التونسية أعلن كما هو معلوم مدرب المنتخب الجديد الهولندي رود كرول عن قائمة اللاعبين الذين سيمثلون المنتخب التونسي في مباراة الباراج ضدّ نظيره الكاميروني في الثالث عشر من هذا الشهر وحظيت القائمة الجديدة التي كشف عنها الفنيّ الهولندي بشبه إجماع لدى الأوساط الرياضية في تونس وهي تقريبا المرّة الأولى منذ سنوات التي تخرج فيها قائمة النسور عن المألوف وتقطع مع فلسفة القيل والقال... هذا الكلام لا يعني أن خيارات رود كرول لم تخل من بعض الشوائب وربّما بعض التأويلات لكن قياسا بما ألفناه سابقا حظيت قائمة الهولندي بمباركة علنية أخمدت ولو لحين سلبية الأغلبية الصامتة وقطعت الطريق أمام جبهات المعارضة التي كانت تترصّد من حين لآخر سقطات ساطعة كتلك التي أتاها نبيل معلول ومن سبقه في حضيرة المنتخب... قائمة المدرّب الهولندي كانت بمثابة رسالة مضمونة الوصول لأكثر من طرف والامتياز هذه المرّة في قراءات واختيارات رود كرول كان عنوانه القطع مع ممارسات الماضي وسياسة الولاء والمحاباة التي دفعت بأسماء مفلسة في تشكيلة المنتخب وغيبت أقداما أخرى كان باستطاعتها مدّ يد العون لو سنحت لها الفرصة... وبعيدا عن القراءات الفنية والتكتيكات الجوهرية وبمجرّد تصفحّ الأسماء تباعا يلوح أنّ المدرب الهولندي حاول قبل الوصول إلى توليفته المناسبة كسب ثقة الشارع الرياضي من خلال الاستنجاد بالأسماء الأكثر جاهزية ومن ثمّ تجديد العهد مع نجوم لها رصيد شعبي كبير في صفوف الجماهير على غرار ياسين الشيخاوي ولم ينس الهولندي كسر الفيتو المرفوع في وجه بعض اللاعبين الذين صار وجودهم مطلبا شعبيا على غرار وسام بن يحيى الذي تعتبر ورقته مهمة جدّا في تحديد نوعية العلاقة بين المنتخب وجمهوره ذلك أن قزم الإفريقي العملاق صنّف في كثير من المرّات من المظلومين لذلك يدخل الصفح عنه واستمالته من جديد في خانة المراودة وطمأنة الجماهير... دهاء الهولندي لم يقف عند هذا الحدّ فالجميع كان يترقّب سخاء منقطع النظير تجاه فريقه الأمّ ونعني النادي الصفاقسي حيث توهّم البعض ان القائمة ستكون حبلى بأقدام صفاقسية غير أنّ الهولندي باغت مقرّبيه قبل منتقديه حيث اقتصرت الدعوة على ثلاثة أسماء فقط بتعزيز مفاجئ إن صحّ القول يتعلّق بماهر الحناشي فيما حرم علي المعلول وبسام البولعابي من نيل هذا الشرف لينجو الهولندي بالتالي من تهمة المحاباة كما انّه وسّع من رقعة اختياراته لينفض الغبار عن صيام بن يوسف الذي نسيته الذاكرة الرياضية في تونس ويكون في صورة المدرّب المجتهد الذي تتجاوز بصيرته محيط أقدامه... كبرى العناوين في قائمة كرول وهي ربمّا التي كانت سببا مباشرا في نيله إجماع الملاحظين هي الاستغناء عن الثنائي يوسف المساكني وأسامة الدراجي اللذين كانا يتمتعان بحصانة سارية المفعول وإحالتهما على التقاعد الوجوبي كانت في نظر كثيرين ضربا من ضروب المستحيل لكن الهولندي لعبها صح ليؤشّر ضمنيا إلى إرساء عقلية جديدة في بناء تشكيلة المنتخب قوامها «الفورمة» والعطاء وتقطع مع سلطة الأسماء... المساكني والدرّاجي ليسا في أحسن حالاتهما مع ذلك كانا قريبين من حلم الباراج لولا فلسفة المدرب الهولندي الذي جازف بإقصائهما بشجاعة ما كان لمدرّب تونسي ان يتحلّى بها... رود كرول مدرّب المنتخب الجديد نجح نظريا وظاهريا في حوار الأذهان قبل المرور إلى لغة الأقدام في صدامنا مع الكاميرون فالقائمة خالية من نسمات السمسرة التي تعاقدت مع القائمات التي سبقت والأكيد أن خليفة معلول اجتهد على قدر استطاعته بقي أن يصيب في قراءته لواقع الكرة التونسية ونجاحه في تجاوز عقبة الأسود وهذا ما نتمناه جميعا سيؤشرّ لصفحة جديدة في تاريخ المنتخب التونسي قد تعيد الى الأذهان صولات وجولات نجوم الزمن الجميل...