حتى لا نبالغ ولا نتهم بالافتراء على بعض الزملاء تطالعنا أحيانا بعض المظاهر والصور الصحفية العابرة التي تبعث حقيقة على الدهشة والريبة وما يحدث حاليا في بعض البلاتوهات التلفزية الرياضية المتكالبة على السبق وحشد الجماهير يندى له الجبين ويثير الاشمئزاز حتى لا نقول شيئا آخر... الحدث كان استثنائيا نهاية الأسبوع الفارط والمادة الإعلامية فاضت عن اليمين والشمال بمناسبة تتويج النادي الصفاقسي بكأس الكاف والذي تزامن مع دربي العاصمة الذي يبقى رغم رتابته الملحوظة حدثا هاما يشدّ إليه الأنظار...تواتر الأحداث وتعاقبها بنسق حثيث جعل كلّ القنوات التلفزية بشقيها العام والخاص تتهافت على استقطاب المشاهدين من خلال الزجّ بجماهير في بلاتوهات صاخبة حبلى بالفنيين والمحليين ومن الأحد الرياضي إلى التاسعة سبورت إلى سويعة سبور وحتى الوصول إلى حصّة في الملعب على قناة المتوسط كانت الصورة تتمايل بمؤثراتها وأبعادها وتقنياتها الحديثة كلّ على طريقته وأسلوبه الخاص وإذا كان معزّ بن غربية متميزا كعادته في ظهوره الأوّل في برنامج التاسعة سبورت أوّلا لحرفيته وتميزه في إدارة الحوار وثانيا لقيمة الأسماء المتواجدة في حضرته وكذلك لثراء الربورتاجات والمادة الإعلامية المعروضة فإنّ البقية حافظوا على مسافة الأمان تجاه التميّز و اكتفوا بتسجيل الحضور لا غير من خلال العزف على وتر العواطف والأحاسيس الفياضة وأغاني الفيراج التي توقظ فينا بعض الحماسة وتنسينا ولو لحين كثيرا من الغثّ وبعض السمين لكن بين التميّز والغثاثة خيط رفيع وبين الجرأة والوقاحة فطنة عاقل وتجربة سنين وهذا ما تجاهلته قناة المتوسط بعمد أو دونه بعد أن وقع برنامج في الملعب في المحظور ليسرد على مسامعنا كلمات وعبارات لا تليق بأسرة إعلامية ترنو الترفّع عن الشعبوية وتنشد حجز المواقع الأمامية في المشهد الرياضي عندما تم عرض أهازيج لجماهير السي آس آس تمّس من حرمة وكرامة بقيّة الفرق المنافسة و تقوّي النعرات الجهوية بل تتهكم وتحتقر الجماهير الأخرى في لقطة أثارت استياء الجميع حتى «الصفاقسية» أنفسهم والغريب في الأمر أنّ مقدّم الحصّة المذكورة كان يتفاعل ويتمايل مع الأغنية قبل أن يحيي جمهور السي آس آس الحاضر في البلاتوه على صنيعه وعلى عذب الكلمات... للأمانة برنامج في الملعب ورغم انّه مولود إعلامي فتيّ نجح في خطواته الأولى في تثبيت أقدامه و التموقع في مقدّمة الركب لكن سعيه إلى التميّز وتجاوز منافسيه سريعا جعله يسقط في فخّ التسرّع ومن ثمّ الابتذال ويخسر كلّ ما جناه سابقا لانّ الجرم الذي اقترفته حصة في الملعب لا يغتفر والكلام الذي قيل في البلاتوه لا يصدر إلا من «فيراج الملعب»... قد يكون الأمر سهوا وضريبة تدافع على تميّز مزعوم لكن الجاهل لا يعذر بجهله والمصدح الذي يظلّ السبيل إمّا أن يلج بيت الطاعة في نظر كثيرين أو أن يكون نموذجا مشوّها لإعلام العار...وما حصل حقّا هو العار بعينه...