لا يمكن اعتبار أن ما يحصل اليوم في المشهد السياسي عاديا بالتالي فلا بد من موقف لأن المسألة باتت تتعلق بمصير بلاد وليست مجرد خصومة بين حزبين أو أكثر أو شخصيات سياسية فما نعاينه اليوم هو أن هناك حملة تسري هي في الأساس ليست ضد النهضة كحزب أو كحركة فلو كان الأمر كذلك فيمكن المرور عليه والتعامل معه كخبر وكمعلومة كغيرها بل ما يحصل هو تهديد للاستقرار ولوجود دولة هي في خطر بسبب صبيانيات بعض المحسوبين على السياسة ممن يريدون اصباغ تجارب خارجية على بلادنا وعلى التجربة الديمقراطية في تونس حتى وصل الأمر الى حديث عن تصنيف حزب معترف به وسعى للمراجعات كتنظيم أو كحركة ارهابية . هذا الأمر خطير جدا لان ما يحصل هو توظيف سياسي وحتى ايديولوجي لعمليتي اغتيال حصلت تألم لها كل التونسيين والألم لم يكن حصرا على تيار واحد . فأغلب الصحفيين لهم ذكريات مع الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي ولو في اطار العمل والمهام الصحفية بالتالي فخبر اغتيالهما لم يؤلم أقصى اليسار فقط بل آلم كل التونسيين لكن رغم هذا فان الموت والحياة بيد الله وندعو لهما بالرحمة لكن مع هذا لا بد أن تستمر الحياة والأشخاص مهما كانت قيمتهم يرحلون ويغيبون اليوم أو غدا أما الدولة فهي التي تبقى وستبقى ومن واجبنا أن نحافظ عليها لا أن ندخل بها في مغامرات غير محسوبة قد تأكل الأخضر واليابس وتحدث فتنة لا تبقي ولا تذر. نعم لانتقاد النهضة ومعارضتها بل من حق كل أحد سياسيا كان أم غير سياسي أن يدخل في خصومة معها لكن على أن يكون خلافا حول البرامج وما يقدم للمواطن لا تحويل الأمر الى دعوات للإقصاء فتونس للجميع للإسلامي واليساري والقومي والليبرالي و الشيوعي فكلنا "ملاكة" في هذا الوطن وليس هناك "كاري" فتونس للجميع ولا أحد من حقه احتكار الوطنية وحب الوطن لنفسه واقصاء الآخرين تحت أي ذريعة كانت. بالنسبة لما يسمى غرفة سوداء أو خضراء فهذا ملف بيد القضاء وأبسط قواعد الديمقراطية الفصل بين السلطات فلا سلطة تحل محل سلطة اخرى أو تتدخل فيها أو تأخذ مكانها أي أن الديمقراطية لا تعني أن نأخذ ما نشاء وما يناسبنا منها ونرفض ما يتعارض مع مصالحنا .