ليبيا العقيد القذافي كانت لا تَملُك أدوات الانتقام، والقُدرات على الرَّد عَسكريًّا، فقد سلَّمت أسلحتها الكيماويّة لأمريكا، وفكَّكت برنامَجها النووي، وخلعت كل أنيابها ومخالبها طَوعًا، وسلَّمتها للمُحتال الأكبر توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، مُضافًا إلى ذلك أنّ إسرائيل بَعيدة كُليًّا عن مَرمى نيرانها، بينما الحال يبدو مُختلفًا كُلِّيًّا في الحال الإيرانيّة لعِدَّة أسبابٍ نُوجِزها في النُّقاط التاليّة: أوَلاً: إيران تَملُك ترسانةً عسكريّةً هائِلة تَضُم أكثر من 400 ألف صاروخ من مُختَلف الأحجام والأبعاد، وجيشًا قويًّا مُتمرِّسًا في الحَربين التقليديّة والعِصابات، مِثلما تَملُك غوّاصات وزوارق حربيّة سريعة لا ترصدها الرادارات، وأسلحة كيماويّة وربّما نوويّة بِدائيّة، وجيشًا عَرمرمًا من الانتحاريين العَقائديين الذين يَتطلَّعون إلى الشَّهادة. ثانيًا: ربّما لا تَملُك إيران ما تملكه كوريا الشماليّة من صواريخ بعيدة المَدى قادِرة للوصول إلى العُمق الأمريكي، ولكن ما لَديها يكفي للوُصول إلى حُلفاء أمريكا وقواعِدها في المِنطقة، ونحن نتحدَّث هُنا عن إسرائيل أوّلاً، والقواعِد الأمريكيّة في دُوَل الخليج ثانِيًا. ثالثًا: التهديدات الأمريكيّة الأُخرى قد تَدفع إيران إلى تعزيز وجودها في سورية المُرشَّحة لكي تكون ميدان المُواجَهات مع إسرائيل حتى لو اعترضت موسكو على ذلك، وهي قادِرة في هذهِ الحالة للوصول إلى حيفا وتل أبيب ويافا وعكا وصفد والقُدس المُحتلَّة. رابعًا: تَملُك إيران “ميليشيات عَسكريّة” تُشكِّل جُيوشًا مُوازِية، مِثل الحرس الثوري الإيراني، و”حزب الله” في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والحَشد الشعبي في العِراق، و”حماس″ في الأراضي المُحتلَّة، وهذهِ الأذرعة العسكريّة، مُجتَمِعة أو مُتفرِّقة، يُمكِن أن تتحوَّل إلى أذرُعٍ ضارِبة لزَعزعة أمن واستقرار إسرائيل ومُعظَم دُوَل الخليج التي سارَعت للتَّرحيب بالاستراتيجيّة الأمريكيّة الجَديدة.