فمن المنتظر أن يحال اليوم الخميس 15 سبتمبر على أنظار دائرة الإتهام بمحكمة الاستئناف، الملف الذي تعهّد بإجراء الأبحاث والتحقيق فيه، القضاء العسكري، على أن يتولى قول الكلمة الفصل فيه، وهو ملف من الوزن الثقيل، باعتبار صنف الجرائم الخطيرة المرتكبة في حق المدنيين من الضحايا الذين سقطوا قتلى وجرحى «بالكرطوش الحي» قبل وبعد 14 جانفي، وكذلك ما تضُمُّه، قائمة المورّطين، من أسماء عديدة في المجال السياسي والأمنيّ، لكن الإسم الأول الذي يقفز الى مقدّمة القائمة في هذه الجرائم، هو اسم الرئيس السابق «بن علي» الفارّ الى السعودية منذ 14 جانفي. والمخلوع مورّط في تهم بالجملة، وتأتي تهمة القتل العمد مع سابقيّة القصد، ضمن أخطر التهم العالقة بالرّصيد الإجراميّ لمن أعطى تعليمات بتصفية المتظاهرين، وبقصف «حي الزهور» بالقصرين بالقنابل، كما كشفته حقائق وتصريحات في خضمّ ما أمكن كشفه بعد مرور أشهر عن اندلاع الثورة، من الملفات والحقائق عن الانتهاكات خلال الأحداث، منها ما سجّلته عديد المناطق الداخلية مثل تالة والقصرين والرقاب وسيدي بوزيد... هذه المرجعية القانونية ضمان لطمأنة أهالي الشهداء ومقابل ما تحتله هذه القضايا من حيز كبير من الاهتمام لدى الرأي العام، وماتثيره من تساؤلات مرفوقة بالحيرة لدى عائلات الشهداء، فإن ما أكدّه الأستاذ عبد الناصر العويني (المعروف بمقولته الشهيرة: بن علي هرب... الشعب التونسي حرّ ... المجد للشهداء) خلال حديث خاطف «للصريح» هو أن القضايا المذكورة قد وقع التخلي فيها للقضاء العسكري، ورغم إقرار التقاضي على درجتين، وكذلك القيام بالحق الشخصي، أمام المحكمة العسكرية، بعد ما شمل مجلّة الإجراءات والعقوبات العسكرية من تنقيحات، فإن المرجعية القانونية المتمثلة في القانون الأساسي المنظم لقوّات الأمن الداخلي، وكذلك التركيبة الخاصة للمحامين في هذا النوع من القضايا، عناصر تمكن من طمأنة أهالي شهداء الثورة الذين ينتظرون نتائج المحاكمات. عمليات القتل خلال أحداث الثورة كانت منظمة بخصوص المحاكمات أيضا، فإنها لم توف بالغرض المطلوب وفق مصدرنا، ذلك أن ما تمّ خلال أحداث الثورة بعديد المناطق في البلاد، لم تكن جرائم معزولة، باعتبار أن عمليات القتل تمّت في فترات متقاربة، وبشكل منسق ومنظم، وفي أماكن مختلفة مما يجعل الحديث عن مخطط تنظيمي لايمكن أن ينفّذه أعوان أمن أو حرس عاديّون. وأضاف الأستاذ العويني أن الحقيقة وحدها التي تشفي غليل جميع أفراد الشعب الذي قال لا للطاغية بن علي، ولا للحكم الظالم المستبّد. وهذه المسألة من شأنها طمأنة أهالي الشهداء، وحول توفير ضمانات المحاكمات العادلة في القضايا التي سيبت فيها القضاء العسكري والمورّط بها «بن علي» وكذلك مدير عام الأمن الرئاسي سابقا علي السرياطي، ووزيران للداخلية اضافة الى مسؤولين في الأمن وأعوان في الأمن والحرس، ذكر محدّثنا أن المحاكمات وفق تمشي العدالة الانتقالية للمرحلة الانتقالية، يجب أن تكون محاكمات علنيّة في قاعات خاصة، وبتغطية خاصة من قبل كافة وسائل الإعلام المحلّية والأجنبية. فهذه المحاكمات هي محاكمات القرن، لجرائم مركّبة سياسيا، نفذ فيها سيناريو مخطط كامل منظم، وختم مصدرنا بالإشارة الى أن أقصى الأحكام التي يمكن أن تصدر عن القضاء العسكري في شأن الجرائم المذكورة، هي الإعدام، مع أنّه ضدّ حكم الإعدام، مثلما قال، وان تعلّق الأمر بأي كان من المتهمين.