عاجل/ هذا ما كشفته ايران عن حادث سقوط طائرة "رئيسي"..    جندوبة: السيطرة على حريق أتى على 3 هكتارات من حقول القمح    سعيّد يدعو للاسراع في تسوية أوضاع عمال الحضائر والمتعاقدين والمتقاعدين    صفاقس.. إنهاء تكليف كاتب عام بلدية العين    مصر.. مصرع 9 وإصابة 9 آخرين في حادثة سقوط حافلة بنهر النيل    المحمدية: الكشف عن مستودع معد لإخفاء السيارات والاحتفاظ بنفرين    صفاقس : نقص كبير في أدوية العلاج الكيميائي فمن يرفع المُعاناة عن مرضى السرطان؟    تقليد السيّد منجي الباوندي المتحصّل على جائزة نوبل للكيمياء لسنة 2023.    صفاقس : كشك الموسيقى تحفة فنية في حاجة الى محيط جميل    دربي العاصمة يوم الأحد 2 جوان    التوقعات الجوية لهذه الليلة    التضامن: حجز 100 صفيحة من مخدر القنب الهندي    ارتفاع نسبة السيّاح البريطانيين الوافدين على المنطقة السياحية سوسة القنطاوي    سيدي بوزيد: جداريات تزين مدرسة الزهور بالمزونة (صور)    عاجل/ البرلمان يصادق على قرض جديد بقيمة 300 مليون دولار    يُخفي بضاعة مهربة داخل أكياس نفايات !!    20 مسماراً وأسلاك معدنية في بطن مريض    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    وزير الداخلية: 53 ألف شخص حاولوا اجتياز الحدود البحرية خلسة منذ بداية العام    البريد التونسي ونظيره الموريتاني يُوقّعان اتفاقية تعاون    بسبب مذكرة الاعتقال ضدّ نتنياهو: المدعي العام للجنائية الدولية يتلقى تهديدات    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    نبيل عمّار يتلقّى دعوة من نظيره القطري لزيارة الدّوحة    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    النادي الصفاقسي: اليوم إنطلاق تربص سوسة .. إستعدادا لمواجهة الكلاسيكو    الاحتفاظ بتونسي وأجنبي يصنعان المشروبات الكحولية ويروّجانها    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    ارتفاع أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    السّواسي ..تركيز برنامج المدارس الرقميّة بالمدرسة الابتدائية الكساسبة    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    الرئاسة السورية: تشخيص إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    عشرات الهزات الأرضية غير المسبوقة تثير الذعر في جنوب إيطاليا    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستذكره طويلا الساحة السياسية والحقوقية والديبلوماسية
نشر في السياسية يوم 01 - 06 - 2009

المناضل الكبير والديبلوماسي القدير الرشيد إدريس في ذمّة الله
نعي : التجمع الدستوري الديمقراطي
الرشيد إدريس في ذمّة التاريخ
خالد عبيد: مؤرخ جامعي
رحيل ديبلوماسي.. كاتب وشاهد على العصر
بقلم:كمال بن يونس
انتقل إلى جوار ربّه المغفور له الرجل المناضل الرشيد إدريس عن سن تناهز 92 سنة ،اسم له وقع كبير في الحياة السياسية والديبلوماسيّة التونسيّة، و"السياسية" تقدّم بأحرّ تعازيها لعائلة الفقيد وأهله سائلة اللّه له المغفرة ولهم جميل الصبر والسلوان و"إنّا للّه وإنّا إليه راجعون"، في ما يلي نص النعي الّذي أصدره التجمّع الدستوري الديمقراطي ومقالان مهمّان نشرتهما جريدة "الصباح" تخليدا للفقيد ولمآثره:
التجمع الدستوري الديمقراطي
نعي
المناضل الكبير والديبلوماسي القدير الرشيد إدريس في ذمّة الله
ببالغ الأسى والحسرة ينعى التجمع الدستوري الديمقراطي المرحوم المناضل الكبير و الديبلوماسي القدير الرشيد ادريس الذي انتقل الى جوار ربه عن سن تناهز 92 سنة مليئة بالذكريات والأحداث، أمضى أغلبها في الدفاع عن القضية الوطنية والتعريف بها في المحافل العربية والدولية.
لقد فقدت الأسرة التجمعية في الراحل الرشيد ادريس المناضل الصادق والديبلوماسي القدير والكاتب والشاعر خسارة كبيرة للوطن.
والمناضل الرشيد ادريس من مواليد مدينة تونس في 27 جانفي 1917 نشأ في أسرة عريقة في النضال، عاش جلّ الأحداث السياسية طيلة طفولته كأحداث التجنيس وزاول تعليمه بالمدرسة الصادقية وتحصل على شهادة انتهاء الدروس بها.
انضم المغفور له في صفوف الحزب الحر الدستوري منذ نعومة أظفاره وهو في السابعة عشرة من عمره حيث وقع استنطاقه سنة 1936 من قبل مصالح الأمن لمشاركته في مظاهرة سياسية، كما ساهم في تحرير العديد من الصحف التونسية من بينها «تونس الفتاة»، وأشرف على تكوين العديد من الشباب واعداده للمقاومة ضد المستعمر.
لقد كان المرحوم في وسعه أن يعيش حياة كريمة كغيره من أبناء جيله، لكنه آثر حب الوطن ونصرة القضية التونسية عن حب النفس، ونال نصيبه من الاضطهاد والابعاد وزجّ به في السجن لمدة 3 أشهر اثر مشاركته في حوادث 9 أفريل 1938 ولم تثنه التتبعات والاضطهادات عن نصرة القضية الوطنية، فتصدرمع اخوان آخرين عدة مظاهرات واضرابات ضد الاحتلال الفرنسي، أسفرت عن حوادث دامية ومصادمات عنيفة مع البوليس أثرت على معنويات غلاة النظام الاستعماري وزعزعت أركانه، فتمّ اعتقاله للمرة الثالثة وأصدرت فيه المحاكم الفرنسية العسكرية حكما بخمس سنوات سجنا وعشر سنوات نفيا، وأفرج عنه سنة 1942 ليعود الى سالف نشاطه، ويكلف بمغادرة أرض الوطن نحو المهجر للتعريف بالقضية التونسية وفضح نوايا الاستعمار، مما أدى الى الحكم عليه غيابيا بالاعدام سنة 1946.
التحق رحمه الله في المدة 1946 1952 بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بمنفاه بالقاهرة وشارك معه في بعث «مكتب المغرب العربي»، كما مثل الحزب الحر الدستوري الجديد بكل من «أندونيسيا» و«باكستان» وبعودته الى القاهرة أشرف على تسيير الفريق التونسي للجنة تحرير شمال افريقيا.
وفي أعقاب الاعلان عن الاستقلال الداخلي سنة 1955، عاد الى أرض الوطن ليشرف على جريدة «العمل» لسان الحزب الحرّ الدستوري الجديد، ويعيّن ملحقا بديوان الزعيم بورقيبة في أول حكومة لتونس المستقلة، ثم يشرف على قسم افريقيا آسيا بوزارة الخارجية، وانتخب عضوا بالمجلس التأسيسي وكان من جملة النواب الفاعلين في تغيير حكم البايات الى الحكم الجمهوري في الاعلان التاريخي للجمهورية في 25 جويلية 1957.
كما سمي من 1957 الى 1964 وزيرا للبريد والبرق والهاتف وكانت له مساهمات بصفته تلك في اعداد مخطط التنمية.
وفي سنة 1959 أعيد انتخابه نائبا بمجلس الأمة وعين عضوا بالديوان السياسي، وفي سنة 1964 انتخب أثناء مؤتمر المصير ببنزرت عضوا باللجنة المركزية وعضوا بالديوان السياسي وبعد ذلك من 1964 الى 1969 سمي ممثلا قارا لتونس لدى منظمة الأمم المتحدة بنيويورك ورئيسا للوفد التونسي لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي وسفيرا لها بواشنطن وبمكسيكو.
كان رحمه الله مقتنعا بمحاولة التغلب على المشاكل الدولية والقضايا العالمية التي تنادي بالحقوق والمساواة فتمّ انتخابه سنة 1970 كاهية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ثم رئيسا له سنة 1971 وشارك بانتظام في كل أنشطة الهياكل الأممية بنيويورك، وترأس في العديد من المناسبات الوفود التونسية في ندوات التعاون الفني والمساعي الحميدة ومراجعة ميثاق الأمم المتحدة، كما تحمل مسؤولية كاهية رئيس للعديد من التجمعات والكتل الاقليمية، وأسس سنة 1980 جمعية الدراسات الدولية وأدار مجلة «دراسات دولية» الصادرة عنها.
واصل رحمه الله نضاله بالقلم ونشرت له مقالات وكتابات مختلفة في التاريخ والسياسة والحريات والرأي وتحمس للغة العربية، فدعا الى التعريب حين كان وزيرا، وكان يؤكد أنه مصدر من مصادر حفظ الهوية والدفاع عن الذات وللمرحوم مؤلفات عديدة في السياسة منها كتاب «من باب سويقة الى منهاتن» باللغة العربية.
والمرحوم الرشيد ادريس من أوائل المساندين للتحول المبارك حيث عبر عن وفائه وإيمانه بمبادئ التغيير، وتقديرا لمسيرته النضالية الزاخرة بالعطاء عيّنه سيادة الرئيس زين العابدين بن علي على رأس الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية، كما حظي الفقيد في قائم حياته وأثناء مرضه بعناية ورعاية سيادته الذي شمله بعطفه وذلك بتكليف العديد من الشخصيات الوطنية القيام بزيارته والاطمئنان على صحته الى ان وافاه الأجل المحتوم.
والفقيد العزيز يحمل الصنف الأكبر من وسام الاستقلال ووسام الجمهورية والصنف الثاني من وسام السابع من نوفمبر والصنف الأول من وسام الثقافة وعدة أوسمة عربية وأجنبية أخرى. كما تحصل سنة 1993 على جائزة رئيس الجمهورية لحقوق الانسان.
ورغم وضعه الصحي، فإنه لم يبخل بمشاركاته في مختلف المنتديات الثقافية والسياسية وغيرها.
واثر الاعلان عن نبإ وفاته، عبر سيادة الرئيس زين العابدين بن علي عن عميق تأثره الشديد لهذا المصاب الجلل وتقديم تعازيه الى عائلة الفقيد.
هذا وسيتم تشييع جثمانه الطاهر صبيحة هذا اليوم الأحد 6 سبتمبر حيث يكون الخروج من مقر سكناه بقرطاج الرئاسة على الساعة العاشرة ويكون موكب الدفن بمقبره قرطاج بيرصا في حدود الساعة الحادية عشرة.
وبهذه المناسبة الأليمة يتقدم الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي ورئيس المجلس الاستشاري للمقاومين ورئيس دائرة المناضلين بالتجمع بأحرّ التعازي الى عائلة الفقيد والى كافة المقاومين والمناضلين والاطارات التجمعية داعين الله أن يتقبله بواسع رحمته ويسكنه فراديس جناته ويرزق أهله وذويه والأسرة التجمعية الموسعة جميل الصبر والسلوان.
إنّا للّه وإنّا إليه راجعون
------------------------------------------------------------------------
الرشيد إدريس في ذمّة التاريخ
خالد عبيد مؤرخ جامعي
تعجز الكلمات عن التعبير عمّا يختلج في خاطري كما ذاكرتي كما عاطفتي ووجداني من مشاعر وأحاسيس وارتسامات تجاه من اعتبرته ولا زلت أحد آخر "ديناصورات" النضال الوطني التونسي بالمعنى الايجابي للكلمة، لقد فارقنا الرشيد إدريس وهو متمسّك بالحياة تمسّك المؤمن بأنّ الموت حقّ عليه، لقد فارقنا الرشيد إدريس بعد حياة نضالية زاخرة، وهب فيها نفسه لهذا الوطن دون حساب ودون كلل أو ملل، ضحّى بنفسه من أجل هذه البلاد عندما كانت التضحية عنوانا للتهوّر والمجازفة، افتتن في مراهقته بفتاة ولا ككلّ الفتيات،وتتيّم بها إلى حدّ الوله، وسخّر كلّ جهده وكلّ طاقته، التي لم تنضب أبدا إلاّ الآن مع وفاته، إليها، إلى تونس، الذي عشقها فخاطر بحياته من أجلها وحُشر في السجون بسببها وهو لا يبالي، بل تراه في زنزانات السجن المدني أسدا صهورا كما حدّثني عنه رفاق سجنه، وكان يبعث الحماس والحميّة الوطنية لدى مناضلي حزب الدستور الجديد المسجونين معه، في ظرف عزّ فيه النضال وتوارى عنه كلّ من كانت نفسه ضعيفة تأبه العسف والقمع الفرنسي، وزُلزل المناضلون فلم يبق منهم إلاّ اليسير الذي حُشر أغلبه في السجون خلال محنة أفريل 1938 وما بعدها، كان صوته يجلجل في ردهات هذا السجن وغرفه، حاثّا على الصبر والصمود، واستنبط إذاعة أسماها إذاعة سين سين ينقل فيها من خلال صوته أخبار عالم خارج السجن، وينفث فيها حماسا بات عزيزا، فلم تزده سنوات السجن إلاّ إصرارا على النضال وتمسّكا بحبّ بلاده والتضحية من أجلها، وهو الذي كانت له اليد الطولى في إنقاذ حزب الدستور الجديد من التلاشي بعد أن اكتشف أمر الدكتور الحبيب ثامر والديوان السياسي السرّي السادس في جانفي 1941، فكان أن تسلّم الأمانة وأسّس مع رفاق له الديوان السياسي السرّي السابع، الذي استمرّ إلى حدّ جويلية 1941، تاريخ انكشافه ومن ثمّة اعتقال الرشيد إدريس والبعض من رفاقه.
وتحمّل الرشيد إدريس النفي عن بلاده تونس لمدّة 12 سنة، منذ سنة 1943، وحكم عليه الفرنسيون بالاعدام في أفريل 1946 بتهمة هي ذاتها في حاجة إلى إثبات وإلى إعادة قراءة جديدة بعيدا عن تصفية الحسابات الضيّقة.!
المصدر: "الصباح" (يومية – تونس) بتاريخ 6 سبتمبر 2009
------------------------------------------------------------------------
رحيل ديبلوماسي.. كاتب وشاهد على العصر
بقلم:كمال بن يونس
تونس الصباح
فجعت الاوساط الثقافية والسياسية والحقوقية والدبلوماسية أمس في المناضل الوطني والكاتب المثقف والسفير والوزير في أول حكومة أسسها الزعيم بورقيبة بعد إعلان الجمهورية الرشيد إدريس عن عمر ناهز 93 عاما..
وقد كان المناضل الرشيد إدريس حتى الاسابيع القليلة الماضية مدمنا على القراءة والكتابة يتردد ويواكب بانتظام جل أنشطة جمعية دراسات دولية التي أسسها مع نخبة من المثقفين عام 1981.. فتولت إصدار مجلة فصلية علمية من الحجم الكبير بالعربية والفرنسية وانفتحت مؤخرا على الانقليزية.. كما أصبح للجمعية معهد دراسات دولية معترف به من قبل اليونسكو والالكسو والامم المتحدة ينظم سنويا مئات المحاضرات لفائدة الطلبة والشباب والدبلوماسيين وعموم المواطنين..
والفقيد الكبير من أبرز نشطاء المجتمع المدني ومن بين مؤسسي جمعيات عديدة منذ مرحلة ما بين الحربين من بينها الشبيبة المدرسية والشبان المسلمون التي أسست جريدة تونس الفتاة وحركة الشباب المناصر للقضية الوطنية من داخل الحزب الدستوري ومن خارجه عبر الجمعيات والمنظمات الثقافية والادبية التي كانت تتخذ من الخلدونية في نهج العطارين مقرا لها بدعم من جمعية الشبان المسلمين.
في الهيئة العليا لحقوق الانسان
وقد كان الفقيد كرم من قبل سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي فعين عام 1991 رئيسا للهيئة العليا لحقوق الانسان واستقبله مرارا عديدة.كما حظيت جمعية دراسات دولية التي أسسها الفقيد عام 1981 ومجلتها ومعهد الدراسات التابع لها بدعم رئاسي وحكومي ومن المجتمع المدني والمثقفين المستقلين. فيما تم تعزيز جمعية دراسات دولية مؤخرا بهيئة مديرة موسعة وإدارة تنفيذية ومجلس علمي استشاري يضم عشرات المثقفين والاعلاميين البارزين والوزراء والسفراء السابقين والخبراء في الشؤون الدولية.
وقد ولد الرشيد ادريس بتونس في 27 جانفي 1917 ودرس بالصادقية.. وقد بدأ منذ 1934 النضال الجمعياتي في جمعية الشبيبة المدرسية ثم أسس مع يوسف بن عاشور ونخبة من الشباب الصادقي والزيتوني بينهم الصادق بسيس جمعية الشبان المسلمين التي أسست جريدة تونس الفتاة..
السجن والاعدام
وقد اعتقل الرشيد ادريس مرارا وحوكم بالاعدام واضطهد مرارا.. وعرف السجون لاول مرة عام 1936 اذ اوقف لمشاركته في مظاهرة سياسية وطنية ثم أوقف ثانية اثر حوادث 9 افريل 1938 وقضى ثلاثة اشهر بالسجن وفي 1940 اوقف للمرة الثالثة وحكم عليه بخمس سنوات سجنا وعشر سنوات نفيا.. وعندما افرج عنه في ديسمبر 1942 عاد الى سالف نشاطه السياسي بنشر صحيفتي "افريقيا الفتاة" و"الشباب" ثم غادر تونس وشرع في الدفاع عن القضية الوطنية في عدة بلدان مما ادى الى الحكم عليه بالاعدام من قبل محكمة عسكرية فرنسية بتونس (1946)..
وقد التحق في المنفى بالزعيم الحبيب بورقيبة في القاهرة حيث شارك في بعث مكتب المغرب العربي.. وما بين 1952 و1954 مثل الفقيد الكبير الحزب الحر الدستوري الجديد بالقاهرة واندونيسيا والباكستان وفيها تعرف على رفيقة دربه وزوجته لاحقا "جانين" المراسلة الصحفية آنذاك في شرق اسيا.. ثم عاد الى القاهرة حيث سير الفريق التونسي للجنة تحرير شمال افريقيا.. حتى 1955 تاريخ عودته الى ارض الوطن فانحاز الى الزعيم بورقيبة الذي كلفه بالاشراف على ادارة جريدة "العمل" لسان الحزب الحر الدستوري الجديد.. وغداة الإعلان على الاستقلال عينه بورقيبة ملحقا بديوانه في اول حكومة لتونس المستقلة ثم اشرف على قسم افريقيا-آسيا بوزارة الخارجية.. و شارك في الانتخابات وانتخب عضوا بالمجلس التأسيسي..
عضو في أول حكومة
ثم عين وزيرا في أول حكومة شكلها بورقيبة بعد اعلان الجمهورية.. فترأس حقيبة للبريد والبرق والهاتف من 1957 الى 1964.. وقد استغل الزعيم بورقيبة شبكة العلاقات الدولية للرشيد ادريس واتقانه الانقليزية والاسبانية الى جانب الفرنسية والعربية فكلفه بمهمات دبلوماسية عديدة من بينها مهمة في 1961 حيث قام بمساع حميدة بامريكا الوسطى وامريكا اللاتينية بصفته مبعوثا خاصا للرئيس بورقيبة على اثر حوادث بنزرت (جويلية 1961)
ثم عينه سفيرا في واشنطن ومكسيكو من 1964 الى 1969 وقد زار بورقيبة في عهده الولايات المتحدة واستقبل من قبل الرئيس الامريكي جونسون..
وعام 1970 كلف الرشيد ادريس بخطة ممثل قار لتونس لدى منظمة الامم المتحدة بنيويورك ورئيسا للوفد التونسي لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاممي وفي 1971 انتخب رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الامم المتحدة.
وما بين 1970/1976 شارك بانتظام في كل انشطة الهياكل الاممية بنيويورك وتراس بصفة ممثل لتونس مرات عديدة الجلسة العامة للامم المتحدة.
وفي 1979 عين مبعوثا خاصا للرئيس بورقيبة لدى كل من الرئيس سركيس (لبنان) وياسر عرفات (رئيس منظمة التحرير الفلسطينية) ورئيسي اليمن الشمالي واليمن الجنوبي والسلطان قابوس سلطان عمان والى رئيسي دولتي قطر والبحرين..
بعد التغيير
وبعد التغيير كرم الرئيس زين العابدين بن علي المناضل الرشيد ادريس فاسند اليه جائزة رئيس الجمهورية لحقوق الانسان عام 1993 ووسام 7 نوفمبر ووسام الجمهورية..
وكلفه الرئيس بن علي بمهمات عديدة من بينها الوساطة بين العراق والكويت لمعالجة ملف المفقودين الكويتيين خلال مرحلة الغزو بالتنسيق مع الامانة العامة لجامعة الدول العربية .. كما كلفه الرئيس بن علي عام 1991 بتكوين ورئاسة لجنة التحقيق والاستقصاء في قضايا حقوق الانسان.
وفي 1996 شارك مع مناضلي جمعية دراسات دولية بتونس في تأسيس شبكة "اورومسكو" للدراسات الاورومتوسطية في نطاق مشروع برشلونة للشراكة.
إصدارات
وقد تابع الفقيد حتى العام الماضي اصدار الكتب التي غلبت عليها صبغة الشهادات تتويجا لسلسة من المؤلفات في رصيده من أبرزها: "من باب سويقة إلى مانهاتن" (باللغة العربية) A L'aube la lanterne ترجم إلى العربية بعنوان "فانوس الفجر" "ذكريات مكتب المغرب العربي في القاهرة" (بالعربية) و"من جاكرتا إلى قرطاج" (بالعربية) و"أرق على ورق" (بالعربية) ERRANCE (متاهات) (بالفرنسية) Reflet d'un combat (على هوى القلم) (بالفرنسية) "في طريق الجمهورية" (بالفرنسية)
شاهد على العصر
عرفت أجيال الفقيد الكبير.. وتميزت أنشطة جمعية دراسات دولية خلال الاعوام الماضية بحميمية الكلمات التي توجهت بها الى المناضل الرشيد ادريس شخصيات عرفته أيام الكفاح الوطني مثل السيد فؤاد المبزع أو بعده مثل السادة الحبيب بن يحيى والباجي قائد السبسي وسعيد بن مصطفى وطاقم وزارة الخارجية الذي عمل معه او تعلم منه.. وقد عرفت الفقيد عن قرب منذ عام 1984 عند اعداد رسالة جامعية تاريخية عن دور الجمعيات الشبابية في الحركة الوطنية ما بين الحربين.. وعرفته وهو يحتضر... وأحسن صفة يمكن اطلاقها عليه أنه كان فعلا شاهدا على العصر..
المصدر: "الصباح" (يومية – تونس) بتاريخ 6 سبتمبر 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.