قفصة: تسجيل رجة أرضية بالسند    مجلس عمداء المحامين يدعو رئيس الجمهورية إلى اتخاذ اجراءات    الترجي والإفريقي في نهائي بطولة تونس لكرة اليد    مندوبية التربية بقفصة تحصد 3 جوائز في الملتقى الوطني للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية    الإعلان عن تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم    عاجل : منحرف خطير يروع المارة في قبضة أمن الملاسين    في ذكرى النكبة: تونس تجدّد دعمها اللامشروط للشعب الفلسطيني    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    بمناسبة عيد الأمهات..البريد التونسي يصدر طابعا جديدا    قابس : عدد أضاحي العيد غير كاف والحل في التوريد    الكشف عن شبكات إتّجار بالمواد المخدّرة تنشط بولايات تونس الكبرى    يشكّل تهديدا للنمّو.. الصين تسجّل فائضا قياسيّا بملايين المساكن    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    بسبب لقطة غير لائقة من الجمهور في مباراة الترجي والنجم: التلفزة التونسية تفتح تحقيق..    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    نابل: الفلاحون المنتجون للطماطم يطالبون بتدخل السلط وجبر الأضرار جراء تضرر الصابة    رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو يتعرّض لإطلاق نار بعد اجتماع الحكومة    وزير السياحة يؤكد لمستثمرين كويتيين الاستعداد لتقديم الإحاطة اللازمة لتطوير استثماراتهم في تونس    القصر: وقفة احتجاجية على خلفيّة حادث وفاة تلميذتين    ميشيل مدرب جيرونا: إنهاء الموسم في المركز الثاني مهمة صعبة جدا    علي معلول: لاعبو الأهلي يمتلكون الخبرة الكافية من أجل العودة بنتيجة إيجابية    فاجعة: جريمة قتل شنيعة تهز هذه المنطقة..    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    وزير الفلاحة يعرب عن إعجابه بصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    ينتحل صفة موظف للداخلية و يجمع التبرعات لفائدة شهداء المؤسسة الأمنية ...ما القصة ؟    في هذه المنطقة: كلغ لحم ''العلّوش'' ب30 دينار    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    البنوك تستوعب 2.7 مليار دينار من الكاش المتداول    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الخامسة إيابا من مرحلة تفادي النزول    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    اخر مستجدات قضية سنية الدهماني    أصحاب المخابز يُطالبون بصرف مستحقّاتهم لدى الدولة    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    في يومها العالمي.. الشروع في اعداد استراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالأسرة    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    عاجل/ مع انتهاء آجال الاحتفاظ: هذا ما كشفه محامي مراد الزغيدي..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رياض بالطيب: سنفوت في أسهم تونس بالبنك القطري لقطر ورجال الاعمال العرب قادمون
نشر في الصباح نيوز يوم 25 - 01 - 2013

أكد وزير الاستثمار والتعاون الدولي رياض بالطيب أن المستثمرين قادمون لتونس، وقال ل«الشرق الأوسط»: «نرى نوايا استثمارية كبيرة في اتجاه بلادنا سواء على مستوى الاستثمار المحلي أو الأجنبي».
وأضاف أنه من الضروري تطوير بيئة الاستثمار من خلال عدد من الإجراءات، لا سيما توفير آليات جديدة بداية من تطوير الأنظمة المصرفية وإيجاد إطار قانوني جديد يتيح الفرصة للمستثمرين الجدد.
وأكد أن الثورة التونسية تواجه استحقاقات عديدة يفرضها التحول الداخلي، وهي في الوقت نفسه تعيش ظروفا إقليمية صعبة جدا نتيجة أوضاع الربيع العربي، كما تعيش انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية خاصة في منطقة الاورو، موضحا «نحن نعمل اليوم في ظرف عالمي صعب، وإقليمي صعب، وداخلي صعب، وهذا ما يزيد من حجم التحديات»، مشيرا إلى أن «الوضع في ليبيا زاد من حجم التحديات، حيث تفاقمت ظاهرة التهريب خاصة للسلع المدعومة، وهذا ما أثر سلبا على زيادة الأسعار في بعض المواد الأساسية، وتقلص حجم المخزون لهذه السلع».
«الشرق الأوسط» التقت وزير الاستثمار والتعاون الدولي في تونس، وكان لنا معه حوار هذا نصه..
* هل وزارة الاستثمار والتعاون الخارجي جديدة تم استحداثها بعد الثورة، أم هي من الوزارات التي كانت موجودة من قبل الثورة؟
- كانت الوزارة مستقلة بذاتها منذ بداية التسعينات، وتسمى وزارة التعاون الدولي والاستثمار الخارجي، ونحن الآن أضفنا إليها الاستثمار الخاص المحلي، لأهميته في الاستجابة لمطالب الثورة خاصة الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يستوجب تنشيط القطاع الخاص بما يساعد على خلق فرص أكبر للعمل خاصة لحاملي الشهادات العليا.
* وما هي سبل النهوض بالاستثمار وتنشيط الاقتصاد في الحالة التونسية؟
- هذا يتم بتوفير كل الشروط الضرورية الخاصة بالاستثمار ابتداء بموضوع المناخ، كذلك كل ما يتعلق بالشفافية والحوكمة ومقاومة الفساد وتكافؤ الفرص بين كل الفاعلين، مرورا بتوفير الإطار القانوني والتشريعي الملائم خاصة عبر مراجعة قانون الاستثمار وإيجاد الضمانات للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب، وتوفير آليات شفافة تساعد على التقليص من السلطة التقديرية للإدارة وتكون فيها الإجراءات مبسطة وواضحة للمستثمر. كما توفر آليات ومتطلبات النفاذ للسوق لأننا لا يمكن أن نتحدث عن تنمية الاستثمار ونحن إزاء سوق لا تقبل ولا تتيح الفرص للمستثمرين، خاصة في الجانب التمويلي لأنه في الفترة السابقة عاش نوعا من الهشاشة.
* وكيف يمكن تطوير الاستثمار؟
- لا يمكن الحديث عن تطوير الاستثمار من دون توفير آليات جديدة، بداية من تطوير الأنظمة المصرفية إلى إيجاد إطار قانوني جديد يتيح الفرصة للمستثمرين الجدد للعمل والنجاح مع إيجاد آليات جديدة خاصة في مجال التمويل لا سيما عبر الصيرفة الإسلامية وتطوير الصناديق الاستثمارية، وتوفير المنظومة القانونية للتمويل الأصغر.
فابتداء من سنة 2013 سيتم إسناد العديد من التراخيص لفاعلين في مجال التمويل الأصغر، كذلك فإن هذه المنظومة تهتم بتطوير منظومة تأمين الاستثمار وتطوير الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وقد قدمنا في هذا الإطار قانونا للمجلس التأسيسي. ففي الوقت الذي تتوافر فيه في تونس موارد بشرية ذات كفاءة عالية، هنالك خلل هيكلي في وضعية الاستثمار الخاص الذي يمثل 62 في المائة من جملة الاستثمارات، وهذا يعتبر رقما ضعيفا إذا ما قورن بدول مشابهة لتونس مثل المغرب ومصر وتركيا.
* هل ترون أن التوجه نحو الخصخصة ضروري في هذه المرحلة في تونس
- نحن نعمل على تنشيط القطاع الخاص، من خلال مراجعة قانون الاستثمار، وقد حددنا 4 أولويات وطنية من الضروري أن نركز عليها في المرحلة القادمة، وأهمها تشجيع المؤسسات التونسية على الاستثمار في تونس وخارجها، لأننا إزاء سوق صغيرة، وإذا أردنا أن تحقق مؤسساتنا نموا وتتطورا فلا بد من فتح آفاق أمامها وأسواق جديدة، وإذا تمكنا من تحقيق هذا وتمكنت المؤسسات التونسية من إسداء الخدمات خارج تونس والاندماج أكثر في اقتصادات المغرب العربي والدول العربية وكذلك أفريقيا فسيكون هذا إنجازا جيدا.
* عفوا، يبدو هذا الكلام نظريا سهلا لكن هل تطبيقه ممكن واقعيا، وما هي أهم الصعوبات التي تواجهكم لتفعيله في هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها تونس؟
- المنهج التشاركي الذي انتهجناه والذي نعتبره من إيجابيات التحول الديمقراطي، وإيجابيات الثورة، نرى أنه بدأ يؤتي أكله، فنحن بصدد مراجعة قانون الاستثمار بمشاركة أكثر من 200 طرف من بين ممثلي إدارات مختلفة وممثلين للمجتمع المدني والأعراف والجمعيات المهنية المختلفة والغرف التجارية المشتركة التونسية الأجنبية، والمنظمات الكبيرة، فمثلا في تونس لدينا «اتحاد الصناعة والتجارة» ولنا «كونيكت» (كونفيدرالية رجال الأعمال التونسيين) و«المعهد العربي لرؤساء المؤسسات»، ويمكنني القول إن هذه المنظمات الثلاث أسهمت معنا مساهمة جيدة في مراجعة القانون، وتوصلنا لتوافق حول أهم السياسات الجديدة التي تخص الاستثمار، وهذا في حد ذاته مكسب لأن مجرد المراجعة وطرح الموضوع لتنقية منظومة الاستثمار وتطويرها هو رسالة إيجابية لرجال الأعمال التونسيين والأجانب.
ونحن على يقين من أن الرسالة في حد ذاتها رسالة المراجعة والإصلاح، وهي مهمة، وبالتالي التواصل مع مختلف الأطراف والتعريف بما نقوم به هو مكسب. وهذا يعطي ثقة أكبر للفاعلين الاقتصاديين، فسبر الآراء الذي قامت به «ارنست آند يونغ» يبين أن 67 في المائة من المؤسسات المتوسطة والصغرى في تونس سواء تونسية أو أجنبية تفكر في عملية تواصل وتوسع، وهذا دليل على أن معنويات هذه المؤسسات جيدة في هذه المرحلة، وهناك حالة ثقة تترسخ، وشعور بأن المناخ الجديد سيكون أفضل.
* هذا بالنسبة للجانب الداخلي، وباعتبار أنه من مشمولات وزارتكم التعاون الدولي، فما هي أهم إنجازاتكم على المستوى الخارجي؟
- نجحنا في استعادة مؤشرات سنة 2010.
* استعدتموها تماما؟
- بالفعل، فلئن مرت تونس بظرف اقتصادي واجتماعي صعب خلال سنة 2012 تزامن مع أزمة اقتصادية عالمية حادّة، فإنه تم تحقيق تطور إيجابي مهما في مجال الاستثمارات الخارجية ناهز 79.2 في المائة مقارنة بسنة 2011، ونحو 27.4 في المائة بالمقارنة مع سنة 2010، حيث تمت تعبئة مبلغ إجمالي قيمته 3079.5 مليون دينار. والملاحظ أن الصناعات المعملية قد استعادت نسقها العادي حيث سجلت تطورا ناهز 61 في المائة مقارنة بسنة 2011، في حين أنها شهدت انخفاضا طفيفا قدره 7 في المائة بالنظر إلى سنة 2010. ومكنت هذه الاستثمارات من استحداث 123 مؤسسة جديدة دخلت طور الإنتاج في قطاعات النسيج والملابس والميكانيك والكهرباء والخدمات، وكذلك قطاعات الجلود والأحذية والصناعات الغذائية وغيرها، كما تم القيام بما يناهز 185 عملية توسعة. وقد وفرت جملة الاستثمارات الخارجية المنجزة ما يقارب 10263 موطن شغل، وتعد فرنسا وألمانيا وإيطاليا وقطر من أبرز مصادر هذه الاستثمارات.
أما على مستوى التعاون المالي وتعبئة الموارد المالية الخارجية، قروضا وهبات، فتم توفير ما تحتاجه تونس خلال سنة 2012 من موارد سواء على مستوى التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف أو الإقليمي أو الأورومتوسطي.
أما على مستوى النمو فقد تمكنا من تحقيق نسبة 3.5 في المائة مقارنة ب-2 في المائة سنة 2011، مع تخفيض في نسبة البطالة من قرابة 19 في المائة إلى 17.2 في المائة. كما استرجعت السياحة والصادرات نسقها العادي.
* سمعنا عن عدد كبير من الخليجيين الذين وفدوا على تونس بنية الاستثمار، فما مدى صحة هذه المعلومات، وما هي أهم المجالات التي تستقطبهم؟
- في الفترة الأخيرة شهدت تونس تدفقا لعدد كبير من رجال الأعمال، وذلك حرصا منهم على الاطلاع على فرص الاستثمار المتاحة، وأخص بالذكر وفودا من دول الخليج لا سيما السعودية وقطر والإمارات ومؤخرا من الكويت.
* ما هي المجالات التي يبحثون عن الاستثمار فيها؟

- أغلب المؤسسات الخليجية تبحث عن الاستثمار في مجالي البنية الأساسية والطاقة، والبترول أو إنتاج الكهرباء والطاقة المتجددة. في الوقت نفسه هناك فرص كبيرة في مجالات أخرى كإنتاج السكر وغيره من المجالات الواعدة، وذلك في إطار الاستثمار المباشر أو عن طريق الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص. كما أن هناك شركات خليجية مهتمة بمجال الصناعات الغذائية بصفة عامة خاصة بمجال الحليب ومشتقاته وفي مجال البذور، وهناك من هم مهتمون بالاستثمار في مجال البتروكيماويات، كذلك هناك مشاريع عقارية وسياحية وصحية.
* فهمنا من كلامكم أن الزائرين الخليجيين أتوا ليتحسسوا السوق التونسية، فهل تمت اتفاقيات بالفعل أم فقط تقييم للإمكانيات المتاحة؟
- هناك بعض الاتفاقات بصدد الإتمام في هذه المرحلة.
* هل يمكننا اعتبارها اتفاقات ضخمة، أم هي مجرد مشاريع متوسطة أو صغيرة؟
- نعمل على اتفاق مهم في ما يتعلّق بوضعية البنك التونسي القطري، أي تفويت (بيع) أسهم الدولة التونسية في البنك القطري لفائدة قطر، وإسناد رخصة «3 جي» ل«كيو تيل» لتتولى المشغل الخاص بشركة الاتصالات «تونيزيانا».
وهنالك أيضا بعض الاستثمارات التي نعمل عليها حاليا، وتخص مناطق صناعية كبرى، وكذلك في مجال إنشاء ميناء جديد في تونس. فكثير من المشاريع في مرحلة متقدمة من الدراسة، والحقيقة أن الرسالة الأساسية التي كان ينتظرها رجال الأعمال الخليجيون هي مراجعة قانون الاستثمار، لأن لهم تجربة في الاستثمار خارج بلدانهم، وأهم شيء بالنسبة لهم هو المسائل المتعلقة بحماية الاستثمار وبتوفير مناخ آمن.
* ما هي النقائص التي عابوها على تونس، وهل هناك أشياء متحسسون منها أو تزعجهم؟
- المناخ الذي كان يسود في تونس كانت تنقصه الشفافية، وفيه الكثير من الفساد وتغول سلطة الدولة، لدرجة أن الدولة أصبحت طرفا شريكا في عملية الاستثمار. وعندما نوضح هذه الوضعية الجديدة لدور الدولة بأن يكون تعديليا، وتفتح المجال لكل المستثمرين سواء كانوا محليين أو أجانب، وتوفر إطارا من احترام القانون والعدل في المعاملة مع كل الأطراف، فهي ستكون من دون شك رسائل مطمئنة، خاصة عندما يرون توافر الضمانات القانونية.
* كيف تقيمون ميزانية 2012 باعتبارها الميزانية الأولى التي تعكس حقيقة عمل حكومتكم في سنتها الأولى؟
- وضعت الميزانية على أساس منوال تنموي جديد بدأ تدريجيا يأخذ مكانه، مع تأكيد واضح حول الإصلاح السياسي وتطوير الحوكمة، وتعزيز مناخ الشفافية، ومقاومة الفساد والنفاذ للمعلومة في كل المجالات. المجال الثاني هو مقاومة البطالة ومقاومة التفاوت الجهوي وتطوير الخدمات الأساسية خاصة لتحقيق التماسك الاجتماعي، وتنشيط الاقتصاد وتنفيذ إصلاحات هيكلية في مجالات متعددة مع تنشيط القطاع الخاص. كما حرصنا على أن تستجيب هذه الميزانية إلى تطلعات المجتمع خاصة في مجال البنية الأساسية لا سيما توسيع شبكة الطرقات وبعث مناطق صناعية جديدة في العديد من الجهات (87 منطقة صناعية جديدة) وهو ما سيتم في 2013، وكذلك تطوير بعض الخدمات الأساسية وتحسين الإطار العام للحياة في المناطق الداخلية.
ونرى أن هذه الميزانية بدأت تؤتي أكلها حيث بلغت نسبة النمو 3.5 في المائة مقابل 2.2 في المائة سلبيا سنة 2011، وهي نتيجة مشجعة خاصة في وضع انتقالي، وفي ضوء ما يشهده الاقتصاد الأوروبي من أزمة، علما بأن تونس تعتمد بنسبة 75 في المائة من تبادلها التجاري والاقتصادي، و75 في المائة كذلك من الاستثمار الأجنبي، على أوروبا. كما أن كثيرا من القطاعات استرجعت نشاطها الطبيعي خاصة الاستثمار الأجنبي، وقطاع السياحة والفلاحة والتصدير، وهذا ما مكن البلاد من استعادة النسق الطبيعي لسير الاقتصاد.
* لماذا هذا الغلاء الفاحش في المعيشة الذي تشهده تونس الآن في مختلف المواد، سواء المواد الغذائية، أو الكهرباء والغاز والبنزين وغيرها من المواد الأساسية، وانقطاع الحليب عن الأسواق؟
- إذا نظرنا لما وقع بين 2011 و2012 حيث كان هناك ضخ لأكثر من 700 مليون دينار عبارة على منح للعائلات الضعيفة، وإلى الزيادة في الأجور، فإن النتائج في 2011 نتائج سلبية، في الأصل، حيث كانت الحكومة تنتهج سياسة اقتصادية تقشفية، لكن نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب والاجتماعي الحساس خاصة بعد الثورة اعتمدنا على سياسة توسعية في الإنفاق في ضوء نقص في الإنتاج وانكماش اقتصادي، وهو ما كان له انعكاس مباشر على الزيادة في الأسعار. من ناحية ثانية، ونتيجة للأوضاع الجديدة في المنطقة خاصة الوضع في ليبيا، تفاقمت ظاهرة التهريب خاصة للسلع المدعومة، وهذا أيضا ما أثر سلبا على زيادة الأسعار في بعض المواد الأساسية وشجع الاحتكار وتقلص حجم المخزون لهذه السلع. كذلك هناك ارتفاع عالمي لأسعار المواد الأساسية، خاصة أسعار المحروقات، وكذلك السوجا ومواد العلف للأبقار المنتجة للحليب.
نحن نعيش في تونس ولأول مرة في تاريخ الثورات التي عرفتها البشرية، ثورة تواجه في الوقت نفسه استحقاقات التحول الداخلي وفي الوقت نفسه تعيش ظروفا إقليمية صعبة جدا نتيجة أوضاع الربيع العربي بصفة عامة، كما تعيش انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية خاصة في منطقة اليورو. وإذا عدنا بالنظر إلى ثورات إسبانيا والبرتغال وأوروبا الشرقية أو أميركا الجنوبية، فقد كانت هناك أزمات داخلية، لكن المجموعات الإقليمية أسهمت في مرافقة هذه الثورات ومساعدتها. نحن الآن نعيش في ظرف عالمي صعب وإقليمي صعب وداخلي صعب، وهذا ما يزيد من حجم التحديات.
* التونسي الآن تعب من الصبر، هل لديكم حلول عاجلة، ومشاريع على المدى المتوسط والقصير؟
- نقوم بجهد كبير بالتنسيق مع كل الفاعلين من ديوان «الشرطة الحدودية » ومراقبي الأسعار، ووزارة التجارة وهي المزود الأساسي للسوق، ونستورد في بعض السلع لتعديل الأسعار، كما أن هناك تنسيقا مع الصناعيين والتجار، ومسالك التوزيع لضبط الأسعار خاصة بالنسبة للمواد الأساسية، فالمسألة ليست سهلة. نحن نعيش وضعا صعبا، خاصة بالنسبة للمواد الأساسية التي تمس عيش الفئات الضعيفة، ونقوم بجهود كبيرة في محاولة للضغط على الأسعار. فنسبة التضخم وصلت هذا العام ل 5.5 في المائة، ولكن نطمح لأن يتراجع هذا الرقم إلى 4.5 في المائة في السنة الحالية.
* الدينار التونسي، هل تأثر بالأوضاع الاقتصادية الداخلية والدولية؟
- الدينار التونسي صمد أمام هذه الهزات الكبيرة، وعلى مستوى تخزين العملة الوضع مستقر منذ سنتين في حدود 115 مليون دولار من الاحتياطي، ونعتبر أن ميزانية 2012 احترمت التوازنات المالية الكبرى. فتونس منذ الاستقلال عام 1956 لها عجز هيكلي لا سيما في ميزان الدفوعات، لذلك سياسات الإصلاح تركّز على توفير النقد الأجنبي بشكل كاف لتغطية كل حاجياتنا دون الالتجاء للاقتراض، مع العلم بأن المديونية في تونس معقولة ومتحكم فيها.

* ديون تونس تزيد ثقلا منذ تسلم السلطة، هل هي السبيل الوحيد لحل مشاكل البلاد؟

- نسبة المديونية في تونس لا تتجاوز 47 في المائة من الناتج، وهي معقولة ولم نصل بعد للخطوط الحمراء، فبالنسبة لاقتصاد مثل الاقتصاد التونسي عندما يصل إلى 60 في المائة يصبح مقلقا. ولكن إلى حد الآن النسبة مقدور عليها.
* هل هناك احتمال خطر وصول تونس ل60 في المائة إذا بقي الحال على ما هو عليه؟
- لقد قمنا بدراسة الوضع الاقتصادي، وحددنا تصورا لكيفية التحكم في هذه التوازنات للسنوات الخمس القادمة، أي إلى 2017. وهدفنا تخفيض المديونية إلى حدود 42 أو 43 في المائة. لقد تسلمنا الحكم والدولة أمام تحديات اجتماعية كبيرة وأمامها وضع اقتصادي صعب، وإذا أردنا تنشيط الاقتصاد فلا يمكن أن يتم هذا إلا عبر اللجوء إلى توفير الموارد، فنحن لدينا 5 موارد أساسية للعملة هي الاستثمار الأجنبي والصادرات، وإيرادات الجالية بالخارج، والسياحة والاقتراض، فبالتالي المسألة ليست آيديولوجية وإنما هي مسألة حاجة ملحة، ولا بد من عملية إنقاذ للاقتصاد.
نحن مقتنعون بأن تونس تزخر بإمكانيات كبيرة، فهي علاوة على موقعها الجغرافي المتميز وكفاءاتها المتميزة لديها مقومات نجاح كبيرة جدا، فلدينا نسيج متنوع في الصناعة على غرار مكونات السيارات أو الصناعات الغذائية أو بعض مكونات الطائرات، أو الصناعات الميكانيكية والكهربائية، وكذلك قطاع النسيج والملابس، وغيرها.
ففي تونس نسيج اقتصادي متنوع، وهناك أسواق واعدة مثل ليبيا والجزائر، لها إمكانيات كبيرة، بالإضافة إلى بعض أسواق محيطنا القريب مثل النيجر وموريتانيا، فأمامنا فرص كبيرة للاندماج في هذه الاقتصاديات، بما يجعل من تونس قاعدة إقليمية للتبادل التجاري وتبادل الخدمات.
* دول الغرب راهنت على الحكومات الإسلامية، مثل الاتحاد الأوروبي وأميركا، وسبق لمسؤول أميركي أن صرح لنا بأن تونس أخذت ضمانات من البنك الدولي بضمانات أميركية..
- على مستوى الدعم السياسي نحن نقدر موقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا واليابان والمؤسسات التنموية والصناديق العربية التي وجدنا منها تجاوبا كبيرا.. كما نثمن مساندة هؤلاء الشركاء على المستوى المالي والفني.
* هذا سياسيا، ماذا عن الدعم الاقتصادي؟
- خلال هذه السنة كان هنالك دعم مباشر من الاتحاد الأوروبي بقرابة 145 مليون يورو عبارة على هبة، والولايات المتحدة 100 مليون دولار هبة، إلى جانب ضمان مكن تونس من الاقتراض من السوق المالية الدولية كان بقيمة 485 مليون دولار بشروط ميسرة جدا.
كذلك تمكنا من تعبئة موارد عن طريق البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية بمليار دولار على أثر برنامج إصلاح هيكلي وذلك بشروط ميسرة، كذلك اليابان 25 مليار ين (330 مليون دولار) بشروط جيدة. كما أن دولة قطر وفرت لنا سندات للخزينة بقيمة 500 مليون دولار، ونفس الشيء مع تركيا التي منحت تونس هبة ب100 مليون دولار. وصندوق التنمية السعودي قدم تمويلا بحدود 250 مليون دولار في شكل قروض بشروط ميسرة، ونحن نتفاوض معهم الآن حول مبلغ 250 مليون دولار أخرى.
ونحن نشعر بانفتاح كبير من دول الخليج وتعاون إيجابي مع التجربة الجديدة في تونس، وهناك مساع جدية للوقوف معنا.
* كيف يؤثر الوضع الأمني على الوضع الاقتصادي في تونس؟
- نحن نلمس في الفترة الأخيرة تطورات كبيرة في الاهتمام بتونس، ونرى كذلك نوايا عديدة ومتنوعة متجهة نحو بلادنا سواء على مستوى الاستثمار المحلي أو الأجنبي، فتونس دخلت مرحلة جديدة من البناء السياسي الديمقراطي والاقتصادي. أما بالنسبة للوضع الأمني في البلدان المجاورة وكذلك في مالي فله من دون شك تأثير على الاقتصاد الوطني. لكن رغم هذا فإننا نرى أن الوضع الأمني في تونس بصفة عامة متماسك بشكل جيد، ولا بد هنا من التأكيد على أن تونس ليس لديها تقاليد عنف، وكما قاد المجتمع التونسي ثورته بسلمية أبهرت العالم فإنه سيتغلب على هذه المصاعب ولن يسمح لأي طرف بأن يجعل من العنف عملة سائدة في البلاد.
* إذا أردنا المقارنة بين الوضع الاقتصادي في تونس وفي مصر، ما هي نقاط التشابه والاختلاف؟
- هناك نقاط تقارب واختلاف، لكن في المحصلة سقطت مقولة المغرب والمشرق، فما حدث في تونس هز المشرق كمصر وسوريا. فالثورات قربت المسافات وبينت أن إرادة الشعوب واحدة والمصير مشترك، فالثورة الليبية حمت ظهر الثورة التونسية، فلو لم تقم لاختلف الأمر مع نظام القذافي، لذلك نرى اليوم أن مصيرنا مشترك ولا خيار لنا إلا النجاح، ومفتاح النجاح السياسي هو التنمية.
* هل تحاولون نقل التجربة الاقتصادية التركية لتونس؟
- نحن نستفيد من التجربة التركية، وكذلك الماليزية، ونعمل الآن على ربط جسور تعاون وشراكة وطيدة. نحن نريد أن نستفيد من كل التجارب الناجحة، وقمنا بدراسات مقارنة لخمس دول بيننا وبينها تشابه وتقاطع وهي تركيا، والمغرب، وماليزيا، وبلغاريا، وتشيلي، ونحاول الاستفادة منها. فالتجربة التركية ناجحة جدا خاصة في قطاع التصدير والسياحة والصناعة ومجال البناء، وطموحنا أن تستفيد من هذه التجارب، ولنا مقومات كبيرة لذلك، ويمكن لتونس أن تكون قاعدة لإقلاع النشاط الاقتصادي والتبادل نحو البلدان العربية والأفريقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.