آمال قرامي في "منتدى التقدم": الموجة الإفتائية هي انعكاس لإسلام طقوسي استعراضي يريد به البعض كسب مقاعد إعلامية وشعبوية كريشان: على المؤسسات الدينية الرسمية أن تتحمل مسؤوليتها عزت الأستاذة آمال قرامي في اللقاء الفكري الذي احتضنه منتدى التقدم يوم الجمعة 28 ماي الجاري بمقر جريدة الوحدة(أسبوعية-معارضة) بتونس العاصمة الفوضى التي أحدثتها الفتاوى الدينية المنتشرة في البلدان العربية بمختلف تصنيفاتها الوهابية والمذهبية والرسمية وغير الرسمية والسنية..إلى مخطط يسعى إلى تغيير العقليات من خلال نمط ارتدادي نكوصي يحمل في طياته الردة عن المجتمعات المعاصرة بالممكن وغير الممكن من الوسائل التي تصل إلى حد التكفير والاعتداء الأخلاقي وحتى التهديد بالتصفيات الجسدية للمبدعين والمثقفين والمفكرين العقلانيين. واعتبرت في كلمتها التي ألقتها في حضور عدد من الإعلاميين والمثقفين والسياسيين أن تصدّر غير الأكفاء في الإفتاء في شؤون المسلمين من الوهابيين وشيوخ الطريقة والصوفيين أنتج حالة من الفوضى ذات استتباعات خطيرة على المجتمعات العربية مما يستوجب تدخل السلطات لردعهم وحماية المشروع التحديثي والمكتسبات الحضارية التنويرية. وبعد جرد معمق لتاريخية الفتوى وجذورها الاجتماعية والسياسية أبرزت السيدة آمال قرامي التنافس الشديد بين المفتين الرسميين وغير الرسميين والرجال والنساء بحثا عن الشهرة من خلال المزايدة الإفتائية والبحث عن الإثارة عند إصدار الفتوى للجمهور عن طريق وسائل الإعلام والقنوات الدينية المختصة عند إجابتهم عن تساؤلاتهم المطروحة على الهواء حول مختلف تفاصيل حياتهم والتي تسقط في كثير من الأحيان في السذاجة والبساطة من قبيل الأسئلة التي تطرح حول أدوات التجميل والرياضة واللبس وغيرها من المسائل. وتساءلت في ذات السياق عن دور الإعلام الذي انزاح عن وظيفته الأصلية في الإخبار المهني والموضوعي إلى البحث عن الإثارة بنشر مختلف هذه الفتاوى التي اعتبرتها مسيئة للإنسان وكرامته خاصة تلك التي تهدد المكتسبات العقلية التنويرية والمنظومة القيمية التي أنتجتها الحضارة الإنسانية المتقدمة. وترى الباحثة أنّ هذه الفتاوى تهدف للتفرقة بين أبناء الجنس الواحد والديانة الوحدة والمذاهب المختلفة بالتحريض على كراهية الآخر للفصل بينهم وخلق العداوات بين السني والشيعي والمسيحي والمسلم وهكذا. وتضيف بأن الفتاوى الوهابية تسيء للسلف والإسلام ولا تخدمهما في شيء إذ أن ادعاءها مثلا محاكاة السلف في سيرته بإصدار فتاوى ثم التراجع عنها يفقدها مصداقيتها . كما تعتبر الأستاذة قرامي أن خلفية مُصدري الفتاوى هي إرساء مشروع عمراني بشري اجتماعي مكان المجتمع الحديث وتأصيل نموذج ارتدادي مكان دولة المؤسسات والقوانين والحريات المدنية وأن فوضى سريانها تتجاوز الرقعة الجغرافية التي وجدت فيها وإلا ما معنى، حسب كلامها، إصدار فتاوى في تونس من قبيل إجازة الطلاق مشافهة وتشريع ضرب النساء لتأديبهن ، وتضيف بأنه واقع ينحو تجاه هيمنة الديني على السياسي والثقافي والحضاري كما يحدث في زمن الخوارج والتطرف. وتوضح بأن هذه الموجة الإفتائية هي انعكاس لإسلام طقوسي استعراضي يريد به البعض كسب مقاعد إعلامية وشعبوية داخل مجتمعاتهم من خلال نشر الكره ضد المخالف والمجتهد وخاصة النساء اللاتي خصصن بكم هائل من الفتاوى المسيئة إليهن . إلى ذلك نوهت السيدة آمال قرامي بالفتاوى ذات الطابع الاجتهادي التي تهدف إلى تيسير حياة المسلمين ونشر الاعتدال في حياتهم من خلال الاجتهاد والتي وقع تهميشها من قبل الهجوم القوي للفتاوى الوهابية. وفي ختام كلمتها أبرزت أنه بالإمكان مواجهة الخطاب الدعوي الرجعي من خلال المنتج الثقافي الفكري العقلاني من أجل التصالح مع أزماننا والعيش داخل التاريخ لا خارجه. وفي سياق متصل أثار الصحفي بمجلة حقائق الناطقة بالفرنسية زياد كريشان موضوع الفتاوى الدينية من زاوية إشكالية أخرى إذ اعتبر أن المسألة الأخطر من التوظيف السياسي في موضوع الفتاوى هو تحول السؤال عن الدين إلى سؤال لكل مواطن من خلال الاتصال المعولم الذي جعل السؤال مقبولا على الهواء ورأى أن المشكلة تكمن في الجهة المجيبة على التساؤلات الدينية وحدود تساؤلات المواطنين في حد ذاتها وطرح إشكالا في ذات السياق والمتمثل في : ما المانع من طرح تساؤلات حول حدود السؤال الديني ؟ ، ويرى كريشان بأن المعركة الأساسية تدور حول هذه النقاط إذ من المفروض حسب رأيه أن تتحمل المؤسسات الدينية الرسمية مسؤوليتها في هذا المجال. أما الأستاذ عادل الحاج سالم فقد عبر عن سخطه من الحملة التي اعتبرها إرهابية في الفترة الفارطة من قبل بعض وسائل الإعلام الوطنية، والتي يقوم بها أناس محسوبون على السلطة ضد عدد من الباحثات والمبدعات التونسيات أمثال رجاء بن سلامة وألفة يوسف، وسلوى الشرفي على الموقع الاجتماعي فايسبوك وغيرهن من المثقفات التونسيات واتهامهن بالزندقة والشذوذ وهو ما عزاه تهيئ لصعود جناح متدين في السلطة وراء هذه الحملة. كما انتقد الخط الإعلامي لإذاعة الزيتونة الذي يرى بأنه يرتد إلى إسلام الزوايا والطرق الصوفية. وذكر بأن الدولة التي تريد لنفسها الحداثة أن تحترم الدين والناس وتضع المسؤولين الأكفاء الفاهمين للشأن الديني فهما جيدا من أجل تجاوز كل ما يسم هذا المجتمع من تخلف.