قبل يوم من جلسة منح الثقة لحكومة يوسف الشاهد أدلى وزير الفلاحة والموراد المائية والصيد البحري في حكومة تصريف الأعمال ل الصباح بآخر حديث صحفي تطرق إلى عدد من القضايا الفلاحية الساخنة وعلى رأسها المسألة المائية. وتوجه برسالة إلى خلفه والطاقم المعاضد له شكلت فيها الاستمرارية في العمل والمضي في نهج العمل بالاستراتيجيات الخاصة بالمنظومات الفلاحية الكبرى ومزيد دعمها، كلمات مفاتيح لضمان أفق نجاح أرحب للقطاع. ..سعد الصديق الذي عرف عنه العمل في صمت منذ توليه الوزارة وتحاشي الظهور الإعلامي المجاني لوحظ عليه تعدد لقاءاته التلفزية والإذاعية في الأيام الأخيرة بسبب أزمة المياه وما أثارته اضطرابات التزويد بمياه الشرب من ضجة واحتجاجات طوال الصائفة، علاوة على الجدل والمخاوف المسجلة في الشارع التونسي بشأن مرض طاعون الخرفان ونحن على أبواب عيد الأضحى. فكان لا بد من الخروج للإعلام للتفسير والتوضيح والتنبيه ولكن أيضا للطمأنة. قبل الخوض في الملفات الفلاحية كان لا بد من سؤال ضيفنا عن الرسالة التي يمكن أن يتوجه بها إلى خلفه القادم على رأس الوزارة وأولويات البرامج التي يرى أنها تستوجب تعميق التعاطي معها ووضعها في مقدمة الملفات المطروحة على مكتب الوزير وكان رده التالي: العمل الجماعي أولا وأخيرا رسالتي الأولى هي الدعوة إلى ضرورة توخي العمل الجماعي في إطار فريق متماسك ومتنوع الاختصاصات ينشط في تناغم وانسجام وبأهداف واضحة. وبخصوص الأهداف كنا انطلقنا في عملنا منذ تولي هذه الحقيبة على أساس أولويات واستراتيجية واضحة لعديد المنظومات والقطاعات وجب الاستمرارية فيها والتقدم في انجازها مستقبلا ودعم ما استوجب منها. كما أن الاستمرارية في التعاطي مع ملفات الإجراءات المقترحة على الحكومة الحالية لفائدة عديد القطاعات الفلاحية مطلوب المواصلة في تفعيلها. * ماذا لو اتبع خلفكم سياسة فسخ وعاود ؟ - في رأيي هذا غير منصوح به. القطاع الفلاحي يتوفر على استراتيجيات وخطط دقيقة ومدروسة استشرافية لا مفر من المضي فيها ومنها الخطة الاستراتيجية لمنظومة المياه ودفع الإنتاج وحلقات ما بعد الإنتاج.. أما القطاعات ذات الأولوية فتهم أساسا المياه والصيد البحري والمنتوجات الحيوانية والنباتية والتركيز على الصحة والسلامة في هذه المجالات. وهي تقريبا ذات الأولويات التي تركز عليها برنامج عملنا إلى جانب المديونية وتسريع نسق إنجاز المشاريع المعطلة والتي تقدمت أشواطا كبيرة يلزم مزيد دعمها. نقطة الضعف يعتبر ملف البحث العلمي الفلاحي نقطة ضعف العمل الوزاري. ولم يحظ بالعناية المطلوبة مما يستوجب التركيز عليه أكثر مستقبلا بالنظر للآفاق الكبرى التي يفتحها أمام المنتجين وقطاعات الإنتاج بصفة عامة * لماذا لم توله الاهتمام المطلوب ضمن برنامج الحكومة المتخلية؟ - لان البحث جهد طويل النفس تتطلب نتائجه وقتا طويلا.. لكن الآن بات يتعين التقدم في هذا المستوى بالسرعة والنجاعة المطلوبتين وتجاوز مرحلة البحوث الأكاديمية والالتصاق أكثر بمشاغل القطاع والمنتجين في علاقة بالرفع من المردودية وأقلمة البحوث والاستنباطات مع التغيرات المناخية والتوجه نحو تطويع البحث للضغط على كلفة الإنتاج المتصاعدة. إضافة إلى هذه النقطة يجب أيضا مواصلة الاهتمام بملف التأمين الفلاحي ومجابهة الجوائح الطبيعية|، تم الانطلاق في دراسته وتناوله عبر خوض عدد من الدراسات ستكون أولاها جاهزة قبل موفى السنة وهي دراسة نموذجية لثلاث ولايات تتبعها دراسة ثانية أشمل تهم كامل الجمهورية تنطلق آخر ديسمبر القادم. ملف شائك * في تقييمك ما هو الملف الشائك والأكثر تعقيدا الذي واجهته أثناء مباشرة عملك؟ - قال دون تفكير- حاليا عندنا ملف منظومة الدواجن بسبب تراكمات تأثير تحرير القطاع والتسيب الذي ساده منذ سنة2011. ورغم الإجراءات التي أقرت لفائدته في الأشهر الماضية وساهمت نسبيا في الحد من الصعوبات إلا أنه يبقى في حاجة لمزيد التقدم في حل إشكالياته العالقة. * ماذا عن قطاع الحليب؟ هل وجد توازنه؟ - منظومة الألبان أخذت توجهها وذلك بالتقدم في تفعيل عدد من الإجراءات والآليات التعديلية من خلال برنامج تجفيف الحليب وتم في هذا الصدد تجفيف 20 مليون لتر ومنع توريد المنتوج المجفف إلى جانب فتح التصدير وتم إلى الآن تسويق 8 مليون لتر.. إلى جانب هذا الإجراء تدخلت الدولة باقتناء 20 مليون لتر وبرمجة 10 مليون لتر أخرى إضافية. ويبلغ المخزون الحالي 64 مليون لتر. الصيد البحري الملف الصعب يبقى ملف الصيد البحري عويصا وصعبا ورغم ما تم إنجازه من برامج وإجراءات، يظل في حاجة إلى مزيد الدعم والعناية للمحافظة على استدامة النشاط وحماية الموارد السمكية وذلك خاصة بتكثيف التصدي للصيد العشوائي الذي يشكل أكبر خطر يهدد بتصحر مياهنا والقضاء على مخزونها السمكي. ويمكن أن يمس من قيمة الامتيازات المقرة لفائدة تونس في إطار اتفاقية التعاون مع الاتحاد الأوروبي. بالنسبة لقطاعي الزياتين والتمور أعتقد أنها من المجالات القادرة على مزيد التطور والعطاء ولهذا يتعين التقدم في برامج التوسع في غراسة الزياتين خاصة بمناطق إنتاجها غير التقليدية ومزيد تثمين الزيوت التونسية لاستعادة مكانة بلادنا على الصعيد الدولي إنتاجا وتصديرا. التمور حققت أرقاما قياسية على مستوى التصدير هذا الموسم وكان بالإمكان أن تكون أفضل لو لا الضجة التي أثيرت في بداية الموسم حول عدم قدرة استيعاب وفرة الإنتاج وتصديره والتي أضرت بالقطاع على مستوى الأسعار المتداولة بالسوق العالمية. على كل وجب تثمين عديد المنتوجات التقليدية والواعدة ومنها الهندي الذي يمثل مادة مهمة كعلف حيواني بديل للسداري، وكمادة قابلة للتصدير تجد طلبا متزايدا بالأسواق العالمية.. الحبوب وتقلبات مواسم الإنتاج بالنسبة للحبوب المرتبطة مواسم إنتاجها بالعوامل المناخية كان هذا الموسم صعبا بل ومن أصعب المواسم من حيث نقص الأمطار علما أن هذه البذور القابلة للزراعة على مساحة مليون و500 ألف هك بعلية بالأساس تعتمد على كميات الأمطار. وأمام انحباسها لا يوجد هامش تحرك كبير لتفادي تأثيرها المباشر على المساحات التي يتم بذرها أو المبرمجة لهذه الزراعة. يضاف إلى هذا العامل محدودية الإنتاجية التي يبلغ معدلها 19 قنطار في الهكتار الواحد بالمناطق البعلية و50 قنطار بالسقوي لكن بالإمكان الترفيع فيها إلى الضعف تقريبا بتوخي التأطير الناجع للفلاحين واعتماد الحزمة الفنية اللازمة للرفع من الإنتاجية وبالتالي المراهنة أكبر على استغلال نتائج البحث العلمي وتثمينها وتوجيهها نحو هذا الهدف. يذكر أن صابة الموسم الحالي بلغت 13 مليون قنطار من الحبوب مما يجعل الحاجة للتوريد متزايدة لتأمين حاجيات الاستهلاك. مع التأكيد على ضرورة التصدي لتبذير الخبز وهدره ومشاهد أسواق الخبز البايت المنتصبة في عديد المناطق تغني عن التعليق على فداحة الظاهرة. أصعب المواسم * تردد كثيرا على لسانك في المدة الأخيرة أن الموسم الحالي هو الأصعب بسبب ندرة الأمطار لكن ألم يكن هذا متوقعا منذ بداياته لتوخي الحيطة اللازمة؟ وهل هناك سوء تقدير أو سوء تصرف في المنظومة كما يرى البعض؟ - صحيح هو من أصعب المواسم وهو شبيه بموسم 1994الذي بلغت فيه مخزونات السدود مستوى 300 مليون م3 تم خلاله اللجوء إلى تقسيط مياه الري لمجابهة النقص. بالنسبة للموسم الحالي الظرفية لا تختلف كثيرا باعتبار تزايد الحاجة للاستهلاك واستعمالات المياه فيما المتوفر بالسدود لا يزيد عن 780 مليون م3 منها 300 مليون م3 مخزون استراتيجي. وضعية صعبة ودقيقة جدا تملي اتخاذ إجراءات استثنائية في حال تمادى الوضع المناخي ولم نسجل نزول أمطار في الفترة القادمة. على ضوء هذا المعطى وفي حال لم تكن كميات الأمطار في المستوى المطلوب إلى غاية موفى سبتمبر لا مفر من اللجوء إلى تقسيط مياه الري. وبالنسبة لمياه الشرب ليس لدينا مبدئيا إشكال كبير. غير أنه في صورة عدم نزول الأمطار إلى نهاية السنة قد نلجأ في بداية 2017 إلى أخذ إجراءات بترشيد الاستهلاك في بعض المناطق وليس جميعها. بخصوص السؤال المتعلق بسوء التصرف أو التقدير لا أرى وجود أي إشكال في التصرف. لأن المتابعة واليقظة تم توخيهما منذ بداية شهر جانفي الماضي وكوّنا لجنة مركزية لمتابعة الوضعيات بالسدود مع التركيز على سد نبهانة. وتم منذ نهاية ديسمبر إصدار بلاغات موجهة للفلاحين بالمناطق المجاورة له والمتزودة منه بعدم تعاطي الإنتاج السقوي. ومازالت اللجنة تشتغل إلى حد اليوم بنسق أسبوعي. وقد بلغ سد نبهانة أدنى مستوياته مع موفى شهر ماي وتم غلقه نهائيا مما أثر على التزود بالمياه في المناطق المحيطة. إذن الحيطة كانت متوفرة لكن كان الأمل قائما في نزول الأمطار خلال الربيع وهذا لم يحصل وعقّد الوضع. بخصوص الاضطرابات المسجلة في التزود بمياه الشرب يفترض التعرف على أسبابها وهي متنوعة فيها ما يعود بالأساس إلى نقص إيرادات السدود ويستوجب التحكم في العجز ومنها ما يتعلق بالأشغال وبصيانة الأعطاب ولكن أيضا هناك من يتذمر من قطع الماء والحال أن الأمر يتعلق بعدم سداد فاتورة استهلاكه. كما أن الاعتداءات على الشبكة واستغلالها العشوائي وراء الاضطرابات في التزويد.. ورغم هذه الاشكاليات فقد كان مستوى التصرف في نقص المياه أحسن من الصائفة الماضية باستثناء ما يتعلق بمنظومة مياه الساحل (خط سوسةصفاقس) التي شهدت اضطرابات متعددة جراء العجز المسجل. وربي يرزقنا بالمطر