تضررت قفة المواطن في فترة الانفلات الأمني، حين استغل صنف من التجار الظرف، في غياب المراقبة الاقتصادية، للترفيع في الأسعار، وشمل الترفيع خاصة الخضر والغلال، حتى صار ربّ العائلة يحتار في تدبير متطلبات قفّته اليومية. ورغم أن عودة المراقبة ونشاط المراقبين الاقتصاديين، مرتبط بتحسّن الوضع الأمني بالأساس، فإن مقابل دعوات المواطن بالتعجيل بعودة المراقبة كما يلزم للأسواق، يشكو بعض التجار، ومنهم بالخصوص، تجار لحوم الدواجن، من غياب الأهلية لدى بعض القائمين بالمراقبة الاقتصادية، حتى يضطلعوا بهذه المهمة.. فإذا كان عون المراقبة لا يتمتع بأي تكوين أو تأطير في الميدان، ويجهل أبجديات المهنة والقوانين ذات العلاقة، كيف له أن يراقب الأسواق والمحلات، ويتعامل مع التجار وفق التراتيب المعمول بها..؟ المراقب الاقتصادي مطلوب تدخله الآن أكثر من أي وقت مضى رغم أن الأمر مرهون بمزيد من تحسن الأوضاع الأمنية وذلك قصد التصدي قدر الإمكان، للتجاوزات والمخالفات المرتكبة من قبل التجار الذين ركبوا على الثورة، ليرفّعوا في الأسعار، ولا من رقيب أو حسيب. لا للدخلاء على المراقبة الاقتصادية بعد الثورة سامي ونّاس نائب رئيس غرفة تجار لحوم الدواجن بالتفصيل، قال في حديثه ل «الصريح» عن موضوع المراقبة الاقتصادية للسوق، أن تحسّن الوضع الأمني يخوّل لأعوان المراقبة مباشرة عملهم، مع لزوم الحذر في التعاملات مع الأشخاص المعنيين، من التجار في مختلف القطاعات. وبالنسبة للمهنيين في قطاع لحوم الدواجن، فإن المضايقات الحقيقية لهم، تأتي من المتطفلين على ميدان المراقبة الاقتصادية، وهم بعض المنتدبين منذ أواخر السبعينات كعملة، والذين لا يفقهون في أمور المهنة شيئا. هذا الصنف من «المراقبين الاقتصاديين» تجده غير مدرك للتراتيب المعمول بها وكذلك للقوانين، فيكون تحريره للمحاضر كيفما كان، أي حسب الأهواء والحالة المزاجية وعلى الطريقة «البعْلي».. ومن الطبيعي، مثلما يضيف سامي ونّاس، أن يسقط المراقبون الاقتصاديون المقحمون إقحاما في الميدان، في فخّ التلاعب بالقانون، والنزوع الى ارتكاب التجاوزات، من نوع الارتشاء والقيام بابتزاز التجار. ويتساءل محدثنا، كيف يعمد هذا الصنف من أعوان المراقبة الاقتصادية، إلى أن يرتع ويمرح في الميدان، وفي المقابل تظلّ عديد الكفاءات مهمّشة، أو على «بنك الاحتياط»؟. حتى لا يسود قانون الغاب في السوق الحرّة إن العودة الفعلية للمراقبة الاقتصادية لمختلف الأسواق والقطاعات، مرتبطة كما سبقت الإشارة إليه، باستعادة الأوضاع الأمنية. للهدوء الذي يطلبه الجميع من مواطنين وتجار تفصيل، وتجار جملة، وشركات مزوّدة، ومنتجين وفلاحين. من ناحية أخرى، فالمواطن قد ضاق ذرعا بالممارسات الاحتكارية لبعض التجار، فبات يطالب الحكومة بالتدخّل لوقف انفلات الاسعار وحماية قدرته الشرائية. يبقى أن الضرب على أيدي المتلاعبين بجيب المواطن، يتطلب تضافر جهود جميع الاطراف من إدارة ومراقبين اقتصاديين أكفاء، ووعي أكبر من أطراف أخرى متدخلة. مدير المراقبة الاقتصادية ينفي وجود الانفلات في الأسعار بخصوص موقف الادارة، فقد أوضح السيد فتحي الفضلي مدير المراقبة الاقتصادية، أن الأولوية الآن، هي لضمان تزويد السوق بمختلف المنتوجات والمواد، وعلى مستوى كامل الجمهورية، لا سيما مع وفرة العرض، مبيّنا أن الأسعار بدأت تعرف الاعتدال والاستقرار (مثل أسعار لحوم الدواجن). ونفى أن يكون هناك انفلاتا في الأسعار، بالمقارنة مع العام الماضي، عدا أن ارتفاعا شهدته الغلال في فترة تقاطع الفصول، ولتهريب صنف منها الى بلد مجاور (كالتفاح)، كما أوضح أنه بالنسبة للمواد الأولية الموردة، فقد شهدت أسعارها على مستوى السوق العالمية ارتفاعا ملحوظا، مثل مادة السكر التي شهدت أسعارها في الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي زيادة ب 60 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، و٪52 كانت الزيادة في سعر الزيت النباتي، و105 بالمائة في القمح اللّين و٪90 زيادة في القمح الصلب.. وفي ما يتعلق بالعودة الفعلية الكاملة للمراقبة الاقتصادية للأسواق، بيّن الفضلي أن هذه المسألة مرتبطة بتحسّن الأوضاع الأمنية بالبلاد، داعيا المستهلك الى التحلي بمزيد من الوعي، والتجار الى مراعاة الظرف الاستثنائي الذي تمرّ به البلاد، وبالتالي التحلي بالوطنية. أما عن أعوان المراقبة، فقد اعترف محدّثنا أن هناك انتدابا ل 180 عونا اقتصاديا جديدا، الى جانب الاحاطة بكافة التركيبة المكوّنة لفرق الاختصاص، غير ناف وجود نقائص تسعى الادارة لتجاوزها وتلافيها.