سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في دراسة للبنك الدولي حول التهريب والتجارة الموازية في الحدود التونسية الليبية والجزائرية:مليارات في السوق السوداء والحديد والبنزين والسجائر والملابس والإلكترونيك تسافر بلا رقيب
كشف تقرير حديث صادر عن البنك الدولي حجم التجارة الموازية والتهريب على الحدود التونسية الليبية والحدود التونسيةالجزائرية وبيّن التقرير أنّ التجارة الموازية تلعب دورا هاما فى التجارة الثنائية مع ليبيا والجزائر وخصوصا في قطاعات معينة. وبيّنت دراسة البنك الدولي التي قام بها عدد من الباحثين الجامعيين سنة 2013 أن التهريب يمثل أكثر من نصف المعاملات التجارية للبلاد مع ليبيا، وأنّه من الصعب تقدير مستوى التجارة غير الرسمية مع الجزائر لأنها أكثر انتشارا وأكثر سرية. وأنّه مع ذلك يمكن تقدير أن ما يقارب ٪25 من البنزين المستهلك في تونس هو في شكل واردات غير رسمية من الجزائر وكشف التقرير أنّ تجارة الوقود وزيت الوقود هي الأكثر رواجا وتعتمدها أكثر من ٪60 من الشاحنات المشاركة في هذا النشاط وأن التهريب ينشط كثيرا في ميدان السجائر بين تونسوالجزائر. وحسب التقرير يعتبر ملف تهريب الحديد من الجزائر إلى تونس من أخطر الملفات حيث قال التقرير إنه توجد حركة كبرى تهريب قضبان الحديد مصدرها الجزائر وهي لا تخضع للضرائب بموجب الاتفاقات التجارية بين الجزائروتونس. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن قضبان الحديد المهرّبة من نوعية رديئة نسبيا مقارنة بما هو مطلوب في صناعة البناء والتشييد في تونس، حيث كانت تونس دوما حريصة على نوعية جيدة من الحديد بعيدة عما تنتجه السوق الموازية وهذا قد يطرح إشكاليات خطيرة في المستقبل . وبينت الدراسة أن لنموّ هذا النوع من التجارة تأثيرا كبيرا على العديد من مجالات الاقتصاد التونسي حيث أنّ جلب البنزين المهرب يؤثر على المرابيح الحكومية لتونس، لأن هذه البضائع لا تخضع للرسوم القمرقية على الحدود التونسية إضافة إلى أنّ تجار التهريب يتسببون في خسارة كبيرة من عائدات الدولة من الأداءات والضرائب. وقال التقرير إنّ هذا النوع من التجارة له تأثيرات اقتصادية واجتماعية هامة في المناطق الحدودية وتعيش منها عدة عائلات تونسية في كثير من المناطق الحدودية وأنّ التجارة غير الرسمية هي أحد أهم الأنشطة الاقتصادية، إن لم تكن الأهم كما هو الحال، على سبيل المثال، في بن قردان (حسب ما ذكر ذلك التقرير) حيث يشارك العديد من الأفراد في التجارة غير الرسمية، مثل شركات النقل التي تحمل البضائع عبر الحدود، والباعة المتجولون، مثل تجار الجملة، والمسؤولون في الإدارات ذات الصلة الذين هم على استعداد لغض الطرف عن هذا النوع من التجارة . وبينت دراسة البنك الدولي الدور المحوري الذي يلعبه تجار الجملة، الذين يسيطرون على سلسلة التوريد وشبكة التوزيع . وبينت الدراسة أن المشرفين عليها اتّصلوا بأعوان الديوانة على البوابة التونسية الليبية فأكدوا أنّ الغالبية العظمى من التجارة غير الرسمية عبر الحدود الليبية تتم من خلال المركز الحدودي الرسمي. وقالت الدراسة إنّ هذا ليس هو الحال مع التجارة عبر الحدود الجزائرية. وأكد البحث الميداني أن تجار الجملة ببن قردان يلعبون دورا رئيسيا في هذه العملية. وأنّهم قلة في العدد ويميلون إلى التخصص في منتوج معين بناء على فهمهم لمستويات الطلب في السوق التونسية وخصوصا المنتوجات القادمة من الصين وتركيا، فيقومون بتنظيم قوافل النقل لجلب البضائع القادمة من الصين من الموانئ الليبية مع العلم أن هذه السلع تخضع لمستويات مختلفة جدا من الرسوم القمرقية في البلدين (٪6 في ليبيا مقارنة مع ٪33 في تونس). بالإضافة إلى أنّ الفوارق الشاسعة للديوانة بين تونس وليبيا تشجع على التهريب. وقد أجري هذا العمل الميداني عند معبر رأس جدير على الحدود التونسية الليبية وفي القصرين على الحدود التونسيةالجزائرية. وكان الهدف من المقابلات جمع المعلومات عن المستوى الحالي للتجارة غير الرسمية بين تونس وليبيا والجزائر. وقدمت تقديرات باستخدام طريقتين مختلفتين، والتي أسفرت عن نتائج مماثلة تقريبا حيث كشفت الأرقام أن حجم التهريب يبلغ سنويا قرابة 1.8 مليار دينار بما في ذلك الوقود من الجزائر. ووفقا لأساليب مختلفة لتقديرات التجارة غير الرسمية مع ليبيا وبن قردان تم اعتبار هذه المنطقة موطنا لسوق الجملة وشبه الجملة القادمة من ليبيا لتوزيعها في شمال ووسط البلاد حيث يتم شحن هذه البضائع من الموانئ من زليتن ومصراتة وطرابلس ويتم تخزينها وتوزيعها على بقية البلاد. وقالت التقارير إنّ الدراسة اعتمدت على عمل ميداني تمّ في رأس جدير على الحدود الليبية، وبمنطقة بوشبكة، على الحدود الجزائرية بين واحد و9 ماي 2013، وإنّه تم تسليم استبيانات الخروج والانتهاء على 192 فردا متورّطين في التجارة غير الرسمية عند معبر رأس جدير وإنّ مقابلات أجريت أيضا مع مسؤولي الديوانة في رأس جدير وبن قردان ومدنين وإنّ هذا العمل الميداني تواصل على الحدود الجزائرية يوم 25 و29 ماي 2013 في ولاية القصرين، وعند نقطة العبور الحدودية ببوشبكة، وفي مواقع مختلفة على الحدود . وكشفت الدراسة أن بعض البضائع المهربة بين تونس وليبيا كالأدوية والتبغ والكحول تتم عبر الحدود في الاتجاهين من خلال الطريق الصحراوية التونسية الليبية باستخدام قوافل من سيارات «لاندروفر». أما عن التهريب بين تونسالجزائر فيقول التقرير إنه تم الكشف عن العديد من نقاط العبور على الحدود التونسيةالجزائرية. وإنه نتيجة لذلك لا تتبع البضائع المهرّبة مسارات واضحة المعالم مثلما هو الأمر عبر الحدود بين تونس وليبيا نتيجة الخصائص الديمغرافية والجغرافية من الحدود التونسيةالجزائرية التي توفر فرصا مختلفة عن تلك التي على الحدود التونسية الليبية. ويضيف التقرير أنه من الواضح أن هناك زيادة مطردة في أنشطة التجارة غير الرسمية على طول أجزاء كبيرة من الحدود وأنه يتمّ استئجار وسائل نقل لحمل البضائع وأن تكاليف النقل تبلغ حوالي 200 دينار لحمولة الشاحنة (حوالي 1 طن) من البضائع العادية، وأن تكاليف النقل يمكن أن تصل إلى 1000 دينار تونسي لمنتجات أكثر حساسية مثل التبغ أو الكحول. المراحل الرئيسية في نقل البضائع بين تونسوالجزائر حسب التقرير المذكور، تقوم الشاحنة الجزائرية بجلب البضائع من نقطة بيع في الجزائر إلى أحد المنازل للمهربين على الجانب الجزائري من الحدود الجزائرية وفي هذا المنزل يتم اخفاء البضائع حتى اللحظة المناسبة لأخذها إلى نقطة متّفق عليها مسبقا على الحدود وتسليمها إلى الجار التونسي، الذي غالبا ما يكون أحد أفراد الأسرة وتكون له علاقة به. وبيّن التقرير الصادر عن البنك الدولي أن التهريب والتجارة الموازية يتسبّبان في فقدان الكثير من الموارد المالية للدولة حيث تم تقدير خسارة مالية ب1.2 مليار دينار (منها حوالي 500 مليون دينار خسارة في الرسوم القمرقية). ويضيف التقرير أنه على الرغم من أن الوضع آخذ في التحسن للسلطات الديوانية على الحدود الليبية بعد تحديد معلوم ديواني رمزي ب50 دينارا كضريبة، فإن من أهم الإشكاليات المطروحة على الحدود الليبية التونسية هو ادخال الأسلحة والمخدرات وهي تدر الكثير من الأرباح على المهربين. وتقوم سلطات الديوانة في رأس جدير بمراقبة سير الحدود حيث تمر ما بين 200 و300 شاحنة يوميا ويقول التقرير إنه تنضاف إلى هذا الرقم بين 500 و600 سيارة للسلع الإلكترونية والملابس إضافة إلى حوالي 150 - 200 شاحنة ليبية. ويقول التقرير إنه إلى جانب كميات الوقود، والسلع الإلكترونية تقوم عديد الشاحنات الصغيرة بتهريب الفواكه مثل التفاح والموز، وأنّ قيمة المبالغ الخاصة بعمليات التهريب من ليبيا عبر راس جدير تبلغ قرابة 600 مليون دينار وهذا ما يكشف أن الأرباح الصافية للتجار المتورطين في هذه الأعمال عبر الحدود تبلغ 120 مليون دينار سنويا على الرغم من أن حجم الأرباح يختلف اختلافا كبيرا بالنسبة للمواد المهرّبة وتبقى تجارة الوقود هي الأكثر قيمة وأهمية في أرباح المهربين. أسعار السلع بين تونس وليبيا وتونسوالجزائر: يباع لتر زيت القطانيا بليبيا ب1.2دينار فيتحول السعر في تونس إلى 3دنانير البانان (الموز): يشترى من ليبيا ب1.5دينار ويباع ب3 دنانير بتونس البنزين: يشترى من ليبيا ب0.19 دينار للتر أما البنزين الرفيع فيباع في تونس ب1170 مليم عند تهريبه من ليبيا مقابل سعر أولي ب0.190 اللتر ويباع جهاز التبريد - التسخين بقوة 12000 btu في تونس ب900 دينار ويشتريه المهرّبون من ليبيا ب560 دينارا. بين تونسوالجزائر: السجائر الأجنبية : بدينار في الجزائر تباع في تونس ب5دنانير كما يتم تهريب الحديد فيباع بالطن ب1.600دينار ويشترى من الجزائر ب900 دينار في حين تباع تلفزة LCD ب770 دينارا بتونس وتشترى من الجزائر ب450 دينارا أما الجبن الرفيع فيُشترى ب10 دنانير الكيلوغرام من الجزائر ويباع ب30 دينارا في تونس. وهذه عينة صغيرة من التجارة الموازية الواقعة بين الحدود التونسية الليبية والحدود التونسيةالجزائرية كما نقلها تقرير البنك الدولي وهي ملف خطير للغاية اختارت الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة في كيفية التصدّي له ويبدو أن حكومة مهدي جمعة معنية بهذا الملف الخطير ويبدو أن دراسة البنك الدولي جاءت لتكشف للحكومة التونسية مخاطر التهريب والتجارة الموازية على الاقتصاد التونسي وتبرز الأرقام حجم الخسارة وارتفاع المعاملات رغم أن الآلاف من التونسيين يعيشون من هذه التجارة.