الحياة على رغم كل شيء، هم الفلسطينيون يبرعون في البحث عن حيل تُعيدهم إليها، تحررهم من القيود، تمكّنهم من نيل أمانيهم على رغم المعوقات. هنا قصة أسير فلسطيني اعتُقل من أمام بيته بعد ثلاثة أشهر من زواجه، لكنّ زوجته وبمجرّد معرفتها بنجاح عملية إخصاب من بعد في الضفة الغربية، طرحت الأمر على زوجها الأسير، واتفق الزوجان على تحرير ولدهما من بين القضبان. بعد نجاح 4 حالات حمل في الضفة الغربية بواسطة نطف مهرّبة، للمرّة الأولى في قطاع غزة وبعد معاناة شديدة، تُنجب هناء (مواليد 1987) من زوجها الأسير تامر الزعانين (1985) عبر تهريب نطف زوجها الشاب من سجن ريمون الإسرائيلي، ليولد الطفل الحسن حاملاً إسماً اختاره الزوجان منذ اللحظات الأولى لتفكيرهما في تحقيق حلمهما بإنجاب طفل. وكانت الفرحة فرحتين، إذ تحققت في جنين بالتوقيت ذاته ولادة ثلاثة توائم للأسير رزق حسين (24 سنة). أم الأسير تامر التي لطالما تمنّت رؤية وجه حفيدها، لم توفر جهداً في الزغردة والغناء والتهليل له لحظة وصوله بيت العائلة "يا حسن يا نوّارة يا أحلى طفل بالحارة، يا أبو الحسن لا تهتم نحنا شرّابين الدم". فرحة لم تقتصر على مباركات الحركة الأسيرة للزوجة والعائلة، بل تابعتها كاميرات "قناة الجزيرة" منذ لحظة التفكير الأولى في عملية الإنجاب، بغرض إعداد فيلم خاص عن تجربة ولادة طفل عبر تهريب النطف المنوية من السجون الإسرائيلية، إلى عدسات كثيرة لمصوري الصحف والمواقع الإخبارية الفلسطينية التي نشرت الخبر باهتمام شديد، وسط تكتم زوجة الزعانين عن أي تفاصيل تتعلق بعملية التهريب، مشيرة إلى مساعدة إحدى العائلات لها في إيصال العينة. صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلت عن عبد الكريم الهنداوي، طبيب الخصوبة الذي ساعد هناء في الحمل، أن الإجراء غير اعتيادي، لكنه طبيعي لأي إمرأة تريد الإنجاب من زوجها، مشيراً إلى أن الصعوبة الوحيدة كانت في الحصول على الحيوانات المنوية، واستغرق الأمر نحو ست ساعات. وأوضح "قدمنا للأسرة نصائح حول كيفية تهريب الحيوانات المنوية في شكل يضمن صلاحيتها، وذلك من خلال وضعها في البلاستيك أو في قارورة صغيرة وحملها بين الثديين، حيث تبقى دافئة وبعيدة من الضوء، ثم جمّدناها فور وصولها". هناء الفرحة بمولودها البكر، والتي لم تصدق عينيها حتى اللحظة رؤيته، تقول إنّه في مقدورها انتظار الإفراج عن زوجها، وإلى ذلك الحين ستروي لولدها الطريقة الاستثنائية التي قدم فيها إلى الحياة، فخورة بما فعلت، آملة أن تتمكن بأن تصطحب ولدها يوماً ما لزيارة والده في السجن، ولكنها تجزم بأنّ السلطات الإسرائيلية لن تسمح بذلك. وأبدت هناء تخوفها من منعها من زيارة زوجها، مشيرة إلى سماح السلطات الإسرائيلية لها بزيارة زوجها أثناء الحمل، لكنها رفضت تخوفاً من أن تضر الماسحات الضوئية وآلات الأشعة السينية بجنينها. العملية ذاتها التي تستحق الوقوف عندها لأهميتها، لكن السريّة مطلوبة هنا وفق صابر أبو كرش مدير "جمعية وعد" المهتمة بشؤون الأسرى، خشية أن يتسبب نشر تفاصيل القصة بعقاب الأسرى داخل السجون، إلى جانب محاولات تقنين زيارات عائلاتهم لهم، من هنا عمدت زوجات أسرى كثيرات إلى كتم خبر محاولاتهن للإنجاب، ما ينفي بدوره وجود إتفاقية سرية تسمح بإيصال العينات إلى غزة، في حين أفاد الغلاييني بأنّ هناك 10 زوجات لأسرى خضعن لعملية تخصيب خلال الأشهر الخمسة الماضية، وسط مؤشرات جيدة تُبشر بنجاح عمليات التخصيب.