قال النائب منذر بلحاج علي إن حركة "مشروع تونس" انتهت عمليا كحزب سياسي، مشيرا إلى أن زمن "أحزاب الصندوق الأسود" التي تفتقر للشفافية والديمقراطية ولّى منذ خمسينيات القرن الماضي. وأوضح بلحاج علي في حديث أدلى به ل"القدس العربي" أن تونس غير مهيئة حاليا للانتخابات البلدية بسبب غياب الهيكلة القانونية والمالية للأجهزة البلدية، كما دعا الحكومة واتحاد الشغل إلى الجلوس مجددا على طاولة الحوار الوطني التي يديرها رئيس الجمهورية، والابتعاد عن سياسة لي الذراع. وكانت كتلة "مشروع حركة تونس الحرة" قررت قبل أيام إقالة النائب منذر بلحاج علي على خلفية تصريحاته مؤخرا التي انتقد فيها تغيير اسم الكتلة وطريقة تسيير الحزب. ووصف القرار بأنه "سابقة خطيرة في البرلمان التونسي"، وأضاف "ثمة لبس في الموضوع فنحن أسسنا الكتلة الحرة عندما غادرنا كتلة نداء تونس، الآن الزملاء غيروا اسم الكتلة وأسسوا كتلة جديدة (مشروع حركة تونس الحرة) وأنا مقال من كتلة لا أنتمي إليها، والمسألة الأخرى والتي أستغرب منها أيضا أن القرار تم بشكل سري، يعني اتُخذ قرار وسمعت به من الصحافة لكن لم ينشر أي شيء رسمي عن إقالتي، وهذه الأساليب كانت موجودة فقط في خمسينيات القرن الماضي والآن تجاوزها الزمن ولا تتناسب مع تونس بعد الثورة، إذ لا يمكن أن نأتمن على الديمقراطية في البلاد ومصلحتها العليا إلا من يُؤتمن على الديمقراطية داخل حزبه". وتابع بلحاج علي "أنا كنت من أكثر المتحمسين للفكرة التي أسسنا بها نداء تونس حول الباجي قائد السبسي وهي الفكرة نفسها التي أسسنا بها حركة مشروع تونس، وكنا وما زلنا مصرين على الحلم بأننا نستطيع أن نبني حزبا وطنيا شعبيا وديمقراطيا ولا زال النضال من أجل هذا الحلم، والخروج نهائيا مما يسمى بأحزاب الصندوق الأسود، بمعنى: الصندوق الأسود الخاص بالطائرات لا تعرف ما بداخله إلا عندما تسقط الطائرة، ولذلك في أحزابنا تُنشر قائمات للنجاح في اللجنة المركزية أو ما يعادلها وتنشر أيضا قائمات المكتب السياسي أو التنفيذي وبالأسماء ولكن لا أحد يعرف عدد الأصوات أو كيف تم الانتخاب يعني ليس هناك شفافية، رغم أننا في حزب ديمقراطي شفاف (حركة مشروع تونس) تم تأسيسه بشكل جماعي وسنبقى نناضل من أجل هذا، وفي حال أخذوا قرار إقالة أم لا، فأنا ما زلت منذر بلحاج علي كمناضل حقوقي وسأبقى ضد الإقصاء والطرد وضد الممارسات المتخلفة وسأواصل الدفاع عن الحزب". واعتبر في السياق ذاته أن حركة «مشروع تونس» انتهت كحزب سياسي و"بقيت مسألة وحيدة تخيفني: أتساءل متى سيبادر محسن بطرد مرزوق (في إشارة إلى الأمين العام للحزب)، فالمشاريع هي أفكار وليست أجهزة، والتونسيون لا يحلمون بصناعة أجهزة فثمة أجهزة عديدة والدولة لديها أجهزتها، لكنهم يحلمون بمشروع مليء بالأفكار والتجديد والمقترحات في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي، وهذا ما يخرج بلادنا من أزمتها، فنحن لا نود التنافس على المقاعد". وكان الأمين العام لحركة "مشروع تونس" محسن مرزوق تحدث عن «أياد» من خارج الحزب تسبب بأزمة داخل كتلته النيابية. وعلّق بلحاج علي على تصريح مرزوق بقوله "من هي الأيادي الخارجية؟ أنا لا أتفاوض مع حركة النهضة، ومعروف في حركة مشروع تونس من يحاول الاقتراب من حركة النهضة، وإذا كان يتحدث عن خارج حدود هذا الوطن فلي أكثر من أربعين سنة مناضل حقوقي معارض وإلى يومنا لم تلتصق بي شبهة السفارات الأجنبية". وأضاف : "محسن مرزوق في الأيام الأولى لتأسيس المشروع أعلن أنه إذا صارت انتخابات على شاكلة 2014 فقد لا يمثل إشكالا له أن يحكم مع حركة النهضة، وكان موقفنا مغايرا لهذا تماما وحصلت مشادات كلامية في هذا الموضوع، وتراجع مرزوق لاحقا عن موقفه، والآن موضوع الجبهة الجمهورية أو الديمقراطية هو موضوع جديد ترأست أنا لجنة سياسية لإعادة اللائحة السياسية للمؤتمر هي التي اقترحت هذا الأمر، وهو الآن بات مقيدا بهذا الموضوع، ولكن موقفه الشخصي لم يكن كذلك، وهو (مرزوق) منذ تأسيس نداء تونس إلى يومنا لا يرفض التحالف مع حركة النهضة، ويعرف من كان طرفا في صياغة دخولهم للحكومة، هذا لم يعد سرا لأحد". من جانب آخر، اعتبر بلحاج علي أن تونس غير مهيأة حاليا لإجراء انتخابات بلدية، وأضاف «إذا أردنا تجربة البلديات الجديدة وخاصة المجالس الجهوية المنتخبة، يعني لا مركزية السلطة أو السلطة المحلية التي يشير إليها الفصل السابع في الدستور، علينا قبل المصادقة على قانون الانتخابات، المصادقة على قانون يتعلق بالصلاحيات، لأنه من غير المعقول أن تسير البلديات الجديدة على أساس القانون القديم، بل على أساس قانون ديمقراطي جديد يقوم على تفعيل ما جاء في الباب السابع للدستور». وأضاف «المسألة الثانية أن بلدياتنا بعد الثورة أصبحت كلها ترزح تحت الديون يعني عندهم قانون وليس لديهم نقود، وهذه تجربة أخرى فاشلة، لذلك يجب أن نحضر هذه التجربة كما ينبغي بتأطير قانوني للصلاحيات وتأطير قانوني للمالية المحلية ومن ثم نجري انتخابات على أساس طريقة اقتراع جديدة مختلفة عن طريقة اقتراع مجلس نواب الشعب عام 2014 والتي أثبتت فشلها، لذلك أنا لست مع تأخير الانتخابات البلدية وإنما مع تأطيرها (هيكلتها) التأطير اللازم». وفيما يتعلق بتقييمه لأداء حكومة يوسف الشاهد، قال بلحاج علي "البلاد تمر حاليا بوضعية دقيقة في تاريخها، لدينا أزمة على مستوى المالية العمومية وتوترات بين الحكومة واتحاد الشغل، وخلاف حول تأجيل الزيادات نظرا للضغوط على المالية العمومية، ونتمنى أن يقف هذا التلاسن بين الحكومة والاتحاد ونرجع للتهدئة كي نستطيع أن نجلس على طاولة حوار الوحدة الوطنية حول رئيس الجمهورية أظن أن هذا أسلم لتونس، ومن باب المسؤولية علينا عدم اختيار لي الذراع وفرض الأمر الواقع من أي طرف والجلوس على طاولة الحوار والبحث عن الحلول الناجعة لإخراج البلاد من أزمتها، وأنا بصدد المبادرة بهذا الاقتراح ".(القدس العربي)