في اطار تعصير الجهاز القضائي وتطوير السياسة الجزائية للدولة تم مؤخرا تركيز خلية الفصل السريع بالمحكمة الإبتدائية بالمنستير ومكتب مصاحبة بمحكمة الإستئناف. وقد اوضح ل "الصباح نيوز" فريد بن جحا الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير أن ذلك يندرج في اطار تحديث السياسة الجزائية وجعلها مواكبة لتطور نظريات علم الإجرام والعقاب. مشيرا أن خلية الفصل السريع هي الية تهدف الى الحد من اصدار الأحكام الغيابية واستصدار حكم في اجل معقول معتبرا أن ذلك فيه تكريس لما اقرته المعاهدات الدولية في اطار ضمان المحاكمة العادلة مشيرا أنه يقع تطبيق هذا الإجراء في المادة الجزائية بخصوص المحاضر والشكايات التي ترى النيابة العمومية بعد مراجعتها انه يقع الإبقاء على المظنون فيه بحالة سراح الى جانب المخالفات الإقتصادية المتعلقة بالمنافسة والأسعار فعوض ان يقع تحرير محضر ثم احالته الى المحكمة والبت فيه بعد مدة زمنية غير محددة يمكن في اطارها ان يغيّر المظنون فيه محل اقامته وبالتالي يتعذر استدعاءه لتصدر احكام غيابية تبقى في جل الأوقات حبرا على ورق فإنه بمقتضى خلية الفصل السريع وبمجرد ختم الأبحاث يقع تمكين المتضرر والمشتكى به من استدعاء للحضور امام ممثل النيابة العمومية الذي يكون قد بت في المحضر ويقع في نفس اليوم تسليم الطرفين استدعاء للحضور امام القضاء بتاريخ محدد وبالتالي نتلافى التاخير في فصل القضايا الجزائية ونضمن حضور طرفي النزاع أمام القضاء وإصدار أحكام حضورية أو معتبرة حضورية وهو ما يحد من الإفلات من العقاب ويحقق مبادئ المحاكمة العادلة. وتابع بأنه بالنسبة لتركيز مكتب المصاحبة بمحكمة الإستئناف بالمنستير فهي ثاني تجربة بعد مكتب المصاحبة الذي تم تركيزه في سوسة ويتمثل دور مكتب المصاحبة في السهر على تفعيل العقوبات البديلة للسجن وخاصة عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من خلال مصاحبة المحكوم عليهم للحد من ظاهرة العود في الجريمة والحفاظ على ادماج من زلت به القدم اول مرة في جرائم غير خطيرة وادماجه في المجتمع مع الحفاظ على عمله ومستقبله المهني وهو ما يتحقق عمليا عند مثول احد المتهمين في جرائم غير خطيرة (مخالفات او جنح لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات) ففي هذه الحالة يقع تشريك المتهم في اختيار العقوبة اذا كان نقي السوابق العدليّة من خلال اقتراح استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة والتي تتمثل في ان يعمل المحكوم عليه داخل مؤسسة عمومية او داخل جمعية ذات نفع عمومي عملا مجانيا بحساب ساعتين عن كل يوم سجن فاذا اختار المحكوم عليه هذه العقوبة البديلة يقع مصاحبته من طرف مكتب المصاحبة الذي وقع تركيزه بمحكمة الإستئناف بالمنستير والذي يشرف عليه قاضي تنفيذ العقوبات بمعية اعوان من السجن يتولون اختيار المؤسسة التي سوف يعمل بها المحكوم عليه ومراقبة مدى استجابته لمتطلبات العمل داخل تلك المؤسسات كما يقع تامينه ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية دون ان يكون العاملين بتلك المؤسسات على علم بانه قد ارتكب جريمة كما لا يقع ادراج تلك العقوبة ببطاقة السوابق العدلية للمحكوم عليه معتبرا أن ذلك يحقق النفع لفائدة المحكوم عليهم بتجنيبهم الآثار السلبية للسجن والحفاظ على ادماجهم في المجتمع فضلا عن الحد من اكتظاظ المؤسسات السجنية. وقال فريد بن جحا أنه سيقع تعميم مكاتب المصاحبة على محاكم الجمهورية مشيرا أنها تجربة تحضى بتدعيم اوروبي حيث يقع تكوين القضاة والإطارات السجنية وكل ذلك في اطار البحث عن بدائل للعقاب بعد ان اثبتت التجربة ان السجن لفترة قصيرة لا يحقق الإصلاح كما يؤدي الى احتكاك المبتدئين من المساجين بالمحترفين في مجال الإجرام ويولد هذا الإحتكاك لدى من زلت بهم القدم لاول مرة استعدادهم لإرتكاب جرائم جديدة وهذا لا يندرج ضمن اهتمامات واضعي السياسات الجزائية الرامية الى اصلاح المجتمع والحد من مظاهر الإجرام وكل ذلك في انتظار تنقيح المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية اللتين تتضمنان بدورهما اليات جديدة للإصلاح المنحرفين وحماية المجتمع.