قضت المحكمة الادارية استعجاليا عشية أول أمس بايقاف تنفيذ الامرين عدد4451 لسنة 2013 وعدد 4452 2013 المؤرخين في 07 نوفمبر 2013 اللذين تولت رئاسة الحكومة بمقتضاهما تعيين رئيس للمحكمة العقارية ومتفقد عام لوزارة العدل دون اللجوء للهيئة الوقتية للقضاء العدلي. وقد أوضح الحبيب الأطرش الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية ل «التونسية» أن القرار الذي اتخذته رئيسة المحكمة الإدارية يتنزل في إطار القرارات التحفظية الاستعجالية وأنه على عكس ما ذهب إليه البعض فإن قرار المحكمة الإدارية لن يبطل مفعول الأمرين الصادرين عن رئاسة الحكومة وإنما سيوقفهما إلى حين البت في القضية الأصلية نهائيا واتخاذ قضاء المحكمة الادارية الإجراء المناسب في أصل الدعوتين المرفوعتين من اجل الغاء الأمرين لتجاوز السلطة في اتخاذهما حسب ما ورد في نص الدعوى . إنصاف للقضاة أمّا القاضي محمد العفيف الجعيدي فقد اعتبر في تعليق نشره على الصفحة الرسمية لنقابة القضاة التونسيين أن قرار ايقاف التنفيذ واسانيد اتخاذه يكشف بوضوح عن معاينة القضاء الاداري لعيوب شكلية في اوامر السلطة التنفيذية ترجح عدم مشروعية قراراتها، وتلزم السلطة التنفيذية بالتراجع عن تفعيل اوامرها وارجاع الحالة للوضعية التي سبقتها بما يعني عودة المتفقد العام ورئيس المحكمة العقارية لموقعيهما السابقين بصفة قانونية لا لبس فيها. وأضاف القاضي أن المحكمة الادارية رفضت مجاراة وزير العدل في محاولته ايجاد حاجة لتأويل فصول القانون عدد 13 لسنة 2013 المتعلق ببعث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بغاية ايجاد صلاحيات للسلطة التنفيذية للتدخل في التعيينات القضائية وأكدت المحكمة من خلال أحكامها أن نص القانون لا يقبل التأويل اعتبارا لوضوح صياغته في اسناد صلاحية الاشراف على القضاة في مسارهم المهني للهيئة دون سواها. وكان بالتالي قضاء المحكمة الادارية انتصارا للقضاء التونسي في مواجهته لمحاولات احياء قوانين الحقبة الاستبدادية بغاية استدامة تبعيته للسلطة التنفيذية. كما اعتبر الجعيدي أن قرار المحكمة الادارية ورد في توقيت مميز على اعتبار تزامنه مع حملة شرسة تعرض لها القضاء التونسي من قبل رموز السلطة الحاكمة والذين حاولوا ان يبرزوا للرأي العام القضاة الذين يطالبون بإلغاء اوامر التعيين كما لو كانوا يرفضون تطبيق القوانين السارية لاعتبارات سياسية ويسعون الى تعطيل عمل وزير العدل من خلال منعه من ممارسة صلاحياته. فبين قرارا المحكمة الادارية بشكل لا لبس فيه أن القضاة كانوا في تحركاتهم الاحتجاجية يوالون القانون ويدافعون عن مؤسسات الدولة ضد محاولات الالتفاف عليها وتوظيفها. وقال القاضي إن القرارات رفعت جزءا من الضيم عن قضاء بات يؤمن باستقلاليته ويسعى إلى القطع مع ماضي خضوعه للسلطة ليكون قادرا على القيام بدوره في تحقيق استحقاقات الثورة. غير أن تعدد جبهات المواجهة واستمرار السلطة السياسية في استغلال ترسانة القوانين التي ورثتها عن الحقبة الاستبدادية والتي تتعارض مع المبادئ الدولية لاستقلال القضاء تؤكد ان المعركة القضائية التي كسب القضاة جولتها الاولى لا يمكنها ان تختزل جبهات مواجهتهم لمحاولات تطويعهم.