها تتقلص وفقدانها لزخمها كبقية الأحزاب السياسية في البلاد". وأضاف "صحيح أن الفكرة اقترحها رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي، لكنه اقترحها بسبب إملاءات خارجية، وخاصة بعد تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كحركة إرهابية من قبل الخارجية البريطانية، ولذلك هم (النهضة) تبرأوا مؤخرا من حركة الإخوان رغم أنهم كانوا قبل ذلك يتعاملون معهم، وأعتقد أن القرار الأخير هو عبارة عن علمنة حركة النهضة كمقدمة للإبقاء على علمنة الدولة". من جهة أخرى، توقع العيادي تكرار سيناريو الانتخابات البرلمانية في الانتخابات البلدية المقبلة التي يُفترض إجراؤها في بداية العام المقبل، مشيرا إلى أنه "سيُعاد تشغيل الماكينات الانتخابية بواسطة المال، ليس من أجل وضع رؤية أو برامج للمرحلة المقبلة بل هو مجرد محاصصة وتقاسم للبلديات، وأنتم رأيتم في الانتخابات الماضية حيث أكد رئيس هيئة الانتخابات شفيق صرصار دخول مليار ونصف المليار دينار نقدا لتمويل الحملات الانتخابية، يعني كان هناك دعم خاجي كبير جدا لعودة المنظومة السابقة، ويبدو أن نداء تونس والنهضة متفقان على المحاصصة في البلاد عموما، وهذا ما حصل في انتخابات المحامين مؤخرا، حيث تم التحالف بين الطرفين لاختيار عميد جديد، وقد يكون لا علاقة مباشرة له بالأحزاب لكنه يعرف جيدا من وراء انتخابه". وفيما يتعلق بالجدل الكبير الذي أُثير مؤخرا حول افتتاح فنادق إسلامية في تونس قال العيادي "عندما يكون هناك إفلاس سياسي هم يبحثون عن كل ما يلفت النظر من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، كالحديث عن بنوك إسلامية أو فنادق إسلامية، وهذا للتغطية على الفشل السياسي، وهم أصبحوا الآن يتعاملون مباشرة مع الأعداء الصهاينة واللوبيات المسيطرة في فرنسا وأمريكا".(القدس العربي)