مرَ حوالي شهرين عن تعيين رضا الأحول الرئيس المدير العام السابق للشركة الوطنية لأسواق الجملة مقرها الاجتماعي سوق الجملة ببئر القصعة من ولاية بن عروس، واليا على بنزرت وإلى حد الآن لم يقع تعيين مسؤول أول على سوق الجملة ببئر القصعة. وتعتبر سوق الجملة ببئر القصعة من اكبر وأهم أسواق الجملة في البلاد التونسية نظرا لكونها تستحوذ على حوالي 60 بالمائة من منتجات الخضر والغلال والأسماك علاوة على أن ولايات إقليم تونس الكبرى و الشمال والشمال الغربي وبعض ولايات الوسط تروج منتجاتها عبر هذه السوق بما يجعلها سوقا استراتيجية ومحورية لا سيما في توفير المواد الغذائية وتوزيعها على حوالي عشر الشعب التونسي. ورغم الاهمية التي تكتسيها سوق الجملة ببئر القصعة فإنها لا تزال من غير مسؤول أول يدير شؤونها و يأخذ المشعل عن سابقيه في تطوير السوق ومواصلة برنامج التأهيل الذي تم الشروع فيه على مستوى تجديد البناءات والفضاءات وخاصة إدخال النظم المعلوماتية بجعل الفوترة تتم بواسطة البرامج المعلوماتية والتدرج في إرساء عملية تصنيف المنتوجات. وللتذكير فإن سوق الجملة تحقق سنويا رقم معاملات يفوق 900 مليار بمعدل رقم معاملات بنحو 300 ألف دينار يوميا ويساهم في تشغيل أكثر من ألف عامل أغلبهم في التعاضدية المركزية لأسواق الجملة ببئر القصعة إضافة إلى أنها تستقبل يوميا أكثر من 3 ألاف شاحنة محملة بالبضائع والمنتوجات دون ذكر الحركية التجارية الهامة التي تساهم بها في الاقتصاد الوطني. وللتدليل على الاهمية المحورية لهذه السوق فقد سجلت إبان الثورة عدة تحركات احتجاجية نتج عنها تنفيذ العديد من الاضرابات ممّا أثَّر سلبا على نسق تزويد أسواق تونس الكبرى والولايات المجاورة، غير أنه تم تطويق هذه التحركات وتمت تسوية الوضعية بفضل بعض المسؤولين الأكفاء في وزارة التجارة والسياحة آنذاك وتحت إشراف مهدي حواص وزير التجارة والسياحة في زمن الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة المؤقتة في سنة 2011. ومنذ اكثر من سنة عرفت سوق الجملة ببئر القصعة هدوءا نسبيا باستثناء قضية المتصرفة القضائية التي تم تعيينها على رأس التعاضدية المركزية لعمال السوق وقد مثلت هذه القضية مسألة تجاذب نقابي بعيدا عن الادرة العامة التي واصلت عملها في كنف الشفافية والاستمرارية. الامر الثابت والمتأكد ان سوقا بهذا الحجم والثقل بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تعيين مسؤول كفء من داخل وزارة التجارة والصناعات التقليدية لا ينتمي إلى أي حزب أو تيار سياسي حتى يتمكن من الاشراف عليها والارتقاء بها إلى أفضل الدرجات والمستويات خاصة من حيث التقليص من المسالك الموازية والعمل على أن تدخل أكبر نسبة من المنتوجات السوق عبر المسالك المنظمة. المعلومات المتوفرة لدينا تفيد بأن وزير التجارة الحالي عبد الوهاب معطر سبق له وأن عيَن بطريقة غير رسمية رئيسي مديرين عامين اثنين في فترة متفاوتة غير انهما لم يثبتا جدارتهما وسرعان ما ابعدهما وارجعهما من حيث ما آتيا. هذان التعيينان لم يتمّا وفقا معايير موضوعية قائمة على أساس الكفاءة والجدارة بل تما على أساس المحاصصة الحزبية والحال ان الوزارة تعج بالكفاءات والاطارات التي تتمتع بالحرفية والخبرة وعلى دراية وعلى اطلاع بكيفية تأمين سير السوق لا سيما أنّ هناك من سبق له وان اشرف مباشرة من داخل الوزارة على تطويق الازمة التي عصفت بسوق الجملة منذ الفترة الاولى للثورة وما رافقها من تجاذبات. ما يمكن التأكيد عليه هو أن وضعية سوق الجملة ببئر القصعة لا يمكن أن تنتظر أكثر من هذا الوقت وأنها مشرفة على الشهر الثالث دون تعيين رئيس مدير عام جديد.