دأبنا، خلال هذه السنوات العجاف على التنبيه والتحذير من خطورة الإعتقاد بأن حكومة ما يسمى ب" الوحدة الوطنية " أو ما بقي من هذه التسمية قد جاءت بعصا سحرية أو قنديل علاء الدين لحل كل المشاكل، لأن السقوط في متاهة هذا الوهم تنجر عنه تداعيات كارثية، خاصة إذا ما استفاق الحالمون على حقيقة مخالفة تماما لأحلامهم وطموحاتهم المجنحة، فتكون خيبة الأمل كبيرة وعاصفة، وهو ما حدث فعلا بخروج المتظاهرين إلى الشارع غضبا على عدم الإيفاء بالوعود... فالحكومات الست السابقات (محمد الغنوشي ، الباجي قائد السبسي، حمادي الجبالي ، على لعريض، مهدي جمعة والحبيب الصيد) فشلت لعدم قدرتها على الإيفاء بحزمة الوعود التي أغدقتها على المواطنين، رغم التحويرات المتكررة التي شهدتها في أعمارها القصيرة لكنها لم تكن ، في الحقيقة، وحدها في الفشل الذي منيّت به، بل أن جميع الأطراف ساهمت فيه بنسب مختلفة ومتفاوتة! قد يكون أداء تلك الحكومات متعثرا ويفتقد للنجاعة المطلوبة، وقد يكون تصرف وزراء المحاصصة الحزبية يفتقر للمهنية لغياب الكفاءة والتجربة و0نعدام المصداقية، لكن الأطراف الأخرى ، الفاعلة في الساحة ، لم ترتق إلى درجة المسؤولية المنوطة بعهدتها، إذ إختصرت أداءها في الإنتقاد والرفض، و0ختزلت دورها ومهامها في الوقوف على الربوة ترصد الهفوات والأخطاء وتضخمها.