أكد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الأربعاء أنه لم يرتكب "أبدا عملا مخالفا للمبادئ الجمهورية أو لدولة القانون" وذلك بحسب مقتطفات من مقابلة مع تلفزيون "تي في 1" وإذاعة "أوروبا 1" بثتها شبكة "إل سي آي". وقال ساركوزي الذي خضع للتحقيق ليل الثلاثاء الأربعاء وخصوصا بتهم "الفساد" واستغلال النفوذ، إنه "لم يخن ثقة" أي شخص، منددا "بتسييس القضاء". وأضاف "في بلادنا، بلاد حقوق الإنسان ودولة القانون، هناك أمور يتم تنظيمها على الفرنسيين أن يعرفوها، وأن يحكموا عليها عن وعي وبكل حرية". ويأتي رد ساركوزي بعد ساعات من توجيه التهمة إليه رسميا بالفساد واستغلال النفوذ إثر توقيفه لحوالي 15 ساعة ابتداء من ليل الثلاثاء الأربعاء، على ذمة التحقيق في مكاتب دائرة مكافحة الفساد في سابقة بالنسبة لرئيس سابق في فرنسا. وهو إجراء ملفت في وقت كان الجميع يترقب عودته إلى العمل السياسي بينما تهدده مشاكل قضائية أخرى. وهذه أول مقابلة ساركوزي منذ أن غادر الرئاسة الفرنسية. ووجه القضاة إليه التهمة بإخفاء انتهاك أسرار مهنية والفساد واستغلال النفوذ بشكل فاعل، على ما أوضحت النيابة العامة في بيان لها بدون أن يخضع لنظام المراقبة القضائية. والفساد واستغلال النفوذ جرمان تصل عقوبتهما إلى السجن عشر سنوات. وقبل اتهام ساركوزي، وجه قضاة التحقيق التهمة مساء الثلاثاء إلى محاميه تييري هرزوغ والقاضي جيلبير ازيبير. ويسعى قضاة التحقيق للتثبت مما إذا كان الرئيس السابق حاول الحصول على معلومات طي السرية المهنية من جيلبير ازيبير حول قرار قضائي يطاله مقابل وعد بمنحه منصبا بارزا في موناكو. وتعود القضية التي وجهت التهمة إلى ساركوزي على أساسها إلى ربيع 2013 عندما خضع للتنصت في إطار تحقيق حول تهم لم يتم التثبت منها حتى الآن، بالحصول على تمويل من نظام معمر القذافي الليبي لحملة ساركوزي الانتخابية التي فاز إثرها بالرئاسة في 2007. وفضلا عن ملفات التمويل الليبي واستغلال النفوذ، يحقق القضاء في عدة ملفات من شانها ان تعرقل عودة نيكولا ساركوزي إلى السياسة إذ يرد اسمه في نحو ستة منها. وكلفت نيابة باريس الأسبوع الماضي قضاة ماليين التحقيق في "عملية تزوير واستخدام وثائق مزورة" و"استغلال الثقة" و"محاولة الاحتيال"، هذه المرة في قضية تمويل حملة ساركوزي في 2012، اذ ان قسما كبير من مهرجاناته الانتخابية كان على ما يبدو ممولا من حزبه "الاتحاد من أجل حركة شعبية" لتغطية تجاوز لسقف التمويل المرخص به. وفي الأوساط السياسية، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم أن ساركوزي يجب أن يتمتع بحق "اعتباره بريئا حتى تثبت إدانته". وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول في عرضه لاجتماع مجلس الوزراء إن الرئيس الاشتراكي ذكر أيضا بمبدأ "استقلال القضاء". وأكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من جهته أن الوقائع التي يلاحق من اجلها ساركوزي "خطيرة" مشيرا إلى مبادئ استقلال القضاء وافتراض البراءة. وشكك بعض مؤيدي ساركوزي في موضوعية أحد القضاة، مشيرين إلى أنه "يكن مشاعر كراهية لنيكولا ساركوزي"، كما قال النائب ورئيس بلدية نيس (جنوب شرق) كريستيان إستروزي. واتهمت ماريزا بروني تيديسكي حماة نيكولا ساركوزي في مقابلة مع صحيفة "لا ستامبا" الايطالية خصوم الرئيس الفرنسي السابق بالقيام بحملة لمنعه من العودة الى قيادة اليمين الفرنسي. وقالت والدة كارلا بروني إن "الفضيحة الحقيقية في هذه المسرحية هي الطريقة والتوقيت الذي تم اختياره لتوجيه هذه الاتهامات إلى نيكولا". وأضافت إن "هذا التحقيق خرج بشكل غريب الآن (...) إنها اللحظة المثلى التي تعبر عن رغبة في الانتقام لكننا نحن جميعا مستعدون لفعل ما بوسعنا لإثبات التزامه الأخلاقي. نحن أكثر المقربين منه نشعر بالصدمة". ويأتي ذلك في وقت تتزايد الشائعات حول عزم ساركوزي العودة إلى الساحة السياسية، ولا سيما من خلال تولي رئاسة حزب "الاتحاد من اجل حركة شعبية" اليميني في الخريف المقبل. فعلى الرغم من هزيمته أمام الاشتراكي فرنسوا هولاند في 2012، ما زال ساركوزي (59 عاما) مقتنعا بأنه يستطيع العودة إلى الصف الأول بصفته "منقذ" فرنسا في انتخابات 2017.(فرانس 24)