خلافات قديمة مع الأخ دفع ثمنها إخوته الحادثة جدّت بأحد الاحياء الشعبية بطريق المطار بصفاقس في الساعات الاولى ليوم أمس الأول الإربعاء وتشير المعلومات التي استقيناها من مصادر مختلفة أنّ الجناة وهما شقيقان كانا قد عقدا العزم على الإنتقام من غريم بينه وبينهما أضغان قديمة تعود الى سنوات خلت، فما كان منهما إلاّ أن تسلّحا ببندقية صيد وأسلحة بيضاء وتوجّها الى منزل الغريم الّذي كان يقطن فيه رفقة إختيه العازبتين، هكذا وبكل بساطة وكأنّهما ذاهبين في رحلة صيد ليس أكثر .. بوصولهما الى المنزل قاما بطرق الباب بعنف .. ثمّ عالجا الباب بطلقة نارية أولى أحدثت فيه ثقبا كبيرا .. عندها قامت «ليلى» الاخت الكبرى مسرعة لفتح الباب دون أن تعلم بأنّ تلك الحركة ستكلّفها ببساطة حياتها .. فما ان فتحت الباب حتّى أطلق نحوها أحد الإخوة طلقة نارية أردتها قتيلة على الفور بعد أن أصابت كامل عنقها وفكها، وقبل أن يفهم بقية من كان في المنزل ما يجري إنقضّ الاخوين على الفتاة الثانية واصاباها في جنبها بساطور قبل ان يتحوّلا الى غريمهما الّذي يبدو أنّه استطاع مقاومتهما ولم يتمكنا إلاّ من إصابته ببعض الجروح الطفيفة على مستوى الرّأس .. ويبدو أنّ غايتهما الأولى كانت بالأساس ان يحرقا قلبه بقتل اختيه والإنتقام منه بإصابتهما ... ثمّ لاذا بالفرار .. وباتصال الأخ المعتدى عليه بأحد معارفه تمّ نقل «ليلى» التي كان يعتقد انها لازالت حية وأخته الثانية الى المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس، ولئن تأّكد موت ليلى ومنذ وقت طويل بما يشير الى وفاتها فور إصابتها بالطلق الناري فإنّ الأخت الثانية كانت إصابتها خطيرة هي الاخرى وتمّ الإحتفاظ بها في قسم العناية المركّزة وقد علمنا بأنّ حالتها لازالت حرجة ولم تتخطّ مرحلة الخطر بعد.... المستشفى يبكي إحدى بناته .. المفاجأة كانت أنّ القتيلة والضحية كانت تشتغل عاملة بإحدى أقسام المستشفى الجامعي الهادي شاكر ..«ليلى» التي تحوّلنا الى مقر عملها والّتي عُرفت بانضباطها وتفانيها في العمل .. لم تتخلف يوما عن القيام بواجبها .. وحتّى عندما قُتلت فقد ذهبت إلى المستشفى وكأنّها تحافظ على موعد عملها .. ولكنها كانت جثة هامدة هذه المرّة .. وكانت زيارتها تلك هي الأخيرة .. زرنا القسم الذي كانت تعمل به وهو قسم الكلى .. فلم نكن نرى الاّ الدموع وهي تنحت في القلوب جرحا بعد آخر .. لم نكن نستحق أن نسأل كيف كانت ليلى لم نكن نستحقّ أن نعرف أكثر عن اخلاقها ومآثرها .. فالتأثر والدموع وملامح الصدمة الّتي كانت تغسل الجميع من اطارات طبية وشبه طبية وحتى المرضى .. كانت كافية لتقول لنا بأنّ الحياة كانت قاسية وهي تقتلع من حديقتها وردة لم يكن لها أي ذنب فيما يحدث .. وإذا بها تدفع الفاتورة كاملة دون ان تسمع منها كلمة واحدة .. والسبب هو الحقد الاعمى والرغبة الشديدة في الانتقام والخلافات الّتي تزداد مع الزمن إشتعالا ويزداد كل مرة ضحاياها عددا ... ولكن عليّ ان اعترف اليوم ايضا وبعد ان سمعت ما سمعت وشاهدت وما شاهدت .. عليّ أن اعترف بأنّ الحياة كانت قاسية ولا شك وهي تقتلع ليلى من الحياة .. ومن بين أحبائها واصدقائها .. ولكن يساورني شعور دفين عميق .. بأنّ موتها كان في النهاية رحمة لها .. وطوق نجاتها .. ونحن لا نملك إلاّ الدعاء لها بالرحمة والمغفرة وأن يسكنها الله فراديس جنانه .. وهو الحكيم العليم الّذي لا نملك أن نعترض على أحكامه واوامره .. فهو الّذي يعلم ولا نعلم .. وما علينا سوى الرضاء بقضاءه وقدره .....