مرٌة أخرى يُخْلِف الإعلام التونسي موعده مع التاريخ ويؤكٌد قصوره عن اقتناص اللحظة التاريخية بعد ان عجز في تعاطيه مع ما يجري في الجزائر وليبيا ،عن التخلٌص من حالة الانكماش التي كبٌلته طويلا وحوٌلته إلى مجرٌد مستهلك للأخبار لا صانع لها فالإعلام التونسي تعامل مع المتغيٌر الليبي والحراك الجزائري على أنهما حدثان دوليان يقعان في ارض قصيٌة لا تعني التونسيين.فلم نر قناة إخبارية تونسية واحدة اعتمدت مراسليْن قارٌيْن في الجزائر وليبيا لينقلا الأحداث على مدار الساعة، وليكشفا للتونسي حقيقة ما يجري!!.ذلك أنٌ الجزائر وليبيا في ميزان الأمن القومي هما تونس وما يجري على أراضيهما يؤثر تأثيرا مباشرا على تونس فمستقبل العلاقات التونسيةالليبية سيكون مختلفا في حال إحكام "حفتر" سيطرته على ليبيا ونجاحه في إسقاط حكومة الوفاق .. ولا اختلاف حول تداعيات فوز "عبد المجيد تبون" في الانتخابات الرئاسية على العلاقات التونسيةالجزائرية المتينة والعريقة اليس غريبا ان يغيب صوت الإعلام التونسي في اول ندوة صحفية يعقدها الرئيس الجزائري الجديد!!! ؟؟ إن الإعلام التونسي بغيابه في المنعطفات التاريخيٌة الوازنة يترك مكانه شاغرا لتفرٌخ وسائل إعلام دوليٌة يهرع إليها التونسي منبهرا ببريقها الخادع لقد خيٌر الإعلام الخاص في تونس الاستثمار في السهولة والتفاهة استجابة لمنطق السوق.وسيطر على بعض البرامج السياسية التي اضطرٌ إليها هذا الإعلام اضطرارا ،التسطيح والتحليل الأفعواني الرعواني الذي يكشف بسهولة مستوى نسبة كبيرة من اباطرة التحليل الوهميين الذين انتقلوا بقدرة قادر من تحليل قضايا المحاكم والمباريات الكروية إلى الخوض في السياسة فحوٌلوا البلاتو إلى "سوق بومنديل سياسي" فيه تعرض بضاعة مجهولة المصدر ويبدو في ظل هذا الوضع المتردٌي أن ٌ الحل لن يأتي إلا من الإعلام العمومي الخالي من الغاية الربحيٌة .وما على هذا الإعلام إلا التحرٌر من قبضة الحاكم، والثورة على حالة الانكماش التي جعلت منه إعلاما محليا رتيبا. و الحقيقة أن في مؤسسة التلفزة كفاءات إعلامية قادرة على التحليق بعيدا لكن غياب الإرادة وجمود الإدارة أعاقا طاقات جبٌارة عن كشف حقيقة إمكانياتها.