في حوار مفتوح مع طلاب معهد الدوحة للدراسات العليا وأساتذته ، وباحثين في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، في الدوحة يوم امس الأحد الموافق 5 مارس 2017، أكد الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة أنّ من أبرز عوامل نجاح الثورة التونسية تناغُم تركيبة المجتمع التونسي، وطبيعة الحياد الإيجابي للمؤسسة العسكرية ، والتنازلات التي قدمتها الحركة الإسلامية وتجنبها الاستقطاب الأيديولوجي، وإدارة الاختلافات واعتمادها نهج التوافق، والوقوف ضد قانون العزل السياسي. ورأى أنّ مسار الثورات في الدول العربية لم ينكسر، وما هي إلّا مسألة زمن وكلفة و وعي نخب لمواصلة الطريق نحو الحرية. وأشار الغنوشي إلى أنّ ما كان يسمى "الاستثناء العربي" قد انهار أمام إرادة الشباب الثائر، مؤكدًا أنّ الربيع العربي أصبح مصدر إلهام لشعوب العالم. وفي قراءته للتجربة التونسية التي نجحت ثورتها في الإطاحة بواحدة من أعتى دكتاتوريات المنطقة - في نظره - بطريقة سلمية ، يعود إلى نجاحها في إنجاز دستور حداثي زاوج بنجاح بين الإسلام والديمقراطية ، ونصّ على الحريات الأساسية ؛ ومنها: حرية الضمير، وحقوق المرأة والأقليات. وقد نجحت تونس في تجاوز الأزمة السياسية التي مرّت بها وذلك لتناغم تركيبة المجتمع التونسي المنسجم في جميع مكوناته، ولدور المؤسسة العسكرية التي تولّت حماية الدولة وحماية العملية الانتخابية، إضافةً إلى ما قدّمته الحركة الإسلامية من تنازلات أثبتت أنّ مصلحة الوطن أولى من مصلحة الحزب، وأنّ همّها الأول هو حماية الخيار الديمقراطي. وقال الغنوشي إنّ تونس قد نجحت في تغيير الدستور والقوانين والمؤسسات، وذلك على قاعدة إدارة الاختلافات بطريقة مُتحضرة وسلمية، كما يُحسب للنخب والمؤسسات والمجتمع المدني والعمال والتجار ورجال الأعمال والمحامين والحقوقيين دورهم في صناعة الاستثناء التونسي. وأضاف أنّه على اقتناع بأنّ ما حصل في عام 2011 هو عصر جديد من الحرية ورفض الاستبداد ، مُعيدًا للشعوب ثقتها بنفسها وأنّها أقوى من أنظمتها، وأنّ هذه الثورات ستحقق أهدافها بالتراكم، وأنّ الديمقراطية ستأخذ طريقها إلى هذه المنطقة ، وأنّ العرب ليسوا مختلفين عن البشرية فقد دخلوا عصرًا جديدًا من الحرية ، وأنّ الثورة مسارٌ سيحقق أهدافه ولو بعد قرون ؛ فما يحصل ما هو إلّا مسألة وقت وكلفة، ولاختصار الزمن يجب أن توجد نخبٌ واعية، فدول الربيع العربي يمكنها السير نحو الديمقراطية عبر أكثر من مسار. وفي نهاية الحوار ناقش الغنوشي العديد من المسائل، أبرزها أنّ حركة النهضة على اقتناع بأنّ الديمقراطية ممكنة التحقيق في المنطقة وأنّها لا تتناقض مع الإسلام، وأنّ ما يميز الحركات الإسلامية عن غيرها هو منظومة القيم، وأنّ العقل والحكمة لا يتعارضان مع الدين.