نفى النائب والقيادي في حزب نداء تونس خالد شوكات وجود انقسام وموجة استقالات داخل الحزب إثر تكليف وزير الداخلية السابق الحبيب الصِّيد بتشكيل الحكومة الجديدة، مشيرا بالمقابل إلى عدم التوافق بين قيادات الحزب حول شخصية الصيد، وأكد في تصريح لصحيفة القدس العربي أنه كان من المفترض تعيين رئيس حكومة شاب "من الجيل الرقمي" من المناطق المهمشة وذي خلفية حقوقية وديمقراطية، مشيرا إلى أن المصالحة مع الماضي لا تعني تسليم الرئاسات الثلاث في البلاد لشخصيات محسوبة على الأنظمة السابقة. وأضاف ل "القدس العربي": "منذ البداية كان هناك خلاف داخل الحزب حول هوية رئيس الحكومة، فالبعض طالب بأن يكون من الرئيس من قيادات الحزب والبعض الآخر اقترح أن يكون من الخارج، وتم لاحقا اعتماد الاقتراح الأخير لكن كان ثمة خلاف حول الشروط الواجب توافرها في رئيس الحكومة الجديد، لكن كل ذلك تم ضمن الضوابط الديمقراطية وفي إطار التنوع والاختلاف داخل الحزب مع الحفاظ على وحدة وتماسك كتلته". ويشير بعض المراقبين إلى أن قرار تعيين الصيد تم اتخاذه من قبل دائرة ضيقة جدا ضمن "النداء" دون استشارة بقية القيادات الأساسية في الحزب. ويؤكد شوكات هذا الأمر، مشيرا إلى أن الهيئة التأسيسية للحزب تتحمل تبعات هذا القرار، لكنه يفند التصريحات المنسوبة له من قبل إحدى وسائل الإعلام والتي أكد فيها أن حزبه «خذله» بعد تعيين رئيس حكومة من خارج المناطق المهمشة والمحرومة في البلاد. لكنه يؤكد بالمقابل أن رئيس الحكومة الجديد كان يجب أن يكون «شابا من الجيل الرقمي ومن ذوي الخلفية والماضي الحقوقي والديمقراطي ومن المناطق المهمشة والمحرومة، وأعتقد أن المدخل إلى العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق المطالب التنموية وتحقيق البنود الدستورية الخاصة بالتمييز الإيجابي تبدأ بالعدالة السياسية والأخيرة هي العنوان الأول للعدالة التنموية والاقتصادية». ويضيف «عندما ندعو للمصالحة (الوطنية)، فهذا لا يعني أن نسلم للرئاسات الثلاث لشخصيات كبيرة في السن ومحسوبة على الأنظمة السابقة، وكنا نتمنى أن يكون رئيس الحكومة أربعينيا أو خمسينيا حتى يشتغل 18 ساعة، ويحوّل تونس إلى ورشة عمل كبرى قادرة على تشغيل مليون عاطل عن العمل، ويحقّق آمال وتطلعات التونسيين في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يؤمن المسار الديمقراطي، لأن الديمقراطية التي لا تنتج تنمية ولا رفاها اجتماعيا، هي ديمقراطية قابلة للانكسار في أية لحظة». وكان رئيس الحكومة الجديدة بدأ مشاورات مع عدد من الأحزاب السياسية من بينها حركة النهضة والجبهة الشعبية، حيث تشير بعض التسريبات الإعلامية إلى احتمال مشاركة الحركة بخمس حقائب وزارية داخل الحكومة الجديدة، في ظل الحديث عن احتمال استبعاد الجبهة من تركيبتها. ويقول شوكات «ما يهمنا هو أن تكون مشاركة النهضة بطريقة حقيقية ومباشرة تتحمل فيها مع هذه الحكومة إمكانية الربح والخسارة، وألا تكون هناك مكايدات (مكائد) سياسية من قبل الحركة للتأكيد على أن الجميع قادرون على الفشل وأنه لا فرق بين حكومات الترويكا التي قادتها النهضة وبين الحكومة الحالية، وأن لا تكون هناك أيضا رغبة في تقديم شخصيات مستقلة على أنها شخصيات نهضوية كي يقع التملص لاحقا (من قبل الحركة) في حال الفشل في مسؤولية ما، لتجنب التداعيات السياسية عليها». ويشير إلى احتمال استبعاد الجبهة الشعبية من تشكيلة الحكومة المقبلة، مبررا ذلك بالشروط التي وضعتها الجبهة، والتي يقول إن حركة النهضة لا تستطيع تحمّلها. ويحذر بعض المراقبين من تحجيم دور رئيس الحكومة الجديدة بحيث يختص فقط بملفات الأمن والاقتصاد، في مقابل توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية لتشمل بقية المجالات، وهو ما يعد مخالفة صريحة للدستور. ويقول شوكات «أتمنى أن يكون نداء تونس أول من يحترم الدستور والصلاحيات التي حددها لرئيسي الجمهورية والحكومة، وأن يكون الثاني رئيس حكومة حقيقية تمارس وظائفها التنفيذية وفقا لمقتضياتها الدستورية، يعني أن يكون هناك انسجام وتنسيق وعلاقة طيبة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وهذا أمر مطلوب يساعد الحكومة على إدراك أهدافها، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب مكانة رئيس الحكومة في منظومة الحكم الجديدة». لكنه يستدرك بقوله «يجب أن لا نتصور أن الأمور ستكون ملائكية، فالحياة لا تقبل الفراغ والذي لا يملأ كرسيه سيكون تابعا بطبيعة الحال، ونحن عرفنا في التاريخ أن الشخصية يمكن أن تجعل من الكرسي صغيرا أو كبيرا عليها». ويؤكد إلى أنه لا يمتلك أي تجربة سابقة في العمل مع رئيس الحكومة الجديد «فأنا نشأت في المعارضة التونسية السابقة وفي الوسط الحقوقي والديمقراطي، وهو نشأ في دواليب الدولة وشغل وظيفة عمومية منذ سبعينيات القرن الماضي وتدرج في سلم الأنظمة السابقة إلى مستوى كاتب دولة وبالتالي مساراتنا مختلفة، لكن ما سمعته عنه أنه شخص طيب ونظيف، وخلفيته بالنسبة لي تبقى سياسية، أما طريقة تفكيره وكفاءته السياسية وقدراته الخطابية فسيكتشفها التونسيون لاحقا لأنه لم يسبق لهم أن شاهدوه كثيرا يتكلم أو يُعرب عن أفكاره وتصوراته أو يشارك في المنتديات الفكرية والسياسية، هو شخص قادم من الأوساط البيروقراطية والتكنوقراطية»