تحظى اليوم مسألة إحداث هيئة مراقبة دستورية القوانين باهتمام خاص نظرا لدورها الاساسي خلال هذه الفترة الانتقالية وتطرح تساؤلات حول مدى استقلاليتها وهي التي تتكون من 6 أعضاء ثلاث من بينهم هم على التوالي رئيس الأول للمحكمة الإدارية والرئيس الأول لمحكمة التعقيب والرئيس الأول لدائرة المحاسبات والذين يقع تعيينهم من قبل رئاسة الحكومة وفقا للقوانين الجاري بها العمل، أمّا بقية الأعضاء فيتمّ تعيينهم بالتساوي من قبل الرؤساء الثلاثة ليكون بذلك رئيس الحكومة أكثرهم تعيينا لأعضاء الهيئة. هذه المسالة طرحتها "الصباح نيوز" على أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، الذي اعتبر أنه في صورة عدم المصادقة على المشروع المتعلق بإحداث هيئة مراقبة دستورية القوانين في أجل لا يتجاوز الثلاثة أشهر من تاريخ ختم الدستور الذي تمّ يوم 27 جانفي وباعتبار ان الشهر القضائي 30 يوما ليكون بذلك يوم 26 أفريل آخر أجل للمصادقة على مشروع إحداث الهيئة فإنّ ذلك سيعتبر خرقا للحكم الوارد بالفقرة السابعة من الفصل 148 الذي ورد في باب الأحكام الانتقالية من الدستور والذي ينصّ على إحداث المجلس الوطني التأسيسي بقانون أساسي خلال ثلاثة أشهر التي تلي ختم الدستور هيئة وقتية تختصّ بمراقبة دستورية القوانين. وقال قيس سعيد ان المهم أيضا ليس الإحداث في ذاته ولكن المهم أيضا ان تمارس الهيئة عملها باستقلالية تامة حيث انها ستواصل عملها إلى حين إحداث المحكمة الدستورية، مشيرا إلى أنّ سائر المحاكم بما فيها المحكمة الإدارية غير مخوّلة لمراقبة دستورية القوانين. وأضاف سعيد : "إذا لم يتم إحداث الهيئة قبل 26 أفريل القادم فإنّ التاريخ سيسجل أنّ المجلس التأسيسي اخترق ما كان التزم به". تعيين أعضاء الهيئة وعودة إلى مسألة تعيين أعضاء الهيئة، أكّد سعيد انّ عملية الاختيار تفترض في الظاهر استقلالية الأعضاء ولكن بالنظر إلى الجهات التي ستقوم بالتعيين والتي يمكن أن تثير الدعوة لوضع حدّ لعضوية أحد الأعضاء فإن الاستقلالية المفروضة قد لا تتحقق وسيكون بذلك ثقل رئيس الحكومة واضحا باعتبار أن سيعين 4 أعضاء للهيئة من بين 6 أعضاء، متسائلا : "إذا كانت هيئة معينة بهذه الطريقة فهل ستكون مستقلة؟" وعن مسألة إعفاء أحد الأعضاء، قال سعيد انه لا يجب أن يكون هذا الإجراء غطاء لفرض توجه معين عن الهيئة وأنّ الخوف من أن تكون هذه الهيئة امتداد لجهة واحدة في إشارة إلى رئاسة الحكومة. واعتبر انه من الطبيعي ان يتوجّس كلّ شخص من هذه الهيئة خيفة بالنظر لأهمية الدور الذي ستضطلع به.