لم تقف محاولات السلطات الليبية لمكافحة الإرهاب وإعادة فرض النظام حجرة عثرة أمام المتشددين الموالين لتنظيم "داعش" والساعين على نهج البغدادي وجماعته لفرض سيطرتهم وبالتالي فرض الطاعة على الليبيين العزّل، فقد قاموا باستعراض عسكري في شوارع مدينة درنة التي تعدّ إمارتهم الإسلامية للتأكيد على نفوذهم وسطوتهم. وتداولت وسائل الإعلام ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر استعراضا عسكريا لميليشيات "تنظيم أنصار الشريعة" المنضوية ضمن مجلس شورى شباب درنة والذي يضم فصائل أخرى. يأتي هذا في حين أفادت أنباء بأن تنظيم "أنصار الشريعة" أعلن درنة "إمارة إسلامية" ودعا إلى تجمّع جماهيري في "ساحة الصحابة" وسط المدينة أمس الأول، لإبلاغ السكان بقرار مبايعته "داعش"، الذي ترافق مع عرض عسكري ل"شرطة الإسلام"، هدفه إظهار الانضباط والسيطرة. وأظهر التسجيل عناصر تابعة لداعش في مدينة درنة الليبية شوهدت لأول مرة بشكل علني، وهي تحمل رايات التنظيم وتردد شعاراته، فقد تجول مسلحو التنظيم في شوارع المدينة، وهم يستقلون سيارات رباعية الدفع، ويرددون شعار "دولة الإسلام.. باقية" وهو شعار التنظيم المعروف. وتعد مدينة درنة التي تحولت إلى إمارة إسلامية للمتطرفين، خزّانا للأسلحة ومنطقة توغّل فيها الجهاديون المحسوبون على تنظيم القاعدة مثل الجماعة الإسلامية المقاتلة، التي ولدت كوادر للقاعدة والكثير من قادة الثوار المتشددين، مثل عبدالحكيم بلحاج. ورغم الدعوات المتكررة لإعلان "أنصار الشريعة" تنظيما إرهابيا إلاّ أن إخوان ليبيا المتواطئين مع المتشددين رفضوا المصادقة في البرلمان على أي قانون يمكن أن يحول دون تنفيذ مخططاتهم المتمثلة أساسا في منع القوى الليبرالية والتقدمية والمناهضة للتطرف من الوصول إلى الحكم ومن التمكّن من دواليب الدولة. كما قام إسلاميو ليبيا بمنع البرلمان المنتخب من تسيير أعماله فعمدوا إلى دعم الميليشيات المسلحة لبث الفوضى في كامل أنحاء البلاد وهو ما أدّى إلى مزيد تغوّل التنظيمات الجهادية الإرهابية التي بسطت سيطرتها على بعض المدن وحوّلت بعضها الآخر إلى إمارة إسلامية تطبّق حدود الله وشرعه. وفي سياق متصل، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس الإثنين، إلى تجفيف موارد من وصفهم ب"المجموعات الإرهابية" في ليبيا، أسوة بما يحدث مع تنظيم "داعش" في العراق وسوريا. وقال فابيوس، في تغريدة على حسابه على "تويتر" إن "الجهود الرامية إلى تجفيف موارد داعش (في العراق وسوريا) يجب تطبيقها أيضا على المجموعات الإرهابية في ليبيا" التي لم يحددها. وتأتي هذه التغريدة بعد تواتر تقارير إعلامية عن مبايعة جماعة جهادية متشددة في مدينة درنة الليبية، لأبو بكر البغدادي، أمير تنظيم الدولة. كما يأتي هذا التصريح بعد أسابيع من تصريح وزير الدفاع الفرنسي "جان إيف لودريان"، تحدث فيه عن ضرورة التحرك في ليبيا قبل فوات الأوان، وتتزامن هذه التصريحات أيضا مع عودة القتال في الشرق الليبي إثر هجوم عناصر من مجلس شورى ثوار بنغازي على قاعدة بنينا الجوية الواقعة تحت سيطرة قوات بالجيش الليبي الموالية للواء خليفة حفتر. ومنذ أكثر من شهر تستمر الاشتباكات بين قوات حفتر بمساعدة وحدات من الجيش الليبي أهمها القوات الخاصة وأفراد مدرية أمن بنغازي وبين مجلس شورى ثوار بنغازي (اتحاد كتائب الثوار الإسلامية التابعة للأركان) مدعوما بمسلحي من تنظيم أنصار الشريعة في محاولة للأخير السيطرة على القاعدة الجوية بنينا. (العرب أون لاين)