في لقاء معه قال القيادي في النداء ومدير معهد الدراسات الاستراتيجية ناجي جلول كون نداء تونس حزب يقوم على المؤسسات والهياكل لا على الأشخاص وأنه ممثل لمليون و400 ألف تونسي. هذا الكلام لا يمكن قبوله بأريحية لأن هذا الحزب وان كان مازال قائما فعليا الا أن معضلته الحقيقية كونه قام على الأشخاص وجل مشاكله الآن هي بسبب الأشخاص و"الشحصنة" وبتوضيح أكثر فان النداء "تهرى" بسبب الصراع بين حافظ قائد السبسي نجل رئيس الجمهورية ويوسف الشاهد رئيس الحكومة وقبله صراعات أخرى بين أشخاص . ولو كان الحزب فعلا قائما على المؤسسات والهياكل لما ثارت عليه الكثير من التنسيقيات الجهوية في أكثر من ولاية بسبب ما يرون أنه تهميش لهم واستحواذ على سلطة القرار من قبل أفراد معينين. آخر ردات الفعل جاءت بعد تعيين سليم الرياحي أمينا عاما للحزب واعلان الانصهار بينه وبين الوطني الحر من دون أي مقدمات ولا استشارة للتنسيقيات والهياكل وهي لم تعد موجودة أصلا كتأثير بالتالي فحديث ناجي جلول عن حزب لا يقوم على الأفراد هو وصف غير دقيق بالمرة ومجددا نقول مشكلة النداء هي أنه قام على الفرد ويقوم حاليا على الأفراد. لكن في مقابل هذا عندما يقول كون النداء انطلق كمشروع حداثي بديل لتحقيق التوازن ولمقاومة مظاهر كادت تنتشر في مجتمعنا على غرار الخيام الدعوية والفكر الظلامي فهذا موقف صحيح ومثله قوله كون البلاد تعيش أساسا أزمة أخلاق وهذا أمر يتحمل مسؤوليته الكاملة السياسيون الذين انحدروا في ممارساتهم الى الحضيض وحولوا السياسة الى سياحة حزبية وصفقات وصراعات ومعارك وهم كذلك الى الآن غير مدركين كون الشعب ما عاد منشغلا بهم وبترهاتهم. نعود هنا لمسألة التحوير الوزاري والمواقف التي صدرت عن قياديين في النداء كونه انقلاب أبيض أو أزرق لنتساءل أولا : هل ما تم فيه خرق للدستور؟ هذا ما نحتكم اليه أما ان كان التحوير في حد ذاته زاد الخلافات بين الرئيس ورئيس الحكومة فهي مسألة يمكن أن نعتبرها شخصية فالحديث عن دولة مؤسسات معناه الاحتكام الى الدستور والقانون لا الى المواقف الانفعالية الشخصية فصحيح أن التحوير هو في الأساس محاصصة حزبية جديدة لكن هل هناك سياسة من دون معادلات وتوازنات بما في ذلك في الأنظمة الديمقراطية الراسخة وهل هناك حزب ليس له هدف الوصول الى السلطة ؟ يمكن انتقاد الحكومة في ذاتها كونها مجرد تغيير وتبادل مواقع وأن الشاهد بحث عن الدعم والمساندة في مقابل أن المنوال هو نفسه ولم يتغير ولا يبدو أنه سيتغير لكن الأساس هنا أن نطرح المسائل الجوهرية على غرار أن الأزمة الحاصلة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أثبتت ان الخطأ الكبير الذي حصل هو عدم ارساء المؤسسات الدستورية ومنها خاصة المحكمة الدستورية والاستعاضة عنها بأفكار ومبادرات شخصية على غرار وثيقة قرطاج.