ليست الغاية من طرح هذا السؤال البحث في أجندة النهضة بقدر ما هو استفسار مرتبط بتهم يطرحها أقصى اليسار وخاصة الجبهة الشعبية وبأكثر دقة الوطد وحزب العمال الذي كان الى حدود انتخابات 2011 حزب العمال الشيوعي التونسي. الملاحظة الثانية التي نطرحها أيضا قبل التعامل مع الموضوع هي: هل أن الاخوان تهمة ؟ في بعض البلدان العربية هي كذلك ونقصد الامارات ومصر والسعودية والبحرين لا غير أما في بلدان عربية أخرى على غرار الأردن والكويت فهم تيار يشتغل بالسياسة وله أحزاب ممثلة في البرلمان . المعضلة التي ربطت بالإخوان المسلمين انطلقت من مصر مع حكم العسكر أي بعد الاطاحة بمحمد مرسي وتولي المجلس العسكري السلطة ثم عبد الفتاح السيسي لتحول الى جماعة ارهابية أو هي مصنفة كذلك ويتم اعتقال أغلب قياداتها تقريبا بينما اضطر الباقون للهروب خارج مصر أي الى المنفى. العداوة بين المؤسسة العسكرية أي الجيش والاخوان في مصر ليست بجديدة فقد حصلت بنفس الحدة التي هي عليها الآن في فترة حكم عبد الناصر وتم اعدام أحد أهم رموزها وهو سيد قطب وقبلها حصول حادثة المنشية في الاسكندرية والتي كانت القادح لإعلان الحرب بين الضباط الأحرار وجماعة الاخوان أو الجماعة كما كان يطلق عليهم. نعود الى السؤال الأهم هنا وهو ما يعنينا وهو : هل النهضة اخوان؟ النهضة بدأت نشاطها تحت مسمى الاتجاه الاسلامي أي أنها جماعة دينية دعوية قررت في فترة ما دخول معترك الحياة السياسية ومن يومها انفجر صراعها مع السلطة في فترة بورقيبة ثم بعدها في فترة حكم بن علي بالتالي فالحكم عليها كونها حزب اسلامي هو من المسلمات ولا نقاش فيه لكن مسألة ادراجها كونها جزء من الاخوان المسلمين يعتبر حكما غير دقيق فهي من ناحية لا تأتمر بأوامر المرشد العام للإخوان ومن ناحية أخرى فالفكر الاسلامي السياسي في تونس مختلف تماما عما هو في مصر وأيضا فالبيئة التي ولدت فيها النهضة لا تماثل تلك التي ولدت فيها جماعة الاخوان المسلمين بالتالي هنا يمكن أن نعرض المصطلح الذي كان مستعملا ومروجا من قبل السلطة في فترة بن علي وهو "خوانجية" وهو في ظاهره احالة الى الاخوان المسلمين لكن في عمقه فهو احالة على الاسلام السياسي بغض النظر ان كان اخوانا أو غير اخوان اليوم هذا المصطلح مستخدم من قبل أقصى اليسار لوسم السياسيين وحتى غير السياسيين ممن لهو توجهات اسلامية فالنهضة بهذا المعنى "خوانجية" وكذلك حزب التحرير والسلفيون وكل من له توجه اسلامي في السياسة لو عدنا لخطاب النهضة ذاتها لوجدناها تستنكر تصنيفها كونها اخوانا لا من باب الاتهام بل من باب الدقة فهي كما تقول حزب مدني له جذور اسلامية وهذا توضح بشكل دقيق خلال المؤتمر العاشر والذي مثل المحطة الثانية من النقد الذاتي والمراجعات التي قامت بها الحركة منذ تأسيسها حيث كانت المرحلة الأولى الانتقال من الاتجاه الاسلامي الى النهضة وبعدها التحول الى حزب سياسي ما أدخلها في صراع مع السلطة أما سمة المرحلة الثانية والتي بدأت مع المؤتمر العاشر فهي الانتقال من حزب اسلامي الى حزب مدني له جذور اسلامية وهذا وفق خطاب النهضة ذاتها وما أعلنته رسميا