الغالبية السّاحقة من أنصار النّادي الصفاقسي عارضت بشدّة انتداب ناديهم للمدرّب المساعد نبيل الكوكي في صائفة سنة 2010 للعمل إلى جانب المدرّب الفرنسي بيار لوشانتر... لكن بمرور الأيّام تغيّرت نظرة الأحبّاء للكوكي واقتنعوا بقيمته بعد أن اكتشفوا فيه عديد الخصال التي بإمكانها أن تفيد الفريق مثل جدّيته وحبّه للعمل وحرصه على فرض الانضباط في صفوف اللاعبين... وحتّى عندما طالب الأحبّاء بإقالة المدرّب بيار لوشانتر وتغييره بعد تكرّر أخطائه وفشل اختياراته التي تضرّر منها الفريق كان جل الأنصار في الواقع متحمّسين لفكرة مواصلة الكوكي لعمله كمدرّب مساعد أو كمدرّب أوّل عوضا عن لوشانتر. خيبة نهائي كأس "الكاف" على يدي المدرّب الفرنسي بيار لوشانتر كانت القطرة التي أفاضت الكأس بالنّسبة لأحبّاء "السّي آس آس" الذين تنفسوا الصّعداء بعد إقالة هذا المدرّب يوم الأحد 5 ديسمبر الماضي وتكليف نبيل الكوكي بالإشراف على حظوظ الفريق وقتيا في انتظار التّعاقد مع مدرّب جديد. وقد ساند أنصار الأبيض والأسود الكوكي وشجّعوه منذ أوّل لقاء خاضه الفريق بقيادته ضدّ الملعب التّونسي في إطار منافسات الجولة الثامنة لبطولة الرّابطة المحترفة الأولى الذي دار بملعب الطيّب المهيري مساء الأربعاء 8 ديسمبر 2010 و انتهى على نتيجة التّعادل السّلبي... النّادي الصفاقسي ظهر آنذاك بوجه مرضي نسبيا بعد تخلي الكوكي عن خطة 3-5-2 التي كان يعتمدها لوشانتر وكذلك بفضل التّغييرات التي تمّ إدخالها على التّشكيلة. وبعد أخذ وردّ واتّصالات ببعض المدرّبين من تونس ومن الخارج وفي مقدّمتهم فوزي البنزرتي حسمت الهيئة المديرة في مسألة المدرّب باتّخاذها لقرار جريء يتمثل في غضّ النّظر عن التّعاقد مع مدرّب جديد ومنح الثقة كاملة لنبيل الكوكي ليصبح المدرّب الأوّل للفريق – وهو قرار باركه جانب هامّ من أنصار نادي عاصمة الجنوب الذين أبدوا ارتياحا للتّحسّن الواضح على مستوى أداء ونتائج فريقهم بمرور الجولات رغم التّفريط في عديد النّقاط التي كانت في متناوله ورغم حصول بعض الأخطاء على مستوى الاختيارات الفنّية التي كان بالإمكان تفاديها. حصيلة مرضية نبيل الكوكي أشرف على حظوظ النّادي الصفاقسي كمدرّب أوّل في 18 مباراة رسمية في إطار بطولة الرّابطة المحترفة الأولى وقد فاز الفريق في 8 مناسبات وتعادل في 5 مباريات وانهزم 5 مرّات. وقد أنهى الموسم في المرتبة الثالثة برصيد 44 نقطة وبفارق 9 نقاط كاملة عن صاحبي المرتبة الرّابعة والمرتبة الخامسة النّادي الإفريقي والنّادي البنزرتي اللذين جمعا في رصيديهما 35 نقطة. أمّا في الموسم الماضي فقد اكتفى "السّي آس آس" بالمرتبة السّادسة برصيد 37 نقطة فقط. هذه الحصيلة تعتبر مرضية إذا أخذنا بعين الاعتبار الظروف الصّعبة التي تسلم فيها نبيل الكوكي مقاليد الفريق والتي زادت تعقيدا بعد حدوث الثورة وبروز الأزمة المالية الخانقة. كما أنّ الانتدابات الجديدة – سواء منها التي تمّت في صائفة 2010 أو تلك التي قامت بها الهيئة المديرة خلال المركاتو الشّتوي – كانت محدودة من ناحيتي الكمّ والكيف على حدّ السّواء. جيل جديد من اللاعبين إلى جانب الحصيلة المرضية على مستوى النّتائج نجح المدرّب نبيل الكوكي في عملية التّشبيب التي راهن عليها بتشجيع ومساندة من هيئة نوفل الزحّاف بعد أن تراجع مردود بعض ركائز الفريق وفقدانهم للحماس والجدّية رغم حصولهم على أجور ومنح هامّة. الكوكي منح ثقته كاملة للاعبين الشبّان وفسح المجال لعدد لا يستهان به منهم للمشاركة في المباريات الشّيء الذي ساهم في تحسّن أداء ونتائج الفريق بمرور الجولات. ومن ضمن الأسماء التي افتكّت أماكنها في التّشكيلة وقدّمت الإضافة نذكر الحارس سليم الرباعي وقلب الدّفاع ربيع الورغمّي ولاعبي وسط الميدان الهجومي محمّد علي منصر وغازي شلوف وعلي المعلول. كما تمّ تشريك بعض العناصر الشّابّة الأخرى في اللقاءات التي خاضها الفريق في الجولات الأخيرة من الموسم مثل أمين كريشان والفرجاني ساسي وربيع المسلمي وجهاد الحجلاوي وطارق النّصري وشهاب الزّغلامي. هل ظلم الكوكي؟ بعد انتهاء موسم 2010-2011 كانت كل المؤشّرات توحي بأنّ مسؤولي نادي عاصمة الجنوب سيجدّدون الثقة في المدرّب نبيل الكوكي لمواصلة الإشراف على الحظوظ الفنّية للفريق في الموسم الجديد لإتمام العمل الذي شرع فيه في الموسم المنقضي مثلما طالب جانب هامّ من الأنصار... لكن في آخر المطاف فاجأ أصحاب القرار داخل أسرة "السّي آس آس" الجميع باستغنائهم عن خدمات الكوكي اعتبارا لأنّ النّادي الصفاقسي يطمح للعودة للمراهنة على الألقاب في الموسم الجديد ولا بدّ من التّعاقد مع فنّي له خبرة طويلة في ميدان التّدريب حتّى يقود الفريق لمنصّة التّتويج. هذا القرار لم يرق للعديد من أحبّاء الأبيض والأسود الذين لم ينتظروا طويلا لإبلاغ موقفهم للمسيّرين ومنذ أوّل حصّة تدريبية خاضها الفريق في إطار استعداداته للموسم الجديد حضر بعضهم بمركّب النّادي للتّعبير عن احتجاجهم على صرف النّظر عن تجديد عقد المدرّب نبيل الكوكي... وقد وصل الأمر بالبعض إلى التّطاول على المسؤولين وشتمهم الشّيء الذي ألقى بظلاله على أجواء النّادي. وحسب عديد الأحبّاء وبعض الأطراف الأخرى ارتكب مسؤولو النّادي الصفاقسي مظلمة في حقّ المدرّب نبيل الكوكي الذي كان في انتظار تجديد عقده وفوجئ في آخر لحظة بقرار مخالف لانتظاراته رغم العمل المرضي الذي قام به على رأس الإطار الفنّي للفريق ورغم حسن تصرّفه في الزّاد البشري المتوفر وحصول "السّي آس آس" على المرتبة الثالثة في سباق البطولة. لا شكّ أنّ الجميع سيبقى في انتظار الموسم الجديد للتّأكّد من مدى وجاهة القرار الذي تمّ اتّخاذه بخصوص الاستغناء عن خدمات المدرّب نبيل الكوكي والتّعاقد مع مدرّب جديد.